اعذروا من يحارب كتب التراث (من المثقفين)



اعذروا من يحارب كتب التراث (من المثقفين)
ردت دار الإفتاء المصرية على السفيه الذي أفتى بجواز نكاح الرجل زوجتَه المتوفية (معاشرة الوداع) وقالت الدار إن هذا فعل لا تفعله البهائم فكيف بالإنسان! ونقلت كلام "ابن حجر" و "الهيتمي" أنه من كبائر الذنوب.
 والإشكال الذي لم تنتبه إليه دار الإفتاء هو أن العلماء القدامى كابن حجر تعرضوا فعلا لهذه المسألة ونصوا على تحريمها، فكيف يكون هذا الفعل لا تفعله البهائم كما تزعم دار الإفتاء، ثم يعرض إليه العلماء القدامى ويناقشوه فقهيًا؟! هذه شبهة قوية كفيلة بإسقاط كتب كل هؤلاء العلماء وهي كتب التراث! لأن من يتعرض لمسألة لا حاجة للبشر بل ولا للبهائم إليها، عرضًا مطولا أو مختصرًا، حتى تصير من المسائل الأساسية في الفقه! دلّ عرضُه لها على أنه أحمق! فكيف يوثَق بعلمه الذي حوته كتبُه؟! هذه شبهة تعرض للناس الأسوياء ولا تجد من يجيب عنها! أنا أعظِّم هذه الكتب لما فيها من علم اسلامي صحيح (رغم أني لا أعرف جواب هذه الشبهة!) فهي عندي من المتشابه الذي لا أُضِل بسببه لأني أرده إلى المحكم، ذلك المحكم الذي هو ما تحويه تلك الكتب من علم عظيم قرأته بنفسي، ولكن من هم غيري لم يروا من ذلك المحكم مثلما رأيت، وبالتالي فهذه "الشبهة" هي من المتشابه الذي سيضلون بسببه لعدم قدرتهم على رده إلى المحكم كما قال الله {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} وكما هو معروف في العلوم العقلية الأوروبية الحديثة، وبالتالي أرجو من الباحثين أن يعذروا كل من يحارب كتب التراث ويستحمق علماءها، لأن لهم شبهة قوية يعجز علماء عصرنا عن الرد عليها، بل يعجز سفهاؤنا عن عدم إثارة الشبهات (بالحق وبالباطل) على التراث! فكما أن الله يحب العذر وكذلك الله لا يلوم الضال إلا بعد أن تبين له الحجة البالغة ويعالَج جهلُه، فيجب علينا أن نوافق شأن الله في خلقه، فنعذرهم ولا نشتد عليهم باللوم على تحقيرهم لكتب التراث ولعلماءها (وأخص بكلامي من ليس متخصصا ممحَّضا في استحماق كتب التراث وأهلها) أما المتخصصون في ذلك الاستحماق فلا أقصدهم بكلامي، أقصد فقط من له قناعات خاصة ويطرحها بصفته مثقفا لا متخصصا متمحضا مجددا (كما يزعم بالوهم والباطل)

تعليقات

المشاركات الشائعة