علم الاجتماع والإسلام (3)

علم الاجتماع والإسلام (3)

تحدثت في هذين المقالين عن أن  ما يُسمى علم الاجتماع الأوروبي والذي تُقرَّر نتائجه في جامعاتنا، ينازع الإسلامَ في موضوعه ووظيفته، لا أنهما مجرد علمين متغايرين مسالمين، لكل منهما تكوين مستقل صالح صادق مستقيم (كما يزعم أصحابهما المعاصرين في بلادنا) هذه روابط المقالين

http://elmorsykhalid.blogspot.com.eg/2017/05/blog-post_16.html

https://elmorsykhalid.blogspot.com.eg/2017/08/2.html

 وهذه نصوص أخرى تؤكد كلامي لعل من يعنيه الأمر ينتبه لضرورة إدخال التعديلات اللازمة على فهمه لكل من العلمين.

تحدث "سيرج بوغام" عن ظيفة علم الاجتماع في المجتمع كما يراه مؤسسوه الأوروبيون ومن وظائفه عندهم ان "إميل دور كايم"(15 ابريل 1858 - 15 نوفمبر 1917) يقول:" أعتقد أن بمقدور علم الاجتماع أكثر من أي علم آخر... تولي إفهام الفرد ماهية المجتمع،.. سيعلمه أنه ليس إمبراطورية ضمن إمبراطورية أخرى بل عضوَ جسدٍ آخر،... سوف يشعره بأنه لا نقص يلحق به في تضامنه مع الآخر وتبعيته له وفي عدم إنتمائه كليةً إلى ذاته"  ويقول:" علينا أن نكون أولا وقبل كل شيء مرشدين ومربين، وُجدنا لنساعد معاصرينا في التعرف على أنفسهم، في أفكارهم وفي مشاعرهم أكثر مما نحن موجودون لحكمهم، أوَمِن دور أفضل من ذلك نضطع به في واقع الغموض الفكري الذي فيه نحيا؟"

 ومن وظائف علم الاجتماع عند ريمون آرون(1905-1983م) ما يعبر عنه في النص التالي :" كثيرا ما تقولون في تعريفكم لدور المثقف أن له الاختيار بين دوري"متلقي أسرار العناية الالاهية ومستشار الأمير"

 وهذه الثنائية على كل معانيها عنده هي موحية ودالة على مطلوبنا في المنازعة، ومن وظائفه عند "بيار بورديو" (1930- 2002م) ما يعبر عنه في النص الآتي:" ليس علم الاجتماع ذا نفع يذكَر إذا ما ظل على مستوى كثير التجريد والشكلية، وعندما ينزل علم الاجتماع حتى يبلغ تفاصيل الحياة الواقعية، يكون أداة يمكن للناس أن يطبقوه على ذواتهم، في غايات شبه تطبيبية"

واضح من هذه النصوص أن أهم وظائف هذا العلم عند مؤسسيه هو وظيفة إرشاد أفراد المجتمع وتصحيح محتويات عقولهم بتحديد المجمل الصحيح منها وتقويم المعوج، أفليست هذه الوظيفة هي وظيفة أنبياء الله ونبينا وصحابته ومن تبعهم بإحسان من العلماء والدعاة؟ أليست تلك النصوص كافية لحض بعض طلاب العلوم الاسلامية على أن يتعمق بعضهم في هذه الكتب ليرى ويفهم كيف أدوا ذلك الدور (الذي هو دورهم) ويتبصروه بمنظار الإسلام ليعرفوا ما له  وما عليه؟ إن لم يفعل ذلك أهل التخصص الاسلامي فمن سيفعل؟ وعلى من يكون فرض تبيين العلم وكشف الحق في هذا النزاع، وقد كتب الله على المتخصصين في علم الاسلام، وأخذ منهم الميثاق، لا من غيرهم، على أن يبينوا علم الاسلام وهدايته فيما اختلف فيه الناس فيما يتعلق بدور الاسلام ووظيفته وموضوعه كما يقول الله تعالى { وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ } وقال الله { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}