الإسلام دين المحبة الشاملة

هذه خاطرة كتبتها على الفيس بوك وناقشني فيها أحد المعلقين فأحببت نقلها والنقاش هنا. 
الإسلام لا يعرف حبا كاملا أو كرها كاملا لأحد، فأنت تحب المؤمن لإيمانه وتكرهه شرعا لمعاصيه أو قدرا لأمور خاصة بينك وبينه، وكذلك الإسلام أمرنا بحب الكفار أي حبهم على ما يحسنون فيه من المشتركات وبغضهم على ما أساءوا فيه ككفرهم بالله ونحو ذلك . فمن العجب أن يأتي جاهل بكلام لا يُعرف عند العلماء ليعمم الكره للكفار ولا يجوز حبهم ! اقرؤوا فصل " المحبة الشاملة" للإمام محمد دراز من كتابه نظرات في الإسلام.
المعلق: ماذا يعني قولك ان المؤمن يُكرَه قدرا "لامور خاصة بينك وبينه"؟ اليس المؤمن يحب من كل وجه؟
،
وأليس الكافر يبغض من كل وجه؟! فكيف يُحَب على ما يحسن ؟

 خالد: هذا الكلام الذي تقوله أخي أحمد هو من كلام السلفيين - وكعادتهم لا يستطيعون إفهام غيرَهم كلامَهم - فاسأل الشيوخ الذي سمعتهم يقولون ذلك عن معى هذا الكلام فإذا شرحوه لنا لكلام يُفهم عقليا أي يفهمه العقلاء حينها ننظر فيه لنقتنع به أو نرفضه.
أما الآن فأنا لا أفهم إلا كلام الأئمة كمحمد دراز في الكتاب المشار إليه وهذا هو ما تعلمته من خبرتي العلمية ومن سيرة الأنبياء ومن تبعهم. والفائدة التي أوردها عمر غازيمثال على ذلك.

 أما المؤمن فقد تكرهه لأمور خاصة أي دنيوية بينك وبينه خاصة وقد لا تكون مثل هذه الأمور منشأ الكره متوفرة في علاقته مع آخرين، فهم يحبونه وأنت تكرهه لأمور دنيوية لا علاقة لها بالشرع. كحديث نبينا " الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف
المعلق: 
سمع انا اول مرة اسمع عن جواز كراهية مسلم لامور دنيوية !!
تكره افعاله السيئة ماشي لكن تكره شخصه !! ولامور دنيوية !!
وايضا اول مرة اسمع عن ان الكافر قد يحب لشخصه لاحسانه في بعض امور !
ثم حضرتك تقول هو من كلام السلفيين !هل عرضت هذا الكلام على أحد منهم ؟

خالد: 
أخي أحمد أنا أحترم كل مشايخنا ولكن يجب التفريق بين الدعاة أو مدرسين الدين وبين العلماء، وأيضا الحق أحق من كل الناس، لا يصح أن أقتنع بكلام عالم ثم لا أعلن قناعتي . هذا الكلام هو الذي أنا مقتنع به لأنه متوافق مع صحيح العقل وصحيح الدين. أما كلام المشايخ الأفاضل فلم يذكروا أدلة عليه لا من الدين ولا من العقل بل أنا على يقين أن من يقوله لا يفهمه أصلاً! لأنه كلام لا يُفهم إنما هم يرددون ما حفظوه بدون فهم ولا تعقل. أما كراهية المسلم فهي واقعة قدرا هل تنكر أنك قد يتعكر صفو قلبك من فلان المسلم؟ لا بد من التفريق بين المقدس وغير المقدس بين الديني وغير الديني وهذا التفريق هو مهمة العلماء لا كل من دعا إلى الله، فهل حكم من سب الصحابة وكرههم لنصرتهم الدين كحكم من وجد في نفسه من أحدهم شيئا بسبب أمر دنيا كتجارة أو أو نحو ذلك؟!!، لأنه تفريق يحتاج إلى فهم أهل العلم وفقههم. يقول الشيخ دراز في موطن آخر غير كتابنا هذا ما نصه " إن الحب والبغض حالتان نفسيتان وليدتا أسباب يبدو بعضها ويخفى عنا بعضُها، فقد يكون مردها إلى مجرد تجاذب الأرواح أو تنافرها، أو إلى تقارب الأذواق والآراء أو تباعدها، أو إلى غير ذلك من البواعث، وأما ما كان منهما من صنع الله مقلب القلوب. وكذلك ما يتبعهما من الآثار الجبلية التي لا تنكر قرة عين، ووإشراقة جبين، وانفساح صدر، وراحة ونعيم، في لقاء من تحب ومناجاته، وأضداد ذلك في لقاء من تبغض. إلى هنا يقف عمل الفطرة الذي رفعت عنا فيه الأقلام، ولكننا في غالب الأمر نضيف إليها آثارا من صنعنا، إذ نفرق في المعاملة بين من نحب ومن نبغض، ولا نسوي بينهما في الحكم، بل نكيل لهما بكيلين، ونزن بميزانين: فنحابي من نحب، ونغطي عن هفواته، ونتحامل على من نكره، ونغطي على حسناته. هذا هو الجور الذي نهانا اللله عنه. إذ يقول عز شأنهوَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ويقول وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ
شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ هكذا حملنا الإسلام مسؤولية عملنا، وعافانا مما ليس من كسبنا، فلم يكلفنا اقتلاع عاطفة الرضا ونازعة السخط من أنفسنا، ولا كف آثارهما الجبلية، ولكن كف آثارهما الاختياراية الجائزة، وقد جعل لنا في ذلك الأسوة الحسنة بصاحب الخلق العظيم، فقد كان يعدل حق العدل بين زوجاته، ثم يقول:" اللهم هذا جهدي فيما أملك، ولا طاقة لي فيما تملك ولا أملك" .
أما عن سلفيتي فأنا ألإضل الإنتساب للإسلام وفقط كما سمانا الله مسلمين، ذلك لأن مفاهيم السلفي والاخواني بل والإسلامي في زماننا صارت لها دلالات سيئة للأخطاء التي يغرق فيها المنتسبون لهذه المصطلحات. أما منهجي الديني فهو ما أكتب عنه كثيرا هو منهج أهل العلم المجددين كمحمد عبده ورشيد رضا ودراز هكذا أمرنا الله أن نفهم الدين وندعوا اليه على الوجه الذي يعرفه العلماء المجددون لا كل من دعا إلى الله وعمل صالحا،و لا أتبع أحدا منهم على خطأ ظهر لي وجه خطأه ظهورا بينا واضحا لا إشكال فيه.
والخلاصة " أنه لا يوجد في العقل حبا كاملا أو بغضا كاملا لشخص ما كافر أو مؤمن، فكان نبينا يتعامل مع الكفار فكان يحب ما يحسنونه كحماية بعضهم له ويبغض كما لا يحسنونه كالأفعال الجاهلية من كفر ومعاصي، وكذلك المسلم نبغضه على أفعاله الجاهلية من معاصي ونحبه على إيمانه بالشهادتين وهكذا ...." والمثال الذي أورد عمر غازي " جواز زواج المسلم بأهل الكتاب من أدلة ذلك
المعلق: 

في (الخلاصة) تباين واضح في عباراتك اخي العزيز بين ذكرك لكره وبغض افعال الكفار وكره وبغض ذوات المسلمين
فانت ذكرت ان النبي كان يحب "ما" يحسنونه -اي الكفار -وهذا حق بلا شك حيث انه يحب "ما" يحسنونه ولا يحبهم لذواتهم- ويبغض -صلى الله عليه وسلم- "ما" لا يحسنونه، ثم عندما ذكرت المسلم في حالة البغض قلتَ: وكذلك المسلم نبغضـ "ـه"! ولم تقل:نبغض افعاله كما فعلت مع الكافر! نعم قد اكره انا مسلما -قدرا- لامر دنيا او لظلمه لي او لأي سبب اخر ولكن كرهي القدري له مذموم شرعا وانا مطالب -شرعا- بالاقلاع عن ذلك الكره، اكره افعاله ولا اكره ذاته، والكافر اكره ذاته وان احببت بعض افعاله واحب له الخير
الم يصل الينا عن رسول الله انه قال: اوثق عرى الايمان ,, الحب في الله والبغض في الله ؟
ذكر الشيخ فلان عن الامام "العالم" شيخ الاسلام ابن تيمية انه قال أن: (المؤمن المطيع الذي لا يـُعلم عنه معصية ولا بدعة يحب من كل وجه، (والكافر يبغض من كل وجه)، والمسلم الذي عنده فجور وطاعة، وسنة وبدعة، يحب لإسلامه وطاعته، ويبغض لمعصيته وفجوره وبدعته.)
،
*"الكافر يبغض من كل وجه" ، لذلك فاظن انه قد جانبك الصواب أخي الفاضل عندما قلت: فمن العجب أن يأتي جاهل بكلام لا يُعرف عند العلماء ليعمم الكره للكفار ولا يجوز حبهم
لانه كلام معروف عند العلماء وليس غريبا عليهم
*"والمسلم يبغض لـ "معصيته وفجوره وبدعته"".

اما المثال الذي ذكره الاخ الكريم عمر ان السماح بزواج الكتابية هو اذن بحبها فلا تعارض بين حبه الجبلي الفطري لها وبغضه لها في الله، وكذلك يفعل المؤمن مع ابويه الكافرين واقاربه، فذلك حب جبلي لا يلزم منه ان يتخلى المسلم عن بغضه للكافر في الله وكلامي هذا مستفاد من كلام للشيخ البراك اورده مركز الفتوى
على هذا الرابط ردا على تساؤل في الامر ذاته "الحب والبغض للزوجة الكتابية"
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=166485
وذُكر ايضا في نفس الفتوى:
قال العدوي المالكي في حاشيته: قَوْلُهُ: وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك ـ أَيْ: نَطْرَحُ مَوَدَّةَ الْعَابِدِ لِغَيْرِك، وَلا نُحِبُّ دِينَهُ وَلا نَمِيلُ إلَيْهِ، وَلا يُعْتَرَضُ هَذَا بِإِبَاحَةِ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ، لأَنَّ فِي تَزَوُّجِهَا مَيْلًا لَهَا، لأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَةِ وَالْمُرَادُ هُوَ بُغْضُ الدِّينِ. اهـ .

خالد :  
أخي الحبيب أحمد: المسائل المعقدة كهذه تكون لها أبعاد متعددة، وهذه خاطرة فيس بوك قد لا أوفي بأبعادها إلا بعد الاستيضاح وها انت تستوضح فأقول، أنا أتفق معك في كصير وأوضح لك قصدي فيما أشكل عليك. لم أقصد كره الذات ، لأنك كيف تكره ذاته؟ والذات لحم ودم وعروق مخلوقة كيف تكرهها؟ مثلها كمثل لحم البهائم لا أكره منه إلا ما ثبت النص بخبثه كالبرص مثلاً، أما ذات الإنسان - لحم ودم - فكيف أكرهها؟ نحن نحب ذوات الكفار والمسلمين لأن الله أثبت للجنس البشري حرمة بغذ النظر عن الدين وهي حرمة الإنسانية وأثبت لهم الكرامة الإنسانية فلا يصح أن أمتهنه وأمثل بجثته، فمن هذه الجهة نحب كل الذوات لأن النص الشرعي أثبت لهم كرامة لم يثبتها في ذوات البهائم. وقولك :" ولكن كرهي القدري له مذموم شرعا وانا مطالب -شرعا- بالاقلاع عن ذلك الكره، " لا ليس مذموم شرعا لأنه أمر فطري جبلي كأحاديث النفس التي عفا الله عنها ما لم نعمل أو نتكلم، والواجب فقط هو عدم ترتب أثار على هذا الكره الجبلي كأن نمنعه حقه المشروع أو نظلمه.
أما الكلام المنقول عن ابن تيمية فأريد أن أعطيك قواعد هادية، قلت لك قبل ذلك في هذا البوست أن هناك فرقا بين الدعاة ومدرسين الدين الأفاضل وبين علماء الدين يجب أن يعرف المسلم الفرق بينهما لأنه مأمور شرعا بتحديد من يتلقى عنهم دينه، فمدرس الدين هو الذي لا يصح له أن يخرج عن موضوع الكتب المدرسية أو الجامعية تلك الكتب التي يتعلم كيف يشرحها ممن قبله من المدرسين وهذا الشرح لها لا يحتاج لكثير فهم ، إنما يكتفى فيه بالفهم العادي والحفظ والمتابعة فقط، ولكن عالَم الدين هو الذي له أن يخرج من موضوع الكتب المنهجية ليدلي بقوله ورأيه في مسائل الدين التي تحتاج لدقيق فكر ونوع إبداع، هذا يعني أنك قد تستشرح كتابا مدرسيا أو جامعيا في الفقه ونحو ذلك من مدرس الدين، لكن ما يخرج عن موضوع هذا الكتاب مما يحتاج لفهم دقيق ونظر ثاقب لا يتوفر إلا في العلماء فلا يصح أخذه إلا من العلماء، والواجب على مدرس الدين أو الداعية أن يعرف ذلك ويعرف حدود عمله ولا يخرج عن مجال الكتب الجامعية برأيه لكن يخرج متبعا لأهل العلم ولا يستقل بالنظر والبت في هذه المسائل. وبناء عليه أقول العالم فقط هو الذي يستدل بأدلة القرآن والسنة في مثل هذه الكمسائل لأنه وحده الذي يؤمن من أن يستدل بدليل من القرآن أو السنة يضرب به أدلة أخرى منهما أو يضرب محكما بمتشابه أو كلي بجزئي هكذا قال الأئمة كالشاطبي في كتاب تالاعتصام وكتابه كله مبني على ما ذكرته!، أما في كلام غير الله غفهو أولى أن نفعل معه ذلك ككلام العلماء يقول ابن تيمية في كتاب الايمان ص 32 :" ليس لأحد أن يحمل كلام أحد من الناس إلا على ما عُرف أنه أراده لا على ما يحتمله اللفظ في كلام كل أحد" وعليه فإن المأمون أن يعرف مراد الإمام من جملته المقتطعة هم العلماء لا المدرسون أو الدعاة كما سبق شرح مثاله في الاستدلال بكلام الله ورسوله، نأتي الآن لنأخذ الجملة المقتطعة من كلام ابن تيمية أقول : نحن نظلم ابن تيمية بمثل هذه النقولات لأن هذه الجملة يستحيل أن تُفهم عقلا وهي مصادمة لصريح العقل ولصحيح الشرع فمثلا هو مناقض لكلامك ذاته الذي نقلته عن الشيخ البراك فكيف يحب زوجته ويحب والديه حبا جبليا قدريا والمطلوب منه " أن يبغضهما من كل وجه"؟ ما معنى " كل وجه" ما معنى هذه الكلية؟ وما هي وجوهها تلك بالتفصيل؟ ثم إن نقلك يقول فيه إن المراد بغض الدين وهذا هو صريح خاطرتي! فأنا نصيت على أننا نكره الكفر والمعاصي من المؤمن والكافر على سواء!! ففيمَ الخلاف إذن؟ الواقع أنه هنا خلاف بلا خلاف لأن ضعيف العقل أو سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان - وحداثة السن شرعا تتحدد بالعلم والعقل لا بالسن - يعملون من الحبة قبة ويشتغلون أو يزاولون أنفسهم قبل أن يزاولوا غيره كما يقول معتز عبد الفتاح " من خف عقله تعبت رجليه" وأتعب معه غيره

المعلق: 
أحبك الله أخي الفاضل
من تراه ينطبق عليه قول العالم؟ او حتى طلبة علم؟

اعود الى الموضوع
نعم انا لاحظت تناقضا ما بين كلام شيخ الاسلام ابن تيمية وبين كلام الشيخ البراك، ولكن دا مش معناه -بالضرورة- ان الاتنين كلامهم غلط
وبعدين ذكرت ان الله قد اثبت حرمة للجنس البشري !! باطلاق هكذا
اذن للملحد حرمة، وللبوذي حرمة؟! ام ماذا؟
والمقصود بكره الذات ليس كره لحمه وشحمه ودراعه ورجاه

لكن كره "شخص" الكافر لكفره
يعني انا ابغض شخص الكافر في الله واتقرب الى الله بذلك واحب له الخير والهدايه واحب "افعاله" ان كانت صوابا ولا يوجد في ذلك تناقض على ما اظن

خالد:  
 الجملة المقتطعة من كلام ابن تيمية يستحيل عقلا أن تُفهم وهي تصنف في دائرة الفكر الخرافي، فاسأل المستدلين بها عن معنى الكلية وعن تعداد الوجوه وشرحها وجها وجها لتعلم أنهم ببغاوات وحمير يحملون أسفارا - كما يصف ابن تيمية أمثالهم - أما نسبتها لابن تيمية فيحكمها القاعدة التي نقلتها لك من كلام ابن تيمية ذاته. وبخصوص أخر سطر من مشاركتك فهذا هو ما أقصده وهو ما يقصده الناس حينما يقولون بحب المسيحي المشارك في الوطن!! ولكن ضعيف العقل - كما قلت لك - بيشتغل نفسه ويزاولها قبل ما يزاول الناس، حب أفعاله لا يتصور إلا بحب شخصه لأن شخصه هو الذي فعل الفعل، وكذلك نكره شخصه لكفره بالله أو لفساده في الأرض لأن شخصه هو الذي كفر وفعل الجرائم. فليس هناك إذن حب عام ولا كره عام لمسلم أو كافر، وبخصوص سؤال عن من هم العلماء فهي مسئولية شخصية عليك ستحاسب عليها يوم القيامة وأنت تطلب العلم فاجتهد وانظر ومن اجتههد هداه الله الى الحق 

تعليقات

المشاركات الشائعة