دروشة تيارات الإسلام السياسي وجاهليتها.



دروشة تيارات الإسلام السياسي وجاهليتها.
.
بقلم - خالد المرسي

الدروشة هي تغييب العقل عن الواقع المعيش، وقد تتخذ مظاهر عدة منها دروشة الماضويين الذين يسمون بالسلفيين وهي تسمية لا يستحقونها لأن السلفية وصف مدح لا ذم، وأحيانا يكون الاندماج في الواقع حتى الثمالة هو دروشة! كدروشة تيار الإسلام السياسي وكثير من الدعاة بكافة ألوانهم وتوجهاتهم، رغم أنهم مندمجون في الواقع وفي العمل السياسي!
كيف هذا؟ يقول شيخنا العلامة طه العلواني بعض هذه التنظيمات قد أعلن تنظيمه قبل أن يحدد عالم أفكاره، فأصبح يتناول الأفكار من الواقع أو من التراث بشكل عشوائي وانتقائي ليلبي متطلبات التنظيم والحركة اليومية بدلا من ضبط حركة التنظيم بالفكر السليم)) ولا أدري هل هذا نص كلامه أم نقله الأستاذ إبراهيم سليم أبو حليوة مؤلف كتاب " طه جابر العلواني، تجليات التجديد في مشروعه الفكري" وهو يقصد كل هذه الحركات الدينية كما نص في مواضع أخرى من كتبه التي انتقد فيها هذه الجماعات
ما معنى هذه الملاحظة من شيخنا؟ معناها هو عدم وجود عقل كيف هذا؟ أولا ما العقل؟ العقل من الناحية الفكرية الفلسفية( لا التشريحية) هو مصفوفة القوانين والمفاهيم والتصورات التي تشكل بناء معرفيا متماسكا يتم تحصيله في فترات تعليم موجَّهة طويلة أقل مدة لها بضع سنوات ولا حد أقصى لها، بتلك المصفوفة يتكون مفهوم العلم ببُعديه المعرفي الذي يسميه الغربيون Epistemology والمنهجي Methodologia، فبتلك المصفوفة المكونة للعلم يتعامل العقل مع الواقع وجزئياته اللامتناهية ويراها في ضوء من هذه المصفوفة وعلى هدي، منها فبها يتم التركيز على جزئيات ووقائع دون أخرى ويستدل ببعضها على غير ما يُستدل ببعض آخر، ومن هنا تحدث المراجعة الفكرية ليتأكد صواب أجزاء (المصفوفة / العلم) أو خطأها، ويتحدد وجه الصواب أيضا، وهذا هو مفهوم العقل بمعناه اللغوي والفكري أنه يحجزك عما ينبغي الابتعاد عنه ويشجعك على ما ينبغي الاقبال عليه.
أما بدون (المصفوفة / العلم) فلن يكون هناك حجز ولا تشجيع ولا ترجيح لجزئيات واقعية أو رؤيتها على خلاف رؤية غيرها بحيث تغذي فكر الناظر تغذية راجعة فتصوبه أو تخطئه، لأن جزئيات الواقع غير متناهية وفيها أدلة على كل شيء على الشيء ونقيضه كما أن طبيعة العقل البشري المُدرك لتلك الجزئيات أنه يفرز عددا غير متناهي من الآراء والتوجهات ( التوجه ونقيضه) حيث يرى في تلك الجزئيات أدلة على أي رأي أو أي توجه! ومن هنا لا يوجد احتمال لأن يعرف المفكر خطئه أبدا بل ليس هناك إلا صوابه فهو على يقين لأنه يرى الأدلة تتواتر عليه من جزئيات الواقع فيظن الناظر لتلك الجماعات أنهم يتعامون عن الخطأ ( كما قيل عنهم بعد الانقلاب) ولكن الحقيقة أن كثيرا منهم لا يرون خطأ أصلا! وكان أحد قادتهم بعد تمكن الانقلاب يستدل على زواله بجزئيات واقعية أخذها من تاريخ الثورات والانقلابات في الغرب لكنه أخذ منها الجزئيات فاستدل بفشلاللانقلاب العسكري على الرئيس الفنزويلي شافيز عام ٢٠٠٢، وكنت أستدل أنا عليه بالقانون ( سنة الله في أمثالهم التي عرفتها أثناء تعلمي المصفوفة /العلم).
أما عن الجاهلية فهي غياب القانون الإلاهي الصحيح وإحلال قوانين غير حقيقية يحسبها أهلها قوانين معبرة عن حقائق الأمور.
دين الجاهلية في الماضي كان أحد نظم المجتمع يحدد ملامحه ووظائفه الرؤساء، فبعث الله إليهم الرسل يذكرونهم ويعلمونهم القوانين الصحيحة،
ودين الجاهلية في علوم الاجتماع الغربية الحديثة مهم جدا ويساوي الغناء والرقص والفن في إعطاء الفاعلية للمجتمع، وكثير من علماء هذه العلوم السياسية يشجعون الجماعات الإسلامية من هذا المنظور الجاهلي للدين ويشجعون دعاة الإسلام الدراويش الذين يملأون الفضائيات ويتابعهم الملايين كما يتابعون الفجرة من مشاهير الراقصات والفنانين من هذا المنظور الجاهلي للدين، وتلك الجماعات الإسلامية فرحة وترى ذلك إنجازا عظيما لدين الإسلام! ولا يدركون أن الإسلام تحول على أيديهم إلى نوع من أنواع الأديان الجاهلية المُحترمة عند أصحابها في الماضي والحاضر! ويسمون إنجازهم هذا ب " الصحوة الإسلامية"! واسمها الحقيقي النكبة أو الخيبة الإسلامية! ،
فالجاهليون الحقيقيون هم هؤلاء الجماعات الإسلامية منذ أول حسن البنا وسيد قطب وأمثالهما ( وإن كانوا حسني النية) وليست المجتمعات المسلمة هي الجاهلية كما زعم سيد قطب وأخوه وأمثالهما،.
ألم يأن الأوان ليجتمع المسلمون وحكامهم لإنقاذ ما تبقى من أطلال الدين والدنيا اللذين هدما أعظم أجزائهما على يد هؤلاء الإسلامجية؟ ( وإن كانوا لا يقصدون لضعف عقولهم وغيابها!؟

تعليقات

المشاركات الشائعة