لماذا ألح دائما على تخصيص شيوخي الأربعة؟ (6)

أحد الأفاضل له سلسلة بعنوان إضاءات ومراجعات، نقل فيها هذه الفقرة منتقدا فيها الإمام محمد رشيد رضا:"ذاتَ مرةٍ، وعلى أثر مناقشةٍ بين العلامة الكبير محمد فريد وجدي والعلامة الكبير محمد رشيد رضا .. اتَّهَمَ رشيدُ رضا الأستاذَ وجدي بأنه "جاهلٌ" ..
ولَمَّا لَمْ يناقشه الأستاذ وجدي إلا كما يُنَاقِشُ الصديقُ الصديقَ، وسُئِلَ فى ذلك، فقال وجدي :
"إن كِلَيْنَا يحارب فى جبهة واحدة .. هي الجبهة الإسلامية .. وإذا كنا نحاول الرِّفْقَ مع خصوم الإسلام؛ لنستدرجهم إلى سماع ما نقول .. فإنَّ الرفقَ بأصحاب الاتجاه الواحد : أَدْعَى وأَلْزَم" ..
والحق إنها وِجْهَةٌ عاقلةٌ قَلما رأيتُ الناس يسلكونها !
[محمد رجب البيومي - ناقلاً هذه الواقعةَ عن العلامةِ الكبيرِ أ. محمد فريد وجدي؛ كبيرِ العلمِ، وكبيرِ العقل، وكبيرِ الخُلُق، وكبيرِ النَفْس]
فعلقت قائلا:  وصف العلامة رشيد رضا ليس فيه خطأ في ذاته! هناك فرق بين الفكر والسياسة العملية على مستوى الدولة أو العلاقات الشخصية، فالسياسة العملية قد تجعلك توفق وتوحد كثيرا بين المتناقضات كالصلح بين المتخاصمين، لك أن تكذب وتقول لهذا كلاما، ثم تقول للآخر ضده وتوهمهما بأنك صادق في الكلام المتضادين! تلك سياسة عملية، أما الفكر سواء كان العقلي أو الشرعي (على اختلاف الأمم) قلا يقبل ذلك لأنه يخضع لموازين ومقاييس محددة متمايزة، فلو كان المفكر يتبع حقا تلك الموازين فلا يمكنه أن يجامل على حسابها، أما أهل الخرافة الذين يفتقرون إلى العقلية العلمية لو اقتضى قدرُهم الأغبر امتهانَهم العلم فستجدهم كثيرا ما يسوون بين الفكر والسياسة العملية متأثرين بالرغبة الفاضلة الجامحة في فض الانقسام الاجتماعي الماحق، مما يجعلهم في نظر المفكرين (العقليين والشرعيين) سمك لبن تمر هندي كوسة كوسة بطيخ يا برنجان (مبررين لأنفسهم تلك البرنجانية بحجة التوحيد الاجتماعي مثلا والتجديد والتحديث في ضوء فهمهم له ونحو ذلك) هؤلاء يا دكتور يحي لا يعظمهم غيرُ أتباعهم البسطاء ولا تجد لهم أثرا حقيقيًا في الواقع أو احترامًا وقبولا حقيقيًا في أفئدة المفكرين الحقيقيين من كافة الأمم، فالمفكرون الحقيقيون (كفارا كانوا أو مسلمين) لا يخيل عليهم ذلك البهرج والاشتغالة والزيف! ولا يعطل عقولَهم. نعم قد تكون صادقا لو انتقدت النَفَس الحماسي المرئي في أحكام المفكر إذا علت حدة ذلك النفَس، فهذا هو الذي كثيرا ما يجب إخضاعه إلى مقتضيات السياسة العملية، لكن أبدًا لا يمتد حتى يصل إلى الفكر في ذاته وجوهره ليوحد بينه وبين السياسة العملية (نكون إذن قد دخلنا في عالم الخرافة وعالم يكون فيه القرد والحمار هما ملوك الغابة!) وللأسف ذلك العالم هو المسيطر اليوم ولذلك نحن نعجز دائما عن بلوغ عتبة النهضة فضلاً عما بعد العتبة!
وإن شاء الله قريبا سأسهب في بيان الأصل الفلسفي التنموي لكلامي

تعليقات

المشاركات الشائعة