السلفي الحقيقي كما يصوره الإمام ابن القيم


من أقبح الأخطاء ( أو البدع!) التي وقع فيها السلفيون المعاصرون هي عدم إصابة مراد الله في مفاهيم ك" العدل والرحمة والائتلاف والاجتماع) مع المدعوين المخالفين كما تكلم عن تلك المفاهيم الدكتور أحمد بن عبد الرحمن القاضي في مقال طويل بعنوان " تجديد الخطاب السلفي).
الإمام ابن القيم يصور بهذه الأبيات الشعرية الطبيعة النفسية للسلفي الحق وكيف ينظر لأهل البدع الخارجين عن أهل السنة والجماعة، يقول " وسامح نفوسا لم يهبها لحبهم ... ودعها وما اختارت ولا تك جافيا
 وقل للذي قد غاب يكفي عقوبة ... مغيبك عن ذا الشأن لو كنت واعيا
 ووالله لو أضحى نصيبك وافرا ... رحمت عدوا حاسدا لك قاليا
 ألم تر آثار القطيعة قد بدت ... على حاله فارحمه إن كنت راثيا
" مدارج السالكين ج2 ص 243، وهذه النفسية هي ذاتها نفسية نبينا – صلى الله عليه وسلم – كما تصورها مجمل نصوص القرآن والسنة وسيرته كقوله تعالى {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}،فمن تحقق بهذه النفسية كان داعيا ومجادلا بالحسنى لا أن يكون همه إفحام الخصم وإذلاله، وكان حريصا على أن لا يكون قد قصر في دعوة الناس أو يكون   مارس سلوكا ينفرهم عن دعوته، فهو لا يظهر أمامهم حين يدعوهم ويجادلهم بمظهر يظنون معه – ولو بالظن الباطل - أنه يريد العلو بصفة مادية أو معنوية {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا } وقد كان نبينا يريد هدم الكعبة وإعادة بنائها على أسس إبراهيم عليه السلام،ولم يفعل حتى لا يظن كفار مكة أنه يريد الافتخار بذلك عليهم؛ إذ كانوا شديدو التعظيم للكعبة، وكان هذا الحديث بعد الفتح زمن القوة!، و المجلدات لا تكفي لاستنباط الحكمة من هذا الحديث.
 فانظر لنبينا كيف تجرد من فعل هو مظنة لأن يكتسب – في ظن أهل مكة – صفة معنوية ( من جاه الدنيا) يعلوهم بها!؛ مما قد يصرف فكرهم عن دعوته ويشتته في  تفحص إرادات داعيهم من دعوته ومكانته أو مكانتهم إذا استجابوا له!، رغم أن نبينا كان خليقا بصفات الكمال التي كانوا يعترفون له بها قبل بعثته وبعدها، فكيف بدعاة اليوم وطلاب العلم الذين يرتكبون من السلوكيات ما يتأكد منه المدعوون أنهم يريدون العلو أو يريدون التمشيخ وتقمص دور ابن تيمية مثلاً ويظهرون الأخرين في صو الحلاج أو ابن عربي أو غيرهم من متغربي زماننا – رغم أن التصوير والإسقاط عادة لا يكون دقيقا ويكون مشوبا بغلو وتهور -، ثم إن كان هو حقا في مرتبة ابن تيمية فالواجب عليه أن يختفي بشخصه وجاهه حتى لا يكون بين المدعوين وبين الحق الذي معه أي حائل يجد الشيطان منه مدخلا ليحول بينهم وبين الحق وكلمات الإمام الشافعي وغيره  في ذلك مشهورة، فكيف وهذا الداعية أو طالب العلم ليس من ابن تيمية في شيء! غير النقل والقص واللصق! فكم من متقمص دور ليس دوره في الحقيقة. واعلموا أن أي طالب علم لا يحقق هذه النفسية فقد أوتي ( إجمالا) إما من كونه ضل طريق العلوم الشرعية الوارد فضلها في نصوص الوحي وانشغل بحواشيها ووسائلها عن مقاصدها وجوهرها كما يقول المتنبي حين تقطعت به الأسباب في بغداد ( فيا دارها بالكرخ أن مزارها ---- قريب ولكن دون ذلك أهوال )  او يكون وُفق إلى دراسة العلم الشرعي الوارد فضله في النصوص لكن معدنه غير ملائم لاستكشاف مراد الله من هذه المادة على وجه الدقة والمعدن هو ( قدر معين من التوازن بين قوى العقل وقوى القلب ما بين حد أقصى وحد أدنى إذا لم يتوفر في الدارس كان معدنه غير ملائم) كما قال نبنيا "َتجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ ، فَخِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقُهُوا"تلك هي الأسباب بالإجمال من غير خوض في تفاصيلها

تعليقات

المشاركات الشائعة