تعليق على رأي الملحد في عدنان إبراهيم


رأيت مقطع فيديو لملحد يستدل على عدم منهجية عدنان ابراهيم العلمية في كلامه؛ بطعن عدنان ابراهيم ورده الأحاديث التي لا توافق عقله وإن اتفق جميع علماء الأمة على صحتها! كهذا الحديث: (مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الجَاهِليَّةِ فَأَعِضُّوهُ بِهنِ أبِيهِ وَلاَ تَكْنُوا) ، مع أنه عليه السلام : رواه البخاري وغيره.

خلاصة كلام هذا الملحد هو أن عدنان أتانا بدين جديد غير دين الإسلام الذي يعرفه الملحد – كما يقول – والذي نعرفه نحن، وهذا الدين هو عقله! فما رضيه من كتب الدين قبله وما لم يرضه رده! يعني المقياس هو عقله! إذا فهو يؤمن بعقله  ويريد أن يدعو الآخرين إلى الإيمان بما آمن به عقلُه!، وبالطبع فالملحدون وغيرهم لم يكفروا بما آمن به عقل عدنان ولا يعنيهم أصلاً أن يؤمنوا أو يكفروا أو ينظروا فيه! فلا يعنيهم إطلاقًا، إنما هم كفروا بدين الإسلام.

المتدين الجاد الذي يزعم أن دينه متين ومنزل من عند الله يجب عليه أن يقبل الدين كله، فلو رد قولا واحدا قاله نبينا لزمه أن يرد كل كلامه – الدين كله - ، ولو قبل قولا واحدا قاله نبينا لزمه قبول الدين كله، أما أن يقبل ما يتفق وعقله ويرد ما يتعارض معه! فهذا ليس متدينا جادا بدين متين منزل من عند الله ولم ينله التحريف – كما يزعم – هذه خلاصة كلام الملحد، وهو كلام صحيح تماما قاله علماؤنا ورددوه كثيرا عند مناقشتهم لأهل هذه البدعة من أنهم يؤمنون بعقولهم في الحقيقة لا بالدين الذين يزعمون فيه المزاعم السابق ذكرها.

عدنان ابراهيم يفعل ذلك كثيرا وقد سمعته ينتقد من يقبل بحديث نبينا " عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :ِ (إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ) . رواه البخاري أيضا، بحجة أنه يتعارض مع رحمة الله!

فبالله عليكم يا أهل العقول هل الإمام البخاري صاحب أصح كتاب بعد القرآن الكريم باتفاق العلماء ومن آتى بعده من العلماء هل كل هؤلاء كانوا حمقى وكفارا لأنهم صدقوا بأحاديث تفيد أن نبينا بذئ وسيء الخلق! وأن الله ليس رحيما! حتى جاء إمام الأئمة وصاحب العقل الأكبر الكلي عدنان ابراهيم ليدعونا إلى رد هذه الأحاديث ورد كل ما لا يتوافق وعقله وأن هؤلاء الأئمة كانوا مغفلين وكانوا يقبلون ما يسيء إلى شخص نبينا ويسيء لله ! – وهم الذين نقلوا لنا الدين! – ولو طعنا فيهم للزم الطعن في الدين كله والإبقاء على ما يظنه الخرافيون دينا اختبروا صدقه بعقولهم العبقرية كعدنان ابراهيم؟! .

المتدين الجاد المتعلم يعلم أن الدين  دين الله وهو حافظه وقد تكفل بحفظه ، فحفظه لن يتوقف على البشر ولا على أفراد بأعيانهم – كعدنان وككاتب الموضوع أو غيرنا – ومن يعتقد بذلك ويعلم معنى وحقيقة التدين بدين الإسلام يتوقف عما لا يعلم  وإن كان سيُفتن به قوم من الناس، لا أن يذهب للخرافات والطرق غير العلمية ليثبت لهم صحة ما يجهلونه، هذا في الأزمان القديمة فكيف بزماننا زمن الانترنت الذي سرعان ما سيُكتشف دجل وكذب الكذاب وجهالته!.

الصادق يفعل كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه حينما جاء المشركون إليه صبيحة ليلة الإسراء ليخبروه أن صاحبه يزعم أنه أسري به من مكة إلى بيت المقدس ثم عاد في ذات الليلة وهم الذين يضربون إليها أكباد الإبل شهرًا ذهابا وشهرًا إيابا، وكان ظنهم أنه سيكذب صاحبه أو يشكك حتى في نسبة الكلام إليه، لكن الإجابة جاءت على غير ما توقعوه، وجاءهم بها ناصعة قوية يحملها التاريخ لكل من يأتي بَعدُ من المؤمنين لتكون لهم قاعدة وأصلا: "إن كان قال فقد صدق". هذا لأن أبا بكر الصديق ترسخت عنده محكمات الدين وآمن بها عن فهم وتعقل فلما وردت عليه المتشابهات ردها إلى المحكمات وصدق بالخبر الذي لا يعلم له تبريرا وتفسيرا من التفسيرات المعتادة في الدنيا – وقد لا يعلم هو ويعلم غيره تفسيره، وقد يكون مما شاء الله أن لا يعلمه إلا هو – هذا منهج الراسخين في التدين والتعقل والمنهج العلمي والتفكير العلمي في الدين الذي يزعمون أنه منزل من عند الله.

وكلامي هذا قد يحسبه الجاهل يتناقض و العقل، ولكن لو قُدر أن فلاسفة العلم الغربي المعاصر ككارل بوبر ودور كايم وأمثالهم مسلمين لقرروا قاعدة رد المتشابهات إلى المحكمات بأبدع وأروع ما يمكن من نظريات علمية وأراء بديعة، وقد فعل ذلك – ممن أعلمهم – الدكتور محمد دراز في عديد من كتبه وأنا أدعو هذا الملحد إلى قراءة كتب الدكتور محمد دراز ولا سيما بحوثه عن الاعتقاد المنثورة في كتبه، وأرجو منه لو يكان يقرأ كلامي أن يدلني على موقع ينشر فيه أعماله لأقرأها لأني أتوسم فيه الجدية في النظر.

وفلاسفة الغرب الأعاظم يقررون نظريات علمية يحلون بها مشاكل العلم المعاصرة شبيهة جدا بقاعدة – المحكم والمتشابه في ديننا – ، ولكن ماذا تفعل إذا كان الملحدون وغيرهم ليس عندهم محكمات أصلاً!! لأن الحكومات جردت الناس من دينها، والسبب الأخطر أن علماء الدين لا يدرسون العلوم التي تفهمهم كيف يفكر العقل المعاصر ولذلك تجد نتاجهم الديني لا يمس حاجات العقل المعاصر، فكيف يؤمن الملحد بالمتشابهات وهو لا يعرف المحكمات التي ترسّخ إيمانه! وقد لا يتيسر للملحد الوصول إلى من يشرح له المشكل، أو قد لا يتيسر له من يعلم شرح هذا المشكل بما يلائم العقل المعاصر فلا تجد جوابه يبين ويشفي الغليل  – وفي أثناء كل ذلك المحكمات فقط هي التي تعصم المؤمن، وأغلب المسلمين اليوم لم يتعلموا هذه المحكمات! -.
ويمكن متابعة النقاش حول المقال هنا لمن أراد 
http://www.humanf.org:8686/vb/showthread.php?t=182380







تعليقات

‏قال خالد المرسي
يمكن متابعة النقاش هنا
http://www.humanf.org:8686/vb/showthread.php?t=182380

المشاركات الشائعة