شرح قول عمر:"فإنه الآن، والله! لأنت أحب إلي من نفسي" د. محمد دراز


روى البخاري أن النبي – صلى الله عليه وسلم -  كان آخذا بيد " عمر بن الخطاب" فقال له " عمر":" يا رسول الله!" لأنت أَحَبَُ إليَّ من كل شيء إلا من نفسي" فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -:" لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك" فقال له " عمر":"فإنه الآن، والله! لأنت أحب إلي من نفسي" فقال – صلى الله عليه وسلم -:" الآن يا "عمر!".
ليس الجديد عند "عمر" هو حصول تلك المحبة الراجحة منه للنبي –صلى الله عليه وسلم -، وإنما الجديد هو إدراكه لتلك المحبة والتفاته إليها. تقرير ذلك أنه كان في أول الأمر قد امتحن نفسه أمام حب المال والولد والزوج والعشيرة والمسكن والتجارة فوجد حبَّه لهذه الأشياء كلها مرجوحًا بجانب حبه لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولم يكن قد جرى بعدُ في خاطره حديثُ المقارنة بين حبه له وحبه لنفسه، فلم يجرؤ أن يحكمَ فيه بشيء، بل استثنى نفسَه من تلك المقارنة سكوتًا عن الحكم بما لم يختبره لا حُكمًا بعدم ذلك الرجحان. فلما نبهه النبي- صلى الله عليه وسلم – فَكَّر وقارن وتحسس حالَ قلبه؛ فإذا هو يجدُ من رجحانِ محبته للرسول عن محبته لنفسه ما كان غافلاً عنه، لا ما كان خلوًا منه، فقوله – صلى الله عليه وسلم -: " الآن يا "عمر!" معناه الآن أصبتَ في قولك وأحسنت التعبيرَ عما في نفسك.

تعليقات

المشاركات الشائعة