إلى من يطعن في نيتي لخمول ذكري وشهرة ذكر الدكتور طه عبد الرحمن.



إلى من يطعن في نيتي لخمول ذكري وشهرة ذكر الدكتور طه عبد الرحمن.
انتقدت د طه عبد الرحمن ووصفت فكره بأنه خرافي، وحاولت كثيرا أن أجره إلى المناقشة والحوار ليتبين أمري وأمره، فلم يستجب أو لم يخبره أحد إلى الآن، فاتهمني بعض أتباعه بأنني مصري مشرقي أريد الظهور الفكري وإعادة مجد المشارقة لأن د "طه" مغربي، وعيرني بعضهم بخمول ذكري مقابل شهرة د طه في الوسط الفكري، فهذه كلمة لهيجل وهو يواجه أهل الخرافة في زمنه ومجتمعه، مهمة جدا، منقولة ن كتابه "علم ظهور العقل" يقول "هيجل" عن الحق الكامن في محاولته التنويرية:" إن لها أن تشق طريقها يوما ما بفضل الحقيقة الكامنة في الشيء نفسه، إن لنا أن نكون على اقتناع بأن الحق طبيعته أن ينبثق متى آن أوانه وأنه لا يظهر إلا إذا حان هذا الأوان، لهذا كان لا يظهر مبكرا ملاقيا جمهورا لم ينضج بعد لتقبله"
 إلى أن يشيد "هيجل" بطبيعة العمل المستنير البطيء فيقول :"نتبين أحيانا تأثيرا أكثر بطئا يصحح الانتباه المسحور بالتوكيدات المتعالمة ويصحح الانتقادات المتعاظمة، هذا الفعل البطئ يعد مع الوقت للبعض، ولهم وحدهم، عالما يصبح عالمهم بينا يندثر الآخرون بلا أعقاب بعد نجاح موقوت".

الآن أتحدث أكثر وأقول: قال نبينا عليه الصلاة والسلام "اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة" فالله خلق أناسًا للخرافة والضلال وخلق آخرين للعلم والهدى، والله أدار أوضاع الدنيا على سنن تُعضد إرادتَه في خلقه، وتيسيره المختلف لهم، ليتم خلقُه ويُحكَم فلا يكون فيه فجوات ولا ثغرات، فيتم ابتلاء كلا من الفريقين في أنفسهم والبلاء بهم غيرَهم.
فمثلا، لما شاء الله خلق أناس للخرافة والباطل شاء كذلك أن يتماهى وينفعل هؤلاء بكليتهم ويتفانوا في خدمة هذه الخرافة، وكانت الأسباب الشائعة المعينة لهم على هذا التفاني هي أن ييسر الله لهم مزينات خارجية تزين لهم الباطل والخرافة وتحببها إليهم {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} وذلك لأنه يستحيل أن يكون لهم مزينات داخلية حقيقية لأن الخرافة والباطل ظلام لا نور، فعوضهم الله عنها بمزينات خارجية (كالشهادة الرسمية والوظيفة واتِّباع البسطاء ولربما أشياء أخرى كتمويلات مالية محلية وأجنبية) فيتلذذ الخرافي بحياته ويظن (بوهمه وغروره) أن لذته هي لذة حلاوة الإيمان الذي شعر به في نفسه، ولذة ابتكار أفكار الحق التي وقف عليها بعقله، فيزداد غروره ويتفانى بدافع تلك المزينات في التزود من الخرافة والرسوخ فيها وحبها، ليتم بلاء الله له، ويتم ابتلاء الآخرين به {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} أما أهل الحق والعلم والهدى فهؤلاء يشيع جدا أن يكونوا خاملين في وسط أقوامهم الذين يسود ويظهر فيهم أهل الخرافة، هؤلاء لما كان نورهم وعلمهم وهدادهم نورًا في ذاته تركهم الله ووكلهم إلي هذا النور الداخلي فصار هو عالمهم (بتعبير هيجل) الذي يرضون به ويجدون فيه السلوى ويتلمحون فيه الآمال، فيتفانوا فيه بدافع أنوارهم الداخلية وإن حرمهم الله من المزينات الخارجية التي منحها الخرافيين، فيتم بلاء الله لهؤلاء المهتدين، ويتم كذلك بلاء الآخرين بهم حيث يوازن (مثلا) الأتباع البسطاء بين الفريقين ويحتاج التابع إلى استجماع فكره ونشاطه وتركيزه ويتجرد  ليفصل بين الفريقين بالحق، ولا يحجبه عن الحق خمولُ ذكر أهله، ولا يدفعه إلى الباطل المزينات الخارجية التي يتحلى بها أهله، وهكذا تقوم السوق وتقام المنافسة بين أهل الحق واهل الباطل، والله يفتح بينهم ويحكم في الدنيا، والعاقبة للتقوى، ولئن أعلى الله ذكر أهل الباطل وأخمد ذكر أهل الحق إلى موتهم فهم أيضا راضون لأنهم يعلمون أن العاقبة للتقوى والنور قطعا{وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } وإن لم يروا ذلك هم في الدنيا فسيراه الأناس القادمون بإذن الله.
خالد المرسي

تعليقات

المشاركات الشائعة