لا يصح الاغترار بحال الغافل أو الفاسق


الإنسان هو أكرم مخلوقات الله، لكن لا نستطيع أن ننسى مع ذلك أن الإنسان يشترك مع الحيوان في أصول عدة، وبهذا الاشتراك - وحده - انحلت لي بعض معضلات فكرية ، منها مثلاً أني أرى بعض البني آدمين يعيشون حياتهم بلامبالاة في أقل الأحوال أو بالفسق والفجور وضلال الشبهات والشهوات في أقصى الأحوال، وهم مع ذلك يبدون وكأنهم يعيشون حياتهم بشكل عادي يتلذذون بما أتلذذ به ويتمتعون كما أتمتع بل ولا يشعرون بالفارق ما بين حياتهم وحياة من يجاهد في سبيل إصلاح نفسه وترقيتها، مما يقذف بالشبه في طريق المهتدين ويجعلهم لا يتحمسون كثيرا حين يسمعون وعد الله لعباده المهتدين بالحياة الطيبة ونحو هذه الوعود. فلم يحل هذه المعضلة في نظري إلا بلمح الاشتراك بين الإنسان والحيوان، فالحيوان يعيش حياته معتدل المزاج، فلو صح أن يكون وضع هذا الإنسان - الغافل أو الضال أو الفاسق - شبهة تقلل من شأن وعود الله عباده المجاهدين في سبيله؛ لصح أن يكون حال البهائم مثارا لهذه الشبهة، وهو ليس كذلك عند أحد، فليكن أمر هذا الإنسان الغافل أو الفاسق كأمر الحيوان لأنه لا فرق بينهما فيما نحن بصدده.
وهذا حل أقوى من الحل الأخر المشهور الذي يرشدنا إلى النظر في حال غيرهم من الغافلين الفاسقين وما يعانونه من عذاب، وهو حل صحيح لكنه لا يزيل الشبهة في حق الغافل الفاسق الذي نراه يعيش حياته وكأنه راضيا سعيدا بها وكأنه معتدل المزاج دوما. 

تعليقات

المشاركات الشائعة