رحلة الإمام العائد خالد المرسي.


في تاريخ أئمتنا مراجعات وفقوا إليها في أواخر حياتهم، ومنها حياة الإمام أبي حامد الغزالي، وأعجبني عنوان وضعه أحد الشيوخ عنه، هو "رحلة الإمام العائد" يقصد الإمام أبي حامد الغزالي الذي بدأ حياته العلمية بانحرافات عدة ثم رجع عنها في أواخر حياته، فاقتبست العنوان منه.
كذلك أنا بعد مشواري الطويل في عالم الفكر المعقد المغرق في التركيب، حتى كنت أفتخر بأني لم أقرأ رواية واحدة في حياتي باعتبار أن الروايات لايكثر من مطالعتها من إلا من لا تضارع عقولُهم قوة العقول المستغرقة في الفكر الجاد الثقيل، فإذا بي يتغير رأيي اليوم.
 اليوم تم الاعلان عن محاضرة لأحد الناس يهاجم فيها الإمام الغزالي لموقفه من الفلسفة وغيره من مواقف، وكان هو ذات اليوم المفروض فيه أن آخذ رواية "ممر الفئران" من صاحبتها لأقرأها، فتعارضت المناسبتان، وفكرت فقدمت المناسبة الثانية، لأني لو كنت ذهبت للمحاضرة كنت سأشتعل نارا لن تنطفئ حتى أنجز ردودا على ضلالاتها، وكانت ناري حديثة العهد بانطفاء، بعد أن اشتعلت بسبب بحث قراته لللدكتور طه عبد الرحمن.
 وبعد أن طالعت الرواية، قارنت بين وضعها وبين وضع الساحة الفكرية المعقدة عندنا فوجدت أن وضع الروايات ليس بالصورة القاتمة بالنسبة إلى وضع الساحة الفكرية بالشكل الذي كنت أتصوره، فساحتنا الفكرية وكتبها لا تنتج شيئا يستحق عناء القراءة في الحقيقة، وكعادة كل المتخلفين يطالبون غيرَهم بمطالب غير واقعية، يطالبون الناس بالقراءة وهم لا ينتجون فكرًا يستحق عناء القراءة! ففكرهم كله مشاحنات وإيغار للصدور، وحتى الخالي من ذلك منه تجده خاليًا من العمق الحقيقي المعنوي متخفيًا وراء عمق ظاهري ولغة مقعرة تُدعى (بالوهم) علمية، لتخفي وراءها ضحالة فكرية، وفقر معنوي، ليهدروا كثيرا من جهود القارئ ويجعلونه يتحمل كلفة ذهنية بلا عائد معنوي مناسب للتكلفة، وأفضل تعبير عن هذا الوضع المؤسف هو فقرة أقتبسها من الكتور "أحمد خالد توفيق" في روايته هذه، يقول:" طفل مشاكس هناك بين عظام الجمجمة، يبلغك أنك انتصرت في المعارك الخطأ. أنت سعيد بأن كراتك تهز شباك المرمى، برغم أن هذه مباراة شطرنج. لا كرات على الإطلاق يا أحمق. أنت لم تنصر.. أنت كسبت مباراة أخرى، وأجبت عن أسئلة لم تطرح، وظفرت بفرائس لم توجد، ونلت نساء لم تحبهم. أنت قد هزمت وسحقت"
 بينما هذه الروايات خالية من ذلك النفاق والخداع الكامن في الكتابات المدعوة فكرية، وتتخللها روح هينة لينة تستدعي مشاعر مريحة في وجدان القارئ، ولا أدل على ذلك من تعليقات صاحبة الرواية كما واضح في الصور.
فمن الآن لن أستخف بقراء الروايات بل سأشجعهم لأبعدهم عن مفكرينا، طبعا عدا شيوخي ومن أعتمد من المفكرين (وهم لا يتعدون أصابع اليد) (:


تعليقات

المشاركات الشائعة