مسألة في أصول الفقه والدين للتذاكر.

من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ثم كان عقلانيا تنويريا - نسبة إلى النور الذي جعله الله في السموات والأرض - فليتذاكر مع شيخه هذه المسألة ثم يخبرني بالنتيجة لعل الله ييسر خيرا (:
خالد: شيخنا الفاضل: ابن القيم حين تكلم عن الحكم الجليلة المترتبة على شريعة الله قال " إنما نعني بذلك الشريعة التي أنزلها الله على رسوله وشرعها للأمة ودعاهم إليها. لا الشريعة المبدلة ولا المؤولة ولا ما غلط فيه الغالطون وتأوله المتأولون، فإن هذين النوعين قد يشتملان على فساد وشر بل الشر والفساد الواقع بين الأمة من هاتين الشريعتين اللتين نسبتا إلى الشريعة المنزلة من عند الله عمدا أو خطأ"
من كتاب شفاء العليل ص 451
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=5304
أنا فهمت أن " الشريعة المبدلة" هي الأحكام والتنصورات والعقائد الناتجة عن استدلال وفق أصول أهل البدعة في الفهم وهي أيضا التي وقع فيها بعض أئمة السنة عن خطأ لا قصد كأشعرية بعضهم وكنفي بعضهم للحكمة والتعليل، وأن كل هؤلاء من أهل السنة وليسوا من أهل البدعة الذين تمحضوا للنظر وفق أصول البدعة في الاستدلال " فالأولون تعمدوا وأئمة السنة أخطأوا ولم يتعمدوا".
وفهمت من قوله " لا المؤولة ولا ما غلط فيه الغالطون وتأوله المتأولون" أن كل هذه الجملة تشتمل الأخطاء التي وقعت من أهل السنة أثناء قدح أفهامهم في نصوص الدين ولم يظهر لهم وجه خطأها في حياتهم كتلك التي قال فيها الإمام الشافعي " قولنا صواب يحتمل الخطأ وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب" ولكن ظهر بعد موته - لمن بعده - خطأ بعض أقواله ومنافاتها للسنة " في الثبوت او الدلالة" فهل فهمي صحيح؟ وجزاكم الله خيرا.
خالد: الباعث على السؤال عن صحة فهمي هو خلفيتي المعرفية عن البدعة بفرض صحتها كما أفهمها وهي: أن ضابط البدعة هو التغيير في الأوضاع الشرعية فيعمد الرجل إلى مندوب فيجعله واجبا أو إلى حلال فيجعله حراما أو إلى مباح فيجعله قربة كما يقول الشيخ محمد دراز رغم أن المباح يكون قربة بالنية لا بانقلاب ذاته قربة، وبناء على هذا الفهم لا يكون هناك فرق بين الشريعة المبدلة والشريعة المؤولة التي هي أقوال المجتهدين لأن هؤلاء المجتهدين من أهل السنة يلزمهم أن ينسبوا أقوالهم المظنونة هذه إلى الدين لأنها نتيجة الاجتهاد والنظر في نصوصه ، وأي حكم أُخذ من مصادر الدين المعتبرة - ومنها الاجتهاد - لزم نسبته إلى الدين فلو كان بعضها مما اخطأه المجتهد لزم أن يكون بدعة " شريعة مبدلة" لأنه تغيير في وضع شرعي كما مر من ضابط البدعة، فمثلا: كان الإمام الشافعي يرى عدم رفع اليدين بعد القيام من الجلوس الأول في الصلاة رغم أن السنة ثبتت بخلاف ذلك فيكون قول الإمام هذا بدعة ينطبق عليه شرط البدعة فيكون شريعة مبدلة وينطبق عليه أيضا شرط الشريعة المؤولة فما الفرق بينهما إذن؟ فكرت في ذلك فكان نتيجة التفكير هي الفهم الذي سألت عنه في السؤال الأصلي.
وجزاكم الله خيرا.
الشيخ: وصف البدعة وصف تنفير وإنكار ، ولذلك لا يصح إطلاقه على المظنون خطؤه ، ولا يصح إطلاقه إلا على ما نقطع ببطلان نسبته للدين.
خالد: جزاكم الله خيرا، ما أعرفه أن البدعة هي علم أصول الدين وفروعه وظاهره وباطنه كما يقول الشيخ دراز، وقال الشاطبي إن الطرطوشي نقل أقوالا عن الصحابة تعمم وصف البدعة على الأقوال والأعمال وما هو غير العقائد.
وحيث إن اليقين شرط واجب في
إثبات العقائد عند بعض العلماء ولا يلزم عند جميعهم في إثبات غير العقائد ويكتفون فيها بالظن، بناء على كل ذلك فيلزم من يتصور وصف البدعة كما تصورها هؤلاء أن يطلقها في ما ثبت بطلانه يقينا في العقائد وظنا في غيرها لأن الدين يثبت بالظن في غيرها وبالطبع هؤلاء يعتبرون ويحترمون الخلاف المعتبر في الظنيات وكذلك يعتبرون وجود المتشابهات الإضافية التي تبتلى بها الأمة في زمن الجهل كزماننا ، لكنهم يتكلمون عن نمط مثالي قد لا يترتب عليه إنكار لاعتبارات أخرى خارجة عنه كالتي ذكرتها لا لذاته في نفسه أو في الأحوال العادية السوية.
ولا أستطيع فهم كلام فضيلتك في هذا الإطار إلا أن يكون لفضيلتك تصور آخر لوصف البدعة غير التصور العام لمن سبقت أسماؤهم؟.
الشيخ: لا. خلاف بين العلماء أن البدعة تقع في غير العقائد .
ولا خلاف أن العقائد منها الظني واليقيني .
ولا خلاف أن لفظ البدعة الاصطلاحي والشرعي لفظ إنكار وتشديد  ، وليست مثل : الخطأ والوهم ، وخلاف الصواب .
والنتيجة هو ما سبق
خالد: جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل على هذه الفوائد.

لا خلاف أن العقائد منها الظني واليقيني .
لم أفهم هذا السطر وكون لا خلاف فيه مع سابق معرفتي فمثلا يقول الشيخ دراز" العمل يكتفى فيه الترجيح بأدنى مرجح، أما العقيدة فلا بد فيها من وسائل اليقين الذي لا ريب معه، هذا هو مقتضى الفطرة السليمة كما هو مقتضى الشريعة" ويقول الشاطبي في تعليل ذلك أن اليقين لا يحتمل وجود ضده بينما الظن يحتمل هذا الوجود ولذلك كانت العقيدة لا بد فيها من يقين.
وكذلك هناك خلاف في الأخذ بأحاديث الأحاد الظنية في العقيدة وإن اتفق العلماء المعتبرين في الأخذ بأحاديث الأحاد في العمل.
الشيخ: مجوزات العقول من الغيبيات التي لم تثبت بدليل يقيني.
خالد: جزاكم الله خيرا: أرجو ضرب أمثلة لهذه المجوزات .


تعليقات

المشاركات الشائعة