نظرة في مراجعات الإسلاميين وغيرهم من الأيديولوجيين (من خارج المراجعات)



نظرة في مراجعات الإسلاميين وغيرهم من الأيديولوجيين (من خارج المراجعات)
المراجعات تعني التراجع عن خطأ أو مرض، والبشر يتعاملون مع المرض بثلاثة استراتيجيات
1- الوقاية من المرض: وهي الاستعداد المستمر ضد الإصابة بالمرض.
2- علاج المرض: وهي التعامل مع المرض بعد الإصابة به باجتثاثه من جذره كالأمراض البسيطة .
3- إعادة التاهيل: وهذه المرحلة يكون المرض لا علاج له، أي مزمن لا يمكن اجتثاثه من جذره إما لعدم وصول العلم لجذره وتحديده، وإما لمعرفته بجذره لكن لم يتوصل للعلاج بعد، وهذه المرحلة تعني مساعدة المريض ليتأقلم مع مرضه مع الحفاظ على معدل إنتاجه الحالي (أي إنتاج المريض المهني أو الفكري أو الحياتي) بلا تدهور، كمريض القلب، هو كإنسان مضطر إلى أن يمتهن مهنة ويغضب ويفرح ويتزوج ووو..، فإعادة تاهيله تكون بمساعدته على أداء مهامه تلك بمعدل إنتاج مقبول في ضوء مرضه المزمن، والحيلولة دون تغول مرضه على معدل إنتاجه فيهبط به إلى مستويات متدهورة ربما تفقده حياته.
مراجعات الاسلاميين وغيرهم الأصل فيها والغالب أن تكون من جنس المرحلة الثالثة (إعادة التأهيل) لأنهم لا يستطيعون معرفة جذر المرض، فهم يرون المراجعات تكون بمراجعة  الأفكار لا الأشخاص، والحق أن المراجعة الحقيقية هي بمراجعة الأشخاص لا الأفكار! بمعنى طرح السؤال التالي: هل قادة وعلماء الصحوة الإسلامية المعاصرة من كافة الاتجاهات كانوا مؤهلين للتفكير في شئون الإسلام والمجتمع؟ وذلك لأن التفكير (أو الفكرة) التي ينتجها شخص ما تكون متموضعة ومخلوقة بأوامر وإشارات من شعور الشخص بالاتصال مع (ما قبل شعوره) ومع (لا شعوره) وفقا لمنطق الصيرورة الخاضع له الكون، فالشخص غير المؤهل للتفكير لو فكر طرح أفكارا هي عند العارفين لا محل لطرحها أصلا في ذات الوقت المطروحة فيه أو بالكيفية المطروحة به أو بمكانها المتموضعة به في خريطة التفكير الشاملة كما حدده له صاحبها، ومسائلة الأشخاص قبل أفكارهم، أمر في غاية التعقيد لا يطيقه المؤدلجون، رغم أنه في جوهره بسيط جدا حتى عرف الحق فيه العوام! ومنذ سنوات وأنا حين ذلك كنت من طلاب العلم دخلت في جدال  مع سائق (أي: مهني عادي) حول أهلية حسن البنا للتفكير وكنت أنا مع أهليته، فاستدل هو عليّ وسألني باستنكار: أتتعلم دينك من واحد "بتاع فول نابت" أم من عالم؟! فالأمر عند العوام بسيط لأنهم يفكرون في المسألة من (الباب) ولم تتلوث عقولهم بأي دراسة شرعية أو مدنية لأن هذه الدراسات في بلادنا يحتكر شرحها قوم لا أهليه لهم، بينما المؤدلجون صاروا يفكرون في هذه المسألة من أقصى (الشبابيك) بعد أن تلوثت عقولهم بالدراسات الشرعية والمدنية بالشكل الذي يشرحها به فاقدوا الأهلية.
النهضة تقوم على أكتاف قوم أصحاء لا مرضى، وأما من يُعاد تأهيلهم فلا تقوم بهم نهضة إلا لو صار (بعضهم) واسطة يتوسط بها الأصحاء لنشر النهضة بشكل غير مباشر.
فهل يمكن أن نرى من أهل المراجعات من يستطيع معالجة المرض من جذره، ثم يستطيع تحديد الأشخاص المؤهلين للتفكير فننكب على كتبهم نتعلم منها أمور الدين والحياة؟
خالد المرسي

تعليقات

المشاركات الشائعة