حول تباكي أستاذ عمرو خالد في دعاءه وهو في الحج.



حول تباكي أستاذ عمرو خالد في دعاءه وهو في الحج.
انتشر مقطع فيديو لأستاذ عمرو خالد، أثار استفزاز ومقت ناس كثيرين، يدعو فيه وهو يؤدي فريضة الحج، ويتكلف بشدة البكاء من غير أن تنزل دمعة واحدة من عينه وهذا رابطه من اليوتيوب
https://www.youtube.com/watch?v=n6lqgnqHj2o
 وأنا لم أشاهد تسجيلات له غير هذا، فلو كان يعتاد ذلك في تسجيلاته لكانت مصيبة دهماء!، وهذا نفاق ورياء محرم يبطل عمله ويستدعي مقت الله عليه، لكن يبدو أن عمرو خالد تباكى ظنا منه أن تباكيه هو التباكي المشروع الذي حض عليه نبينا صلى الله عليه وسلم "" ابكوا، فان لم تجدوا بكاءً؛ فتباكوا" على اختلاف في صحته أو وقفه، وخلط بسوء فهمه بين هذا التباكي المشروع وبين التباكي المتصنَّع المحرم، والفرق بينهما أن التباكي المشروع يُشرع لإنسان جلس مع صالحين بجد، فبكوا ولم يجد من نفسه ما يبكيه فتكلف البكاء معهم لتنزل دموعه مثلهم، هذا الإنسان هو إنسان عادي في المجلس وليس هو المقدَّم فيه لعلمه وورعه، ولذلك شُرع منه هذا التباكي كرياضة تعينه عليها الشعورُ الجمعي المغروس هو فيه، فلو استدعى بكاءَه بهذا التكلف (الرياضة) وبمعاونة الشعور الجمعي، لشعر بلذة البكاء مع جماعته، مما يحببه فيه ويحضه على سلوك طريق التقوى والرياضة، بهدف تكوين الدوافع الداخلية الحقيقية فيتحلى بالإيمان الحقيقي في قلبه وعقله ويرتاض على تكثيره وتنقيته من الشوائب، وطبيعي جدا أن من هذا حاله لا يصمه الناس بالنفاق، لأن الظروف المحاط بها من طبيعتها أن تنسجه في سلوك الجماعة وشعورهم، فلا شبهة إذن تجعل الناس يصفون هذا المتباكي بالرياء ليتبوأ منزلة ليست له، أما التباكي المحرم النابع من رياء فهو يصدر من إنسان لم يُحط بظروف الإنسان الآخر (كظروف الاشتراك في جماعة كإنسان عادي لا مقدم ولا مبرز) أما أن يكون الإنسان مقدمًا ومبرزًا في جماعة (كحالة عمرو خالد) ثم  يتباكى تكلفا من غير أن يكون مغلوبا من نفسه غير قادر على كتمه، فهذا هو عينه النفاق والرياء، لأنه يلبّس على الناس إذ سيستدل بعض المغرر بهم ببكاءه على أنه ناتج عن حالة داخلية (وهذا غير حقيقي وإلا فأين دموعه؟!) تلبيسًا بطاعة الله، وطاعة الله يجب أن تكون لله وحده لا أن يلبس بها ويستدعى بها حمدَ الناس أو يستدعي بها أي غرض آخر (باطلا) يراه هو بجهله حقا! كغرض دعوة الناس إلى الاسلام والايمان! وهذا غرض باطل سأنبه عليه لاحقا، يقول الإمام المحاسبي "الصياح والتنفس والتأوُّه والأنين يهيج عن الخوف، فإذا ظهر للعباد تصنَّع بذل العبد (أي مثّل أنه يتذلل لله) فيزيد فيه، حتى يزيد في مد صوته أو تحزينه، وكذلك تنفسه أو تأوهه وزفيره وأنينه، فذلك الذي لا يُختلَف فيه أنه رياء، لأن التزيد هو كابتدائه، تكلفه لطلب حمد المخلوقين"
فها هو ينقل الاجماع على أن هذا التباكي رياء، ثم نقل المحاسبي أحاديث وآثار قال "جاء في الحديث:" تعوذوا بالله من خشوع النفاق، قيل: وما خشوع النفاق؟ قال: أن يخشع البدنُ والقلبُ ليس بخاشع" وقال عمر رضي الله عنه" لا يزيد الخشوع على ما في القلب" منقول من كتاب الرعاية ص 299 و 302.
 وإن كان غرض الأستاذ عمرو ليس طلب المنزلة وحمد الأتباع، إنما غرضه حضهم على الايمان (وفي الحقيقة لا ينفك الغرضان عن هذا مثل هذا الشخص وإن توهم هو انفكاكهما) فهو غرض باطل قطعا ووسيلته باطلة أيضا، فلا يصح أن يطلب بالرياء المحرم طاعةَ واجبة أو مستحبة كتحبيب الناس في الايمان! كل الأولياء والعلماء كانوا يدعون الناس إلى الايمان بواسطة بث الفكر الاسلامي القويم والعمل به في أنفسهم، وكانوا لا يتكلفون البكاء بل يكتمونه إذا حاول الظهور أمام الناس، ولذلك نص العلماء على أن أفضل أحوال الأتقياء أن يكونوا مع الناس (أشخاصا عاديين) لا يتميزون عنهم في البكاء أو أسلوب الحديث أو طريقة المشي على الأرض أو نحو ذلك من مظاهر، لكن كانوا  يتميزون عنهم في سريرتهم وبينهم وبين الله فقط! وعلى ذلك كان أعظم صحابة رسول الله، وكذلك تناقل العلماء الآثر الذي نصه (إن الله أخفى ستا في ست، منها أنه اخفى أولياءَه في عباده) وكان العلماء والأولياء ينظرون إلى من يغلبه البكاء الحقيقي ولا يستطيع أن يكتمه فتنهمر دموعه أمام الناس أو تظهر في وجهه أو جسمه أي علامة ولو خفيفة على خشوع لم يُعهد مثله من عامة الناس، كانوا ينظرون إلى هذا الشخص على أنه ضعيف عقله وبدنه وقلبه، وإن كانوا يقرون له بالصدق والتقوى وعدم النفاق أو الرياء!!
خالد المرسي

تعليقات

المشاركات الشائعة