أسئلة في مقال " حول تشبيه السلفيين بأهل الحديث في مقابل أهل الرأي." (1)

أحد الإخوة يريد تفصيل القول في معنى " الثغرات الفكرية" التي قلت إنها تسببت في النهاية في حدوث خلل عظيم في البنية العقلية والسلوكية لدى السلفيين من هذا المقال http://elmorsykhalid.blogspot.com/2013/05/blog-post_8.html. 

بيان هذه الثغرات كالآتي: أضرب لك مثالا من الحياة اليومية لأن العمليات التي يقوم بها الإنسان في حياته ما هي إلا صورة مصغرة للبحث العلمي، كل إنسان له في نشاطه اليومي لا سيما الوظيفة خطوات متسلسلة، فصاحب الدكان له خطوات متسلسلة مرتبة لا بد أن يقوم بها متصلة منذ يفتح الدكان إلى أن يقفله سواء في عد الأموال أو في نشر البضاعة وعرضها وإظهارها للباعة ونحو ذلك، فلو اختل تسلسل هذه الخطوات في عمله تأثر دكانه بالسلب فورا فينتبه إن كان ناسيا، لكن ما العمل إذا كان قد نسي القيام ببعض خطوات السلسلة الفعلية اليومية ولم يتأثر دكانه ولم يجد من يذكره في العاجل رغم أن أثر هذا النسيان سيتراكم عليه مرة واحدة في الآجل وبعد وقت طويل؟ سيظل غافلا حتى ينبهه الأثر السيء حين يقع في وقته أو حين يأتي من ينبهه قبل وقوعه، مثال آخر: أنت قد تحفظ شيئا من القرآن الكريم مع نفسك وتختبر نفسك بنفسك فتجد نفسك حافظا لكن لو اختبرك آخر لوجدت نفسك غير حافظ لأنك ستخطئ أمامه فتنتبه لما لا تنتبه له لو كنت تقرأ على نفسك. كذلك البحث العلمي قائم كله على مبدأ النظام والتنظيم التسلسلي المنطقي الذي يجب أن يلتزم به الباحث وإلا اعتبر بحثه غير علمي ولذلك يجب على الباحث الجديد أن يقضي فترة تدريب على يد باحثين كبار لينبهوه إلى أخطاء اختلال التسلسل فينال خبرة تؤهله إلى إجادة البحث بمفرده بعد ذلك، وهذا هو الخلل الذي وقع فيه السلفيون - ويشترك معهم فيه أغلب الإسلاميين من كافة الحركات والتيارات مع اختلاف تمظهرات هذا الخلل لاختلاف مجالات عمل كل منهما - لم يعرف السلفيون غير المشايخ الأفاضل المذكورة أسماؤهم وأمثالهم في مصر كالشيخ حامد الفقي مثلا وأمثاله، وهؤلاء نتاجهم الفكري لا يلبي الاحتياجات الأساسية - الروحية والفكرية - لجمهرة المسلمين في هذا العصر، ففيه فجوات كثيرة جدا فسار السلفيون ولم ينتبهوا لوجود هذه الثغرات والفجوات ونظرا لأن هذا شأن فكري فلا تحدث أثاره - الجيدة والسيئة - إلا بعد وقت طويل فلم تحدث مصيبة عاجلة تنبههم إلى هذا الخلل، ولكن أحيانا كثيرة كان يأتيهم من ينبههم وينصحهم بل ووصل الأمر إلى حد الصياح فيهم ونداءهم بصوت عال ومن كل واد بل والتشريد بهم والتشنيع عليهم كصيحات الشيخ محمد الغزالي رحمه الله وغيره من مفكري الأمة، ولكن الله أعماهم - لما له من الحكم البالغة - ولم ينتبهوا وتعاموا عن نصح الناصحين وردوه لما رأوا منهم بعض التقصير في جانب آخر ولم ينتبهوا إلى أن الإنسان قد يقصر في جانب ويصيب في آخر بل هناك حديث نبوي صحيح وهذا جزء من نصه "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ " ، قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " أَتَدْرِي أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ ؟ " قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : " أَعْلَمُ النَّاسِ أَبْصَرُهُمْ بِالْحَقِّ إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ وَإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِي الْعَمَلِ" فظلوا في عمى وظلوا يسيرون في طريق طويل على ثغرات وفجوات كبيرة وهم ذاهلون عما ينتظرهم من مآل ونتائج بالغة السوء وبالغة التدمير لعقل اتباعهم ولفهم غيرهم للدين إذا رأوهم في هذا الحال!

تعليقات

المشاركات الشائعة