حقيقة تيارات الإسلام السياسي في نظر شيخنا العلامة طه العلواني.



حقيقة تيارات الإسلام السياسي في نظر شيخنا العلامة طه العلواني.
والشيخ طه العلواني يتكلم عن مفهوم "الحدود" في القرآن الكريم سرد الآيات القرآنية التي ورد فيها لفظ " الحد أو الحدود " وهي كلها تقصد به كل أحكام الله وشرائعه في الفرد والجماعة، ولكن الفقهاء اصطلحوا على معنى آخر ل" الحد" معرضين عن المعنى القرآني ليحصروه في العقوبات المُقدّرة، ويعلل الشيخ تضييقهم لهذا المفهوم بقوله :"
ربما يكون الدافع بارزا في أن السلطان ينظر إلى النظام العقابي على أنه أهم وسيلة لفرض الهيبة، وإبراز قوة السلطة، وتحقيق هدفه بفرض وإعلاء وسائل الزجر والردع لتحقيق أمن السلطة . وأخطر الأنظمة العقابية هو النظام الذي يمكن أن يُنسَب إلى الله تعالى لأنه عبر هذا النوع من الأنظمة العقابية يحصد السلطان كل ما يمكن أن يحققه لنظامه من فوائد، وينسب كل ما يمكن أن يترتب عليه من سلبيات إلى الله تعالى مع أن أية سلبيات قد يراها الناس إنما هي سلبيات ناجمة عن سوء التطبيق أو الانحراف به، لا عن حكم الله نفسه.
ولذلك كان العلماء الربانيون مثل الإمام مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد والحسن البصري وسفيان الثوري وغيرهم، كثيرا ما ينتقدون طرائق الحكام في التعسف في النظام العقابي والانحراف به، نجد ذلك شائعا في مواعظهم ونصائحهم للحكام بشكل مباشر، وكذلك في رسائلهم ودروسهم وفقههم. وقد عرفت أدبياتنا فيما عرفته رسائل أهل العدل والتوحيد إلى بعض الحاكمين يلومونهم على سوء استعمالهم للنظام العقابي، والتعسف في تطبيقه. ولقد رأينا في عصرنا هذا كيف اختزل بعض حملة ما يعرف بالإسلام السياسي الإسلامَ – كله – والشريعةَ الإسلامية – كلها - في ذلك النظام فنجد الكثيرين من هؤلاء يرفعون شعار تطبيق الشريعة ولا يريدون بالشريعة إلا العقوبات، ورأينا كيف تسارع بعض الأنظمة في تطبيق بعض العقوبات لتُثبت صلابتها في الدين وتمسكها بالشريعة، وقد لا يكون لها نصيب من الشريعة أكثر من تلك العقوبات.
كما أن رفع هذا النوع من الشعارات من أكثر الوسائل فعالية في خداع الأمة المؤمنة وعامتها بصفة خاصة، وتذكيرها بأمجاد التاريخ الإسلامي حين كان الإسلام سائدا. وحن تسقط الآيات التي حذرت من تعدي حدود الله على تلك العقوبات المحدودة فإنها من أيسر الوسائل لاستقطاب الجماهير المؤمنة وراء المنادين بذلك، وقيادتها ضد الأنظمة المطلوب اقتلاعها للحلول محلها، وحين يتم لهم ذلك فقد يطبقون عقوبة أو اثنتين، ثم تبدأ العقلانية والبراكماتية والرغبة في البقاء في السلطة تبرز وتشتد وتقوى ليتعلل الحكام الجدد بمثل ما كان يتعلل به أولئك الذين أطاحوا بهم ولله في خلقه شئون."

تعليقات

المشاركات الشائعة