تعليقاتي على كتاب "روح الدين" للدكتور طه عبد الرحمن(1).

تعليقاتي على كتاب "روح الدين" للدكتور طه عبد الرحمن(1).
أتابع حلقة نقاش في جروب بالفيس بوك، لقراءة كتاب "روح الدين" ووجدتها فرصة لأطلع على فكر الدكتور طه، وهذه تعليقاتي على القدر المطلوب قراءته أسبوعيا، وهي تعليقات غير محررة، كتبتها ارتجالا وبعد قراءتي للمطلوب بأيام، لكنها مفيدة إن شاء الله.
حول كلام الدكتور عن مبدأ "الفطرة"
تعليقي: الكلام ينبني على تفسير "الفطرة" الواردة في النص النبوي والميثاق الوارد في القرآن الكريم، وفي رأيي بعد الاطلاع على بعض تفاسير العلماء فيها ، أنه مقصود بها خلق الله للجنس البشري على هيئة ساذجة كخلقه كل الجمادات والأحياء غير البشرية تسبح بحمده ولكن لا نفقه تسبيحهم، فكذلك خلق الله المولود على الفطرة بمعنى أنه كأنه يسبح بحمد الله كتسبيح الجمادات والأحياء الأخرى، فمثلا أبو جهل كان مولود كذلك، ويستحيل خلق مولود على صيغة شيطانية مثلا كما يقتضيه العقل أو يشك فيه، لو لم يرد فيه نص وحي،وإلا لكان هو أبو جهل.
هذا هو ثم لما يكبر المولود يتبقى فيه أثر هذه الذاكرة الغيبية او الاصلية بتعبير د طه، تتبقى فيه بحسب درجة تلوثه بالملوثات البيئية أو نجاته منها، ثم أي زيادات عن تلك الفطرة المجملة أراها نثبتها بالأدلة الأخرى إذا خاطبنا هذا المولود بعد كبره، قنبدأ معه من وجود الله إلى ما فوق ذلك كربوبيته وألوهيته ونبوة نبينا.
أما أن نريد إثبات ما فوق ذلك بكمونه في الذاكرة الأصلية فأراه لا طائل من ورائه ولا حاجة لنا به، ولذلك لا أعلم أحدا تحدث فيه ممن تحدث عن تفسير الفطرة من علماءنا السابقين الذين اطلعت عى أقوالهم.
رد أحد الأفاضل: بل هناك فائدة وهي استطلاع أصل النسبة النفسية للسلوك وذلك ذكره علماء المقاصد في حديثهم عن المقاصد التكوينية التي تستجيب للفطرة ويمكن تلمسها من الأحكام، فضلا عن استكشاف الصلة بين فطرة الإنسان وناموس الأكوان. وهذا مبحث مهم في الفلسفة الإسلامية وإن تنوع المصطلح وتفاوت.
رد خالد: نعم، أوافق حضرتك في ذلك، لكن لا يصح مقاربة هذا المطلب المهم، من جهة المولود وفطرته، لأننا لم نشهد فعل الله في تلك الفطرة بأي وسيلة تحصيل علم عدا الخبر عن المعصوم، والمعتمد في تفسير تلك الأخبار هو كلام السلف فيها، الذين ترضى الله على إجماعهم وفققهم، وكلام غيرهم فيها لا يمكن أن يكون إلا عن تخرص وتخمين لا حجة عليه. لكن من الممكن مقاربة هذا المطلب المهم من جهة أخرى حيث يتاح لنا فيها سبيل الحجة والبرهان، وتلك الجهة هي عقل الإنسان الناضج لا غريزة المولود، وهنا تحدث علماؤنا فمثلا أبو حامد الغزالي وابن تيمية وغيرهم قالوا إن العقل الصريح يوافق الشرع الصحيح في كل شيء، فالشرع أتى بالحق في كل شيء، ذلك الحق كان موجودا قبل نزول الشرع لكنه كدفين أو كقطرة ماء وسط بلايين القطرات في البحر لو تخيلنا البحر مقسما إلى قطرات لا من مياه سائلة، فكان من الممكن للعقل البشري الصالح لنعتبره (عقل نبينا لو لم يبعثه الله) أن يكتشف قيم السواء التي نزل به الشرع قبل نزوله، لكن لا يمكن أن يكتشفها بسرعة ولا بيقين فضلاً عن أن يمنح تلك السرعة وذاك اليقين غيرَه من الأتباع، بينما النبي الموحى اليه بشرع يعرف بسرعة بمجرد نزول الوحي اليه وبيقين لثبوت السند إلى الله تعالى، فيحصل السرعة واليقين في نفسه ويمنحهما غيره من الأتباع بمن فيهم من أهل العقول الضعيفة والقوية المنشغلين بالدنيا والمعيشة وغير ذلك.
(خالد المرسي)

تعليقات

المشاركات الشائعة