عن كلام وائل القاسم بخصوص دخول كل الناس الجنة

يقول وائل القاسم في استدلاله على دخول كل الناس الجنة :" سأستمر في الإجابة عن جميع الأسئلة بالمثال السابق، الذي تعبت في صياغته ورسم صورته، وأعتقد أنه كفيل بإيقاف كل الأسئلة المماثلة لسؤالك، وهو قولي: “الأب أو المعلم… الخ” فأعد تأمله جيداً بهدوء." والمثل كما يصوغه :" (الأب أو المعلم يهدد أبناءه بمعاقبة المذنب أو المقصّر في الواجب ، ثم يرحمهم في النهاية -أحياناً- ولا يعاقب أحداً. فكيف برحمة الله؟!).
ما دمت تعد هذا المثل حجتك الأصلية وتريد الاحتكام إليه فسأحتكم معك إليه فقط لا غير وأثبت لك أنه حجة لنا وحجة على نقيض قولك.

المثل الذي شبه فعلَ الله به وأخذه دليلا أصليا على معتقده ؛ هو – في الحقيقة - ينقض معتقده نهائيا ويثبت اعتقادنا، وذلك يظهر بوضوح إذا حللنا عناصر المثل، إذ سنجد أن عناصره متفقة مع اعتقادنا وأن التشابه بين المثل في عناصره وبين فعل الله بعباده تشابه صحيح ( ولله المثل الأعلى) وإليك بيان ذلك.
"وائل" لا يعني أن هذا المثل يقع باطلاقه دائما لأنه قيده ب – "أحيانا" –، ومعنى قيده: أنه يجب أن نقطع ونجزم بوقوع العقاب من المدرس أو الأب على تلميذه أحيانا، هذا هو لازم القيد ب "– أحيانا –"، ولو لم يقيده للزمه هذا القيد باعتبار أن الواقع المحسوس وبداهة العقول يوجبانه، لأننا لا نتصور مدرسا لا يعاقب تلميذا قط أو أبا لا يعاقب ابنه قط إلا إذا كان المدرس معتوها، وهذا لن يرضى أحد بتشغيله مدرسا ولو فُرض أنه فتح مركزا تعليميا خاصا وعمل فيه فلن يُتصور أن يتعامل معه الأباء ويعلمون أولادهم عنده لأنه سيُعرف بأنه لم يعاقب طالبا قط! بل إنه دائما يتوعدهم ثم لا ينفذ وعيده وهذا دليل بله المدرس وعتهه – ونحن نعلم أنه لا يقع في واقع البشر –، ووائل يقر معنا بذلك، إذن هنا نقول إن الله كالمدرس أو الأب يجب أن نقطع بوقوع الوعيد منه على بعض عباده وأن نقطع بأنه قد يتوعد بعضهم ثم يعفو عنهم لأسباب ما تشفع له، وبهذا التشبيه نقول وهو اعتقادنا على مقتضى المثل، ويلزم وائل أن يعتقد كاعتقادنا ما دام أنه رضي الاحتكام إلى هذا المثل. يبقى النظر في سبب استحقاق من استحق تنفيذ الوعيد عليه وفي سبب العفو لمن استحقه، لو نظرنا في ذلك لرأينا أن بداهة العقول تحتم علينا بأن لا نتدخل في هذا الأمر وبأن نتركه للمعلم، ولذلك لو ذهبت إلى أي مدرسة أو مركز تعليمي وأعلنت نقدك لأحد المعلمين لأنه عاقب فلانا وعفى عن آخر بعد أن توعده؛ لقال لك أجهلُ الجهال ممن يسمعونك: أمجنون أنت؟ كيف تحكم في أمر المعلم مع تلامذته وهو أمر لا يعنيك ولا في دائرة قدرتك وعلمك؟ هذا معلم تعلم في الجامعة وتخصص في التربية والتعليم وربما كان ممن استكملوا دراساتهم العليا وهو دائم التعلم فما بالك أنت تتدخل في عمله؟ هذا هو ما سيقوله لك أجهل الجهال ( أي إنسان يحمل عقلا)، بل، ولو فرضنا أن الناقد في مستوى المعلم ( المنتقََد) تعليميا كذلك لامتنع نقده في بداهة العقول من جهة أنه لا يعلم شيئا عن الطلاب الذين تعامل معهم المعلم ولا عن أحوالهم المدرسية ( وهذا واضح)، ولو فرضنا أن هذا الناقد يشترك مع المنتقد (المعلم) في كل شيء كالتعليم وكالاشتراك في الشريحة المتعلمة إذ كان كل منهما يدرس لها نفس التخصص ونفس المادة التعليمية وفي نفس السنة المدرسية ( أي مشتركين في كل شيء حتى أعيان المتعلمين ) لصح نقده، ولكن هذا العنصر غير داخل في موضوعنا لأنه يفترض الاشتراك في العلم الكامل بالموضوع، ونحن ووائل نعتقد بوجود فروق جوهرية بين علمنا وبين علم الله (فيما يتعلق بأحوال من يريد الله عقابهم أو ثوابهم ) وحيث ثبت أن حالات هذا الناقد ممنوعة عليه ببداهة العقول ( لأنه تدخل فيما لا يحق له التدخل فيه ) فكذلك نقبل تشبيه الله بالمثل فنقول إن تدخل الناقد في تحديد الله من توعدهم أو وعدهم ثم من أراد إنفاذ وعيده فيهم أو عفوه عنهم؛ ممنوع ببداهة العقول كما امتنع في مثل المدرس، ويلزم "وائل" أن يعتقد كاعتقادنا طالما أنه ارتضى بالمثل حاكما ودليلا.

هذا الرد يكفي في اثبات المطلوب ولكن سيأتي في المشاركة القادمة تكملة تبدأ من حيث انتهى هذا الرد وهي أعمق منه أكتبها فقط لمن هو في حاجة لها وإلا فهذا الرد فيه الكفاية.

سأثبت البقية في التعليقات على الموضوع إن شاء الله   

تعليقات

المشاركات الشائعة