{وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ}



{وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ}
قال الله تعالى {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ}
قال الله هذه الآية بعد أن حكى أحوال قوم كفار معرضين عنه، قال ابن عطية:" ثم وصف عز وجل حالهم في الدنيا وما أصابهم حين أعرضوا، فحتم عليهم. و(قيضنا) أي يسرنا لهم قرناء السوء من الشياطين وغواة الإنس { فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} أي : علموهم وقرروا في نفوسهم معتقدات سوء ..."
هذه آية كريمة تشرح شأنا من شؤون الله، وهو رد فعله المترتب على فعل البشر، فالإنسان يكتسب العقائد والأفكار في داخله ويكتسب عنها سلوكياته، ثم يأتي رد فعل الله وفقًا لهذه الأفكار والسلوكيات وتقييمها عنده هو لا وفقا لتقييمها في نظر الإنسان، فالأمور بما عند الله لا بما عند الإنسان { وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} هؤلاء الكفار ومن في حكمهم من معرضي المسلمين لما أعرضوا عما يجب اكتسابه، كان رد فعل الله عليهم بأن قيض لهم ما يناسب ذلك الإعراض من خارجهم ويسره لهم، وهذا الشأن الالهي يختلف عن قولنا (إن المعصية تجر معصية) لأن المعصية الثانية يفعلها العاصي بجر المعصية الأولى وهو في سلسلة واحدة وطريق واحد يعرف حدوده ويقصدها كاملة، بينما الشأن الذي نحن بصدده هو في فعل الاهي محض يخلقه الله خلقا ويدبره تدبيرا (من وراء الإنسان وفي حين غفلة منه) وهذا هو مكره بمن يعرض عنه، مثلما فعل مع أصحاب السبت لما عصوه أنشأ لهم خلقا مخصوصا فكان السمك يأتيهم يوم سبتهم شُرّعا { إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }، أليس هذا الشأن الالهي نراه جليا في الاسلاميين اليوم؟ الذين كلما نشطوا في بلادنا قولا وفعلا أعرض عنهم الناس واقتنعوا بسفههم بينما هؤلاء الاسلاميون يتوهمون انه يزداد تمكنهم؟ ألم يعتقد الاسلاميون أن ثورة 25 يناير هي الجنة والتمكين الذي وعده الله لعباده المتقين فإذا هي مقبرتهم والنار التي أنفتهم وستفني بقيتهم إن شاء الله؟ المعتقدات والأفكار والسلوكيات التي يكتسبها الناس لها ترابطات يعلمها الله ثم علماؤه، فإذا قدمها الإنسان قام الله بإنشاء ترابطاتها وخلقها مكرا منه بهذا الإنسان لو كان معرضا ورحمة وتوفيقا منه بهذا الانسان لو كان مقبلا، وهكذا فعل النهضة أو التخلف مشترك بين الله تعالى وبين الإنسان وفقًا للتقييمات والمعايير التي عند الله (ويعملها علماؤه) لا وفقا للتقييمات والمعايير التي يتخيلها المهلوسون والدجاجلة والمغرورون وو...
خالد المرسي

تعليقات

المشاركات الشائعة