تعليقاتي على كتاب "روح الدين" للدكتور طه عبد الرحمن (5)



تعليقاتي على كتاب "روح الدين" للدكتور طه عبد الرحمن (5)
نعود إلى بيان بطلان قاعدته فيمن نشر فكرا أو عمل عملا باطلا بنية حسنة
يقول أبو حامد الغزالي في كتاب النية :"المعاصي لا تتغير عن موضعها بالنية، فلا ينبغي أن يفهم الجاهل ذلك من عموم قوله عليه السلام "إنما الأعمال بالنيات" فيظن أن المعصية تنقلب طاعة بالنية... ثم ضرب أمثلة إلى أن قال " بل قصدُه الخيرَ بالشر –على خلاف مقتضى الشرع- شرٌ آخر، فإن عرفه فهو معاند للشرع، وإن جهله فهو عاص بجهله؛ إذ طلب العلم فريضة على كل مسلم، والخيرات إنما يعرف كونها خيرا للشرع فكيف يمكن أن يكون الشر خيرا؟ هيهات، بل المروج لذلك على القلب خفي الشهوة وباطن الهوى؛ فإن القلب إذا كان مائلا إلى طلب الجاه واستمالة قلوب الناس وسائر حظوظ النفس توسل الشيطان به إلى التلبيس على الجاهل، ولذلك قال سهل رحمه الله تعالى: ما عصي الله تعالى بمعصية أعظم من الجهل! قيل: يا أبا محمد، هل تعرف شيئا أشد من الجهل؟ قال نعم، الجهل بالجهل. وهو كما قال، لأن الجهل بالجهل يسد بالكلية باب التعلم  فمن يظن بالكلية بنفسه أنه عالم فكيف يتعلم؟ وكذلك أفضل ما أطيع الله تعالى به هو العلم، ورأس العلم: العلم بالعلم، كما أن رأس الجهل: الجهل بالجهل. فإن من لا يعلم العلم النافع من العلم الضار اشتغل بما أكب الناس عليه من العلوم المزخرفة التي هي من وسائلهم إلى الدنيا، وذلك هو مادة الجهل ومنبع فساد العالم، والمقصود: أن من قصد الخير بمعصية عن جهل فهو غير معذور، إلا إذا كان قريب العهد بالإسلام ولم يجد بعد مهلة للتعلم. وقد قال الله سبحانه ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) وقال النبي:" لا يعذر الجاهل على الجهل، ولا يحل للجاهل أن يسكت على جهله، ولا للعالم أن يسكت على علمه" والعراقي يضعف سند الحديث لكن معناه طبعا صحيح. فها هو الغزالي ينص على جهل من ينزل قاعدة الدكتور طه على من قصد الطاعة بفعل المعصية، وينص على أن الجاهل لا يُعذر بجهله حين تكون نيته الحسنة مقرونة بهذا الجهل، .
·       قال النبي "من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" وقال "من قال في  القرآن برأيه فأصاب فقد أخطا"  والعلماء عمموا هذا فيمن قال في الدين عموما بلا علم، ولم يخصصوا منه من نيته حسنة، فاختلاف النية لا يؤثر إلا في زيادة استحقاقه للعقاب لا في أصله، والقائل في الدين بلا علم لو أصاب بالصدفة، فهو مخطئ لأنه بمجرد كلامه وقبل أن يصل إلى نتيجة يكون قد فعل ما نهاه الله عنه { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا } فهو قفا ما لا علم له به، وهذا القفو حرام عليه، فإن أصاب في النتيجة بالصدفة يخفف عنه العقاب فقط ولا يسقط كله، حتى لو كانت نيته نصر الدين! وأذكرك م بقول الغزالي " بل قصدُه الخيرَ بالشر –على خلاف مقتضى الشرع- شرٌ آخر"
.·       قال الله {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ } آثار عملهم أو فكرهم بعد موتهم ولو لملايين السنين تكتب عليهم بعد وفاته ويتحمل وزره كاملا وفوقه نصيبا من وزر من اعتقد بفكره المنحرف أو عمل عمله الباطل الذي سنه من غير أن ينقص من وزر التابع شيئا، ولم يخصص العلماء من الآية من نيته حسنة!
·       أهل البدعة في التاريخ الإسلامي كانت نيتهم حسنة ورغم ذلك وردت نصوص الوحي على ذم البدعة وخطورتها وأن المبتدع أخطر على الدين من الفاسق، ولم يعذرهم العلماء بنيتهم الحسنة.
ذلك الانحراف من هؤلاء الخرافيين يستمد مادته من تخاريف كثيرة قامت في عقولهم واقتنعوا بها، أصلها أنهم يريدون شيئا لا يقدرون عليه! يريدون نصرة الإسلام فلا الإسلام يقدرون على معرفته، ولا الإرادة يستطيعون كبحها! وقد كانوا يستطيعون نصرته حقا لو عرفوا حدودهم ولم يتجاوزوا، فكل إنسان يستطيع نصرة الإسلام لو أراد، هؤلاء هم "أهل ما بعد العجز" كتبت عنهم في هذا الرابط
http://elmorsykhalid.blogspot.com.eg/2016/03/blog-post_7.html
فليستمروا على ما هم عليه ولتدفع الأمة الفاتورة حين تحكم حلقة التخلف بقفص حديدي من صنع "النشطاء الجاهلين" وبهذا القفص يسدون على أنفسهم وعلى مجتمعهم إمكانية التوجه الصائب لالتفاتهم ووعيهم إلى النور إذا ظهر لهم من دعاته

تعليقات

المشاركات الشائعة