رسالة إلى "عثمان الخميس" بخصوص " عدنان إبراهيم" وإلى سائر الأمة.

رسالة إلى "عثمان الخميس" بخصوص " عدنان إبراهيم" وإلى سائر الأمة.
شاهدوا هذا الفيديو الذي يرفض فيه عثمان مناظرة عدنان واسمعوا لحججه التي لا تمت إلى الإسلام بصلة - وبفرض ثبوتها كل اتهاماته على عدنان -

https://www.youtube.com/watch?v=qSgx...eature=related


وكل هذا بعد أن كانت لهم ردود عليه كلها سب وإهانة قبيحة!.


وللتنبيه فأنا لا أتبع عدنان ، وإنما اعتقادي في الصحابة هو على ما في كتاب" العواصم من القواصم" لابن العربي، ولكن نقدي هذا هو على طرق تفكير من يزعمون الأحقية، وأن هذه الطرق ما هي إلا ضلال ودمار على الإسلام وأهله.


ثم أقول: يا شيخ عثمان كلامك لا يمت إلى الدين ولا العقل بصلة! فما رأيك في سب الله –سبحانه وتعالى-! هل هناك ذنب وجرم أعظم منه؟ طبعا لا، ومع ذلك فقد كان من أولى مقاصد القرآن الأساسية هي الرد على أهل الكتاب الذين سبوا الله وقالوا اتخذ ولدا وغير ذلك "جاء – القران الكريم- كاشفًا لما ستروه مبينًا لما كتموه حاكمًا فيما اختلفوا فيه {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ} سورة المائدة: الآية 15. {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}سورة النمل: الآية 76. {تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} سورة النحل: الآية 63 وما بعدها..

انظر إلى الآيات من سورتي النحل والنمل المكيتين كيف جعلت من مقاصد القرآن الأساسية بيان ما اختلف فيه أهل الكتاب، بل جعلته أول تلك المقاصد حيث بدأت به، وثنت بالهدى والرحمة للمؤمنين." النبأ العظيم " محمد دراز" ص 91.!!!!! {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}

الحقيقة يا شيخ عثمان أن فضيلتك وأمثالك من غالبيةالسلفيين عجزتم عن الدفاع عن الدين وعجزتم عن تعليم المسلمين إياه! وهو عجز لا يعذر به الله كما في الحديث" استعن بالله ولا تعجز"، والأدهى من ذلك أنكم تظهرون بمظهر علماء الدين وأوصياءه كاللابس ثوبي زور. والأعجب من ذلك كله أن هؤلاء ليسوا كخطباء الأزهر عندنا مثلاً الذين يعانون من فقر في المال يضطرهم للبحث عن الكسب الحلال مما يصرفهم عن إتقان مهمتهم الدينية! بل، هم لديهم من أسباب التوسعة ما لديهم! فلماذا عجزتم؟ سؤال يجب أن يُسأل لكم لو كان هناك أحد أو جماعات تهتم بأمر الإسلام -بما يجب الاهتمام به -، ولأنكم مفوضون من الأمة لأداء هذا الفرض الكفائي في خدمة الدين!، أعجزتم لعدم معرفتكم بطرق طلب العلم الشرعي الذي أوسعها أئمة النهضة الإسلامية المعاصرة بحثًا! فأعرضتم عنهم ؟ أم عجزتم لعدم قابلية عقولكم ومعادنكم لسلوك هذه الطريق التي توصل إلى صحيح الدين أصلاً؟ وهو ما نعرف أن الحكومات الإسلامية لها تدابير بحيث تجمع ذوي المعادن الضعيفة والعقول البليدة للتخصص في حماية الدين!.


والأعجب والأدهى من ذلك كله أن هؤلاء هم قادة الصحوة الإسلامية المعاصرة! مما يعني تصديرهم عقولِهم هذه إلى أبناء الصحوة وطلاب العلم حتى يكونوا مثلهم ولكي يفقد – المتفوقون – استعدادهم فتفسد معادنهم بعد أن كانت صالحة ابتداءً!. فالواقع المُشاهد أن هؤلاء حولوا دين الإسلام إلى دين التخلف ودين الكهانة ودين الزمجرة ودين العسكرة ودين الحلاليف ودين الأجلاف!، فتسببوا في ضعف التمسك بهذا الدين وتحويله إلى مصدر غم وهم وتخلف!.


صدقوني يا إخوة، لو هؤلاء وجدوا من يضطرهم إلى المضايق – كما حدث من عدنان – لوجدتموهم غارقين في تصورات فاسدة عن أصول الدين والكون كالموقف من أحد أنواع " الغيب" التي" تغيب عن حس الناس جميعا، ولكنه يكون في متناول عقولهم، إما بالتجربة والمقايسة،....، وإما بالاستدلالات العقلية...وهذا النوع من الغيب لا يتناوله العلمُ فقط بل يتناوله الإيمانُ الذي هو أخص من العلم إذ هو علمٌ يطمئن إليه القلبُ ويرتاحُ له الوجدانُ" د. محمد دراز" المختارم ن كنوز السنة ص 298، ولوجدتموهم يتصورون أن هذا النوع من الغيب لا يتناوله العلمُ أصلاً، ولوجدتموهم لهم تصورات فاسدة عن معنى " الدين" أو " العلم الشرعي" وقد تكلم عن ذلك الشيخ "محمد رشيد رضا" ولوجدتموهم لهم تصورات فاسدة عن ماهية " الكائن الإنساني" وطبيعة تركيبه وقد تكلم عن ذلك محمد دراز ورشيد رضا ومحمد عبده!! كل هذه التصورات الفاسدة مختفية تحت السطح الذي يظهرون فيه بمظهر العلماء الفقهاء! ولو وجدوا من يضطرهم ويضيق الخناق عليهم لظهر منهم ما كان مختفيًا !، وهي أخطاء وضلالات في أصول الدين والكون والوجود! مما يهدمهم هدما جذريا ويجعلهم غير صالحين للنظر في أمور الدين وعلاقته بالحياة! ويجعلهم – من حيث الأصل- مشتركين مع رجال الدين والكهنة في عصور أوروبا الوسطى عصور التخلف والفساد ، نعم، هم مشتركون معهم من حيث أصل التخلف والتصورات الفاسدة عن الدين والحياة – لا من حيث درجات ومستويات هذا التخلف -! ولربما ما خفي عني من تصوراتهم الفاسدة كان أعظم.


نسأل الله أن يمن على الأمة بذوي عقول واعية ينشرون دينه الراقي، فيصححون تصورات الناس التي أفسدها أهل البلادة، آمين.

------------------------------------------------
 
أحد المديرين بإحدى المنتديات حذف الموضوع وكتب في سبب الحذف " اتهامات لا أساس لها من الصحة" وكما ترون أسلوب مستفز ولم يذكر محل النقد ليتم السجال العلمي فيه! وهو كعادتهم إما السب والاهانة أو – أحسنهم حالا – يكتفي بعبارات باردة كهذه تبعث على الاستفزاز دون صريح السب، لأنهم لا ينظرون للإسلام باعتباره " دين علم" يُنظر فيه بأسلوب التفكير العلمي – كما سيأتي بيانه من كلام العلماء - ولكنهم ينظرون له بإعتباره هو مئات الكتب القديمة وما علينا إلا حفظها ونقل ما فيها!!. وأنا وإن كنت لا أدري بالضبط ما هي المواطن في مقالي التي يصفها بجملته هذه! – وكعادتهم لا يستطيعون الإبانة عن مراداتهم! فسأجتهد لأحدد مراده ثم أجيب عليها، لأني أتعهد الاجابة عن أغلب ما أكتبه إجابات علمية لأني لست بليدا مثلهم فأكتب ما لا أفهمه بالأسلوب العلمي!، أعتقد أنه يقصد اتهاماتي الأخيرة في المقال، وبناء عليه فأقول في عجالة سريعة:
قلت في مقالي عنهم " يتصورون أن هذا النوع من الغيب لا يتناوله العلمُ أصلاً،" ودليل ثبوت هذا الاتهام هو محاضرة الشيخ " صالح آل الشيخ" عن العلم والفكر وقد عد " الفكر" ليس علمًا – وهي محاضرة من أشهر محاضراته! وقال لأن العلم هو الذي لا يتغير أما الفكر فيتغير!! وهذا كلام صريح منه في عدم الإعتداد بهذا النوع من الغيب في العلوم" وهو العلوم الانسانية والاجتماعية كعلم السياسة والاجتماع وما تفرع عنهما من علوم جديدة وعلوم التنمية البشرية وغيرهاوعلوم الأخلاق وكل العلوم المعيارية" .
ثم قلت" ولوجدتموهم لهم تصورات فاسدة عن معنى " الدين" أو " العلم الشرعي" وقد تكلم عن ذلك الشيخ "محمد رشيد رضا". ودليل هذا في قول الشيخ رشيد رضا وهو "يصف الشيخ الإمام " محمد رشيد رضا" العالِمَ الحقيقي الذي يعلق عليه أملاً في الإصلاح وأداء الواجب الإسلامي في بناء الأمة فيقول:" لا أعني بالعلماء من قرأ حواشي الصبان على الأشموني، ومطولات الفقه بحيث يقدر على التنكيت في قوله... وإنما أعني بالعلماء كل من له وقوف على سر الدين وحكَم التشريع وانطباق أحكام الإسلام على مصالح البشر وتأثيرها في سعادتهم في الدارين، وحكَمه في وضع الأشياء في مواضعها، ومخاطبة الناس على قدر عقولهم وإعطائهم ما تمس إليه حاجتهم، وإنما تجتمع هذه الصفات لمن يجمع بين العلم بأخلاق الدين وعقائده وآدابه والعلم بأحوال الناس وشئونهم ومرامي أفكارهم وكيفية معاملاتهم" وهذه الجملة الأخيرة هم أبعد الناس عن علمها من مصادرها وهل العلم بشئون الناس ومرامي فكرهم من "العلم" بحسب تعريف الشيخ صالح له؟!" وهذا كلام آخر للدكتور محمد دراز في مقدمة كتاب" المختارمن كنوز اسنة شرح أربعين حديثا في أصول الدين" :"واعلم أنك لن تجد ههنا من الأحاديث ما فيه تفصيل لكيفية الوضوء والصلاة وأحكام الطلاق والظهار والمواريث والحدود ونحوها من الفروع التي أوسعها الفقهاء بحثًا واختلافًا، فإن طالب تلك الفروع إن كان من الجمهور فكتب الفقه أدنى إلى تناوله، وإن كان من الخواص، أعني من طلاب الاجتهاد أو الترجيح في الشريعة، فإنه يجد ضالته عند " ابن تيمية الأكبر" في " المنتقى" و " ابن حجر" في " بلوغ المرام" وأمثالهما من الكتب التي عُنيت بجمع أحاديث الأحكام خاصة وعُنيت شروحها ببيان وجوه الاستنباط منها، ووصف معترك الخلاف فيها بين المجتهدين.
ولكنك ستجد إن شاء الله في هذا " المختار" ضربًا من الحديث كان متفرقًا في كتب السنة تفرُّق الذهب في مناجمه ولا أعلم أحدا أفرده بالتأليف قبل اليوم على شدة حاجة الناس إليه وقلِّة اختلاف الفقهاء فيه. هذا الضَّرب من الحديث منه تُستَمد أصولُ العقائد الإسلامية، وأصول الأحكام العملية والآداب الشخصية، والاجتماعية، والسيرة الصحيحة النبوية ومنه تتجلَّى عظمة الإسلام في متانة عقائده، وجماله في سهولة تعاليمه وسمو مقاصده، وبه تجد الدعوة إلى الدين مساغًا في نفوس جاهليه، وتزداد محبته تمكنًا في قلوب أهليه وفيه ما يحتاجه العقل من تثقيف، والنفس من تهذيب وإليك نموذجًا من هذه المجموعة:" !! فأين هم من هذه العلوم الشرعية التي يحتاجها أهل العصر!! إنما وضعوا كل جهودهم في العلوم التي قتلها علماء الاسلام بحثا واختلافا لأنها لا تحتاج في إحيائها إلا للنقل والحفظ وللفهم العادي ولا تتحتاج لعناء فكري كالتي ضرب الدكتور لها مثلا ،وأضيف كالعلم الذي يسمونه " العقيدة" وهو في الحقيقة ليس العقيدة ولكنه علم" ضوابط العقيدة!" ويكفي كل مسلم منه كتاب 100 صفحة تقريبا وفقط! ولكنهم ملأوا كتبهم ب" ضوابط العقيدة" مفهمين الناس وطلاب العلم أنه علم" العقيدة!" كما يقول شيخنا محمد اسماعيل المقدم.
وقلت في المقال"  ولوجدتموهم لهم تصورات فاسدة عن ماهية " الكائن الإنساني" وطبيعة تركيبه وقد تكلم عن ذلك محمد دراز ورشيد رضا ومحمد عبده!!" والدليل على  ذلك من كلام الدكتور محمد دراز في دروسه التي طرحها على شكل حوار بين مربي ومُتعلم  يحكي مذاهب الاسلامين في تصور طبيعة الكائن الإنساني وعلاقته بالمسئولية الدينية والكونية التي سيُسأل عنها يوم القيامة وفي الدنيا قانونيًا – أي في بعضها - :" وسوف ترى أن هذه المسؤولية الأولى بدورها أبعد عمقًا وأوسع نطاقًا، وأعلى ذروة، من أن تبرز حدودها في تلك الكلمة المشهورة: مسؤولية كل امرئ عن عمل نفسه.. ذلك أن كلمة العمل، أقرب ما يفهم منها، تلك الحركات الظاهرة التي من شأنها أن تقع تحت الحس، وأن تكون في متناول السمع والبصر.. على أننا حتى لو أخذنا كلمة العمل – بأوسع معانيها – لتنتظم الأعمال الظاهرة والباطنة فإنها لا تتناول وسائل العمل نفسها؛ من القوى والمَلَكات والمواهب، وسائر المقدرات الذاتية والخارجية، التي سنُسأل عنها، وعن وجوه انتفاعنا بها.. وأخيرًا، فإن كلمة العمل أكثر ما تصور لنا العامل؛ اما فردًا مستقلا منعزلا يعمل لحساب نفسه، واما فردا يعامل فردا. وقلما تصوره لنا رأسًا مدبرًا، مهيمنًا على منطقة أو مناطق من العالم، مسؤولاً عن صلاحها واستقامتها، واتجاهها قُدمًا الى غايتها.
-
النظرة الأولى؛ التي تقف بالمسؤوليات عند حدَ الأقوال والأعمال الظاهرة، نظرةٌ قشرية سطحية، لا تنفذ الى جوهر الأمور ولبها، انها تفترض الانسان آلة لا قلب لها. والنظرة الثانية: التي تنظر الى مفردات الأعمال وآحادها لترى: هل أداها المرءُ على تمامها؟. نظرة عددية؛ تختبر من المرء قوتَه الذاكرة، لا قوته المفكرة، كأنما تفترضه نصف آلة، أو آلة حاسبة.
والنظرة الثانية: التي تعتبر من كل امرئ الا مسئوليته الفردية. تفتت الانسانية تفتيتًا يجعلها ذرات متناثرة لا سلطان لها على الكون، ولا هيمنة لبعضها على بعض
ان الصورة التي ترسمها هذه الخطوط عن حقيقة مسؤولياتنا المباشرة، صورة ناقصة مبتورة، وهي صورة تغض من قيمة الانسان المسؤول، اذ تجعله آلة أو شبه آلة أو تجرده من منصب خلافته في الأرض، فلكي نردّ اليه اعتباره كاملاً، ينبغي أن نقيس مسؤوليته في أبعادها الثلاثة: عمقيا ، وأفقيا، ورأسيا." من الدرس السابع بعنوان" المسئولية عن الأعمال القلبية" والدروس كلها في مدونتي وله دراسات أخرى مستفيضة ومختصرة عن هذه المواضيع، ويقول الشيخ" محمد عبده" ومحل الشاهد في آخر الإقتباس:" ارتفع صوتي بالدعوة إلى أمرين عظيمين: الأول تحرير الفكر من قيد التقليد، وفهم الدين على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف، والرجوعفيكس ب  معارفه إلى ينابيعها الأولى، واعتباره من ضمن موازين العقل البشري التي وضعها الله لترد من شططه، تقلل من خلطه وضبطه. وأنه على هذا الوجه يعد صديقًا للعلم، باعثًا على البحث في أسرار الكون، داعيًا إلى احترام الحقائق الثابتة، مطالبًا بالتعويل عليها في أدب النفس وإصلاح العمل" زعماء الإصلاح لأحمد أمين ص 334. وكما ترون في أخر الجملة، كيف – يجوز عندهم – التعويل على هذه الحقائق في إصلاح النفس وهي من الفكر – وهو في ظنهم لا يُعد من العلم لأنه غير متغير! وهو من العلوم المعيارية؟!!! وهذا انحراف في العقيدة أيضا من جهة إعتقاد المسلمين بأن" الدين علم" وعلمية الدين تشمله كله لا بعضه- الأقل –، وأغلب الدين وجوهره هو في مواضيع تثقيف العقول وتهذيب الفكر وإصلاح النفس بالحقائق وهو الذي لا يرونه علمًا لأنه متغير ومعياري وغير ثابت!!!!. ومن تصوراتهم  الفاسدة بحسب استقرائي لعقولهم ولي سنوات مختلط بهم في مساجدهم ودروسهم، أنهم يشترطون قدرا من الدقة أثناء الكتابة أو الكلام عند الدعوة إلى الله او إلى صحيح الفكر، وهي دقة مستحيل الالتزام بها من جانب الإنسان البشري بحسب طبيعته المركبة الممتزجة، ولأن كبار أئمتنا لا يلتزمون بها – لإستحالتها قدرًا بحسب طبيعة النفس البشرية واللغة العربية – وقعوا في فهوم منحرفة لكلام كثير لهم وبنوا عليه تصورات فاسدة عن أراء هؤلاء العلماء!!، وكما نعلم أن تقوى الله ليست الالتزام بأحكامه الشرعية فقط، ولكنها أيضا " العمل وفق سننه الكونية ووفق طبائع الأشياء التي خلقها به" ولذلك نجد نبينا وكل الصحابة الذين رووا لنا الوحي كانوا ينقلونه بحسب الطبيعة البشرية وبالدقة المعهودة من هذه  الطبيعة، فنحن لا نجد نصا واحدا مذكورا فيه كل شرائع الإسلام مثلاً، وكذلك في أحاديث كثيرة لنبينا كالتي كان يجيب فيها السائلين عن أفضل أعمال الدين أو ما يلزم السائل من الشرائع، كان يجيبهم النبي – إجابة بحسب حال الشخص أو الزمان أو المكان- ولم ينص النبي على أن باقي الشرائع تُؤخذ من مجموع الدين!! لأن هذا مفهوم ومتروك للعلماء بحسب علمهم لأصول الاستنباط المتوافقة مع طبائع  الكا ئن الإنساني – وهو نبينا والصحابة- والمتوافقة مع طبيعة اللسان العام بين البشر ثم اللسان الخاص بالعربية! وكم وجدنا أحاديث رواها الصحابة فيها شيئ من التوسع في اللفط بما لو فُهم معه بدون الجمع المذكورلنتج منه ما ليس بشرع! وفي أخطر المسائل كالحديث المشهور الذي رواه أحد الصحابة  - وأخرجه  البخاري وغيره -أن النبي مات ولم يكن يحفظ القرآن إلا أربعة ثم سماهم!! وهذا فيه شيء من التوسع منه كما بينه العلماء ولم يقولوا إنه كان واجبا عليه الدقة في الرواية في أمر خطير كهذا، ونجد هذا الصحابي في روايات أخرى عنه في أحوال مختلفة يقول نفس الحديث ويسمي أشخاصا آخرين غير الأربعة الذين سماهم – وهي روايات كلها صحيحة عنه – ولم يقل أحد العلماء كان الواجب عليه الحصر من الأول ولكن قالوا أنه روى في كل رواية ما كان يحتاج لهم بحسب الحال أو ما كان يحضره أسماؤهم وأجوبة أخرى، وكما ترون محصول جوابهم منصبا على طبيعة الكائن الإنساني حين يتكلم وينقل ويجيب ويتفاعل مع الأحداث والمواضيع!! وهذا كثير ومنثور وظاهر وضوح الشمس في السنة النبوية فضلاً عن شروح وكلام أهل العلم بعد ذلك! ولكنهم قوم لا يسمعون ولا يفكرون – ونسأل الله العفو والعافية-  وما خفي عني من أحوالهم أعظم وأعظم
. والحقيقة أنهم أوتوا في كل ذلك من جهة " رداءة معادنهم" كما في الحديث الشريف " تجدون الناس معادن" والمعدن هناهو  توازن مجموع القوى االنفسية – من الفكر والعاطفة-   التي تُشكل النفس البشرية في النهاية توازنًا متناسبًا مع طبيعة العلوم الشرعية التي يريد الطالب درسها، وهذا ما لا يتوفر في هؤلاء ، وهذه العلوم المهجورة التي سبق الكلام عليها لا يمكن إدراك أهميتها سوى أصحابُ معادن معينة من الناس – وهم الذين تجتذبهم كليات القمة من العلوم السياسية والانسانية والتجريبية-أما  الجا معات الدينية فهي تجتذب أصحاب المعادن الرديئة والعقول البليدة فلا يجدون مجالات للبحث والدراسة تتفق ومعاد نهم ونفسياتهم سوى في التي ينشغلون بها الآن – والتي حصروا العلم الشرعي فيها – وقد أشرنا إليها سابقًا، والأخطرمن ذلك أنه  قد يوجد فلتات في الجامعات الرسمية، وفلتات أخرى تجتذب للدعوات الأهلية عند الجماعات الإسلامية بشكل أكثر من فلتات الجامعات الرسمية أصحاب معادن جيدة جدًا ولكن – هؤلاء القوم – بعقليتهم وفهمهم هذا  -مع طيلة مكث المتعلم معهم – يفسدون عليه معدنه ويجعلونه فاقدا للاستعداد بعد أن كان مستعدًا بطيب المعدن كما قال الشيخ محمد عبده " إن من تطول مدة تعليمه بالأزهريفقد الاستعداد للعلم" نقله عنه الشيخ رشيد رضا في تفسير المنار، وفي تفصيل زائد أقول: إن أصحاب هذه المعادن تكون أ دمغتهم مركبة وفق التفكيرالنمطي – وهو غير المركب ذو الأبعاد النمطية المتقاربة جدا – وعلوم الإسلام – كالتي سبق فيها الكلام – التي نحتاج لها الآن ومن حيث كونها تستهدف إصلاح النفس والحياة لايصح  النظر فيها إلا بالدماغ – ذات التفكير الافتراقي أو التباعدي-  وهو المركب الذي يستطيع إدراك الأشياء بما هي عليه من التركيب والتعقيد وفق ما وضعها الله عليه، وكذلك طبائع العلوم الإنسانية الفكرية المختلفة والتخصصات الدقيقة التجريبية – ولكن الإنسانية أحوج لذلك من حاجة التجريبية له -، وأصحاب القرار السياسي في بلادنا يعرفون ذلك جيدا ويسعون في منع أصحاب هذه الأدمغة من التخصص في علوم الشريعة.
وكنصيحة أخيرة. أقول لكل من يريد تعلم الدين أو التخصص فيه لا تطلب العلم إلا من أهله – ولا توجد ضوابط علمية مجموعة في مكان واحد  بحيث أحيلك لها لتقيس بها فتعرف من هم أهله!- ولكن امض في الطريق مستعدًا لأقلمة نفسك وفق جديد الضوابط التي سترد عليك بالتتابع، وأقول الآن كنصيحة لا تعتمد في التلقي الديني والفكري على أمثال  هؤلاء  المعاصرين أبدًا، ولكن تعلم الدين من كتب أئمة النهضة الإسلامية المعاصرة كالذين سبقت أسماؤهم هنا، ولا تلتفت للمعاصرين إلا قلة قليلة منهم كمشايخنا الشريف حاتم العوني والدكتورأحمد عبد الرحمن القاضي وسلمان العودة ونحوهم فهؤلاء يعرفون الحقائق التي وردت في مقالي جيدا ويعرفون ما هو أخطر وأكبر منها! ولا تسمع ولا تقرأ لغير هؤلاء إلا بطريق – الشاذ الذي يؤكد القاعدة – يعني مثلاً يكون حصيلتهم من مجموع تلقيك بنسبة 10% ومحل هذه النسبة مثلاً في لو وقعت أحداث معاصرة كأن تكون وقعت أمس ولهم تعليق عليها ولم يعلق عليها غيرهم، وتحتاج بضرورة لسماع رأي شرعي فيها ، فاسمع لهم وإن كنا لا نثق فيهم لأن المتشرع المخطئ يكون أولى من الجاهل لو لم نجد المتشرع الثقة  كما يقول الشيخ العثيمين، وهذا" المحل والمساحة" قليلة جدا فلن تحتاج إليهم كثيرا إن شاء الله، لا بد من الإلتزام بنصيحتي هذه لأن الرقي الفكري لا يكون إلا بالتتابع والتوالي في التلقي الفكري- إن سماعا أو قراءة – ولا يصح أن تقطع هذا التوالي بسماع – غير مؤهلين – إلا بطريق الشاذ، ولا تغتر بكثرة دروسهم لأن الحفظ لا يعجز عنه أحد بل والموسوعية لا يعجز عنها أحد، وإنما العلم شيء فوق ذلك كله، وذلك من مكملاته ومحسناته وليس من أصوله، فلا تغتر.
وقد تلاحظون أن هؤلاء بطبيعتهم التي صورتها – غير مؤهلين لفهم ما أقول- ابتداءً أو طريانًا- فأنا لم أسق هذا الكلام لهم! وإنما سقته للأفراد النابهين الذين لا تخلو منهم أمة ميتة، وهو العلم الذي علمته ووجب عليّ الجهر به ونقله وإلا كنت خائنا ومنافقا
-----------------
والعوام -أعني بهم كل من لم يتحصل على ثقافة اسلامية واسعة وإن كان من كبار العلماء في تخصصات أخرى - يعرفون الحقائق التي كتبتها في مقالي جيدًا! وتظهر آثارها منهم في صورة شعور بجدر عازلة نفسيًا بينهم وبين هؤلاء فلا ينجذبون إلى الدعوة ويعيشون هكذا، و عند بعض من لديه ثقافة إسلامية قد يشعر بأخطائهم الفظيعة ولكنه يعجز  عن وضعها في صور منطقية كما وضعتُها - تدفع عنه نظرات الإرتياب أو ظنون البعض به إنه في قلبه مرض ومفتون وما إلى ذلك -، فقد يسكت، وقد يتبرم مستدلاً بأدلة لا ترقى في إقناعها ومقاربتها المنهجية لمسستوى أدلتي، وفي كل الأحوال ستجدون المسلمين بعناصرهم الطيبة  مُعطلة قدراتهم الخلاقة، لعجز هؤلاء القادة عن تفعيلها واستغلالها، وهناك حالة أخطر من ذلك وهي أنك ستجد أناسا يتسرعون في إعلان التبرم والانحياز بل والحرب كما يحدث من كثير من الليبراليين - والواقع أنهم لو كانوا وجدوا من القادة من ينشر صحيح الدين لما قدموا على ما قدموا إليه - يعني بإختصار: هذا الأثر السلبي العظيم يتلخص في أن هؤلاء القادة المخطئين يتسببون في إخراج أسوأ ما في قلوب الناس، ونحن أمرنا بضد ذلك! كما بينه رشيد رضا في تفسير المنار!. 
أما بخصوص الناس المنجذبين الى دعوة هؤلاء المخطئين فسنجد المخطئين يستدلون بهم على نجاحهم!! وذلك لأن أدمغتهم ومعادنهم كما وصفتُ لا تصل إلى إدراك التركيب والتعقيد الذي وضع اللهُ الأشياء عليه، ومن فسدت تصوراته فسدت أحكامه، ألا ترون أن المسلمين انجذبوا مع كل صحوة إسلامية من أول الأفغاني مرورا بمحمد عبده ورشيد رضا ومحمد دراز وحسن البنا ونحوهم إلى أن وصلنا للصحوة التي نحن فيها الآن، رغم تناقض مناهج - التغيير وفهم الدين - عند هذه الصحوات!! مما يدل على أن انجذاب الناس للدعاة لا يكون انجذابا عن فهم ، إنما هو انجذاب بدافع العاطفة التي تهيم بحب الإسلام وحب الله وفقط، ولا يصح الإستدلال بإنجذاب هؤلاء هلى صحة منهج الدعوة، ونحن مأمورون بإصابة صحته كما فصلته النصوص بمختلف طرائقها المعتمدة في الإستنباط، إذًا فالعاطفة التي تجيش الناس وراء الدعاة لا دلالة لها على أكثر من هذا القدر - وهو حب الناس للإسلام ولله كمجملات لا تفاصيل -، ونحن مأمورون بإتباع التفاصيل وبالتدين بركنيه العقلي والعاطفي معا، وفائدة العلماء والدعاة هو ضبط هذين الركنين ليستقيما مع صحيح الدين والكون أي - الخلق والأمر - لأنهما لا يستقيما تلقائيا وإنما يستقيما بفعل فاعل وبحسب منهج هذا الفاعل ولذلك في تعريف الكائن الإنساني يقولون هو " كائن عاقل " أو هو " كائن عاطفي" إذا فالفكر والعقل والعاطفة مشتركة عند جميع البشر بمختلف دياناتهم، ومعنى ذلك أن العاطفة ليست هي الإيمان المشروع، فهؤلاء المنجذبون للدعاة عندهم أصل الفكر والعاطفة كبشر ثم عندهم أصل هذا الفكر الذي أمر به الله- وهو الإعتقاد بأصول التوحيد - و أصل هذه العاطفة التي أمر به الله - وهو الارتياح والإطمئنان والرضا بأصول الفكر تلك، وهناك درجة دونها لا تُخرج المكلف عن الإيمان أيضا - ولا يجوز الوقوف عند هذه الدرجة من التدين لأن الله أمرنا في صريح كتابه بالدخول في السلم - أي الإسلام - كافة أي كله، وكله يشمل مدلولات النصوص سواء بالصراحة أو بالفحوى والاستنباط أو بما دلت عليه هذه النصوص من مصادر أخرى، يعني لا يجوز أحد أن يقول لي: أنا لا ألتزم بدراسة علوم الهندسة والطب الدقيقة هذه وأكتفي بأصولها لأن الدين لم يأمر سوى بالتداوي فقط ولم يأمر بكل هذه التفاصيل! نقول له : لا ، الدين أمر بها لأن الدين فيه تبيان لكل شيء، ولكن لا يُشترط أن يكون الدين أمرنا به بدلالة الصراحة، فلو كان الدين نص وصرح بكل شيء لكان القرآن الكريم وكتب السنة تحتاج لدول فارغة نحفظها على أرضها.
 ولن يستطيع نشر حقائق الدين كله إلا من وصفتهم في مقالي، وأما غيرهم فقد لا يلتقطون الفرق بين الحالين أصلا ولا يستشعرون أهمية الحال الكامل فلا تنبعث همتهم على معرفته واستشرافه واستلهامه ونشره بين الناس إذ قد يظنونه من قبيل النوافل والفضلات! والحقيقةأ نهم منه ما هو نوافل ومنه ما هو واجبات بل وأصول!.
 وما هو أخطر من ذلك كله أن حال هؤلاء المخطئين قد لا يقف بالناس عند حد النقص عن صحيح التدين! بل قد يتجاوز بالناس إلى حد " التخلف بإسم الله أو باسم الدين! وكأن شعارهم " متخلفون لوجه الله!" كما يقول الشيخ محمد رشيد رضا :" ( اتفق علماء الاجتماع والسياسة والمؤرخون من
الأمم المختلفة علي أن العرب ما نهضوا نهضتهم الأخيرة بالمدنية والعمران إلا
بتأثير الإسلام في جمع كلمتهم ، وإصلاح شئونهم النفسية والعملية ولكن اضطرب
كثير من الناس في سبب ضعف المسلمين بعد قوتهم وذهاب ملكهم وحضارتهم
فنسب بعضهم كل ذلك إلي دينهم ومن يتكلم في ذلك علي بصيرة يثبت أن الدين الذي
كان سبب العلاج والاصلاح لا يمكن أن يكون سبب الفساد والاختلال لأن العلة
الواحدة لا يصدر عنها معلولات متناقضة فإذا كان لدين المسلمين تأثير في سوء
حال خلفهم فلا بد أن يكون ذلك من جهة غير الجهة التي صلحت بها حال سلفهم
وما هي إلا البدع والمحدثات التي فرقت جماعتهم وزحزحتهم عن الصراط
المستقيم )من تقدمته لكتاب الاعتصام للشاطبي. والبدع هنا  ليست بدع القبور والصفات التي أقنعنا القومُ بأنها منحصرة فيها! بل هي كل ما يتعلق بالدين و شئونه ولو كانت من الفكر ، فكلام الشيخ صالح آل الشيخ الذي يفرق فيه بين العلم والفكرهو بدعة فظيعة من البدع!. 

وأنا أقول إنهم في الحقيقة تجاوزوا بنا إلى هذا الحد من التخلف. ويجب مساعدة من يريد حرف مسار الصحوة المعاصرة لتتفق مع منهج الأئمة الذين سبقت أسماؤهم


تعليقات

المشاركات الشائعة