هل كان علماء السلف يتمسكون بنشر الحق القطعي في المجال العام ولو ترتب عليه فتنة؟



هل كان علماء السلف يتمسكون بنشر الحق القطعي في المجال العام ولو ترتب عليه فتنة؟
كتبت في هذا الموضوع هذا المقال
http://elmorsykhalid.blogspot.com.eg/2016/12/blog-post_23.html
 ويعتبر مقالي الحالي كتكملة له.
الله ابتلانا بشيوخ جهلاء تكتظ بهم مؤسسات الدين الرسمية والأهلية، لو تُركوا ينشطون في بلادنا أكثر من ذلك لآل بمصر إلى مصير سوريا وغيرها، الشيخ سالم عبد الجليل وغيره يتعمد تكفير النصارى في المنابر العامة كالفضائيات والمساجد، وإذا عوتبوا في ذلك لتسببه في فتنة لأن الجو متوتر جدا والجهل والعقد النفسية شائعة في الناس بسبب شيوخ الجهل والإرهابيين مما يجعل الجو مناسبا للفهم المغلوط حتى لو كان كلام الشيخ حق، وهو حق فعلا، لكنه حق في غير موضعه، فصار باطلاً من هذه الجهة، ووسيلة إلى نشر الخراب والفوضى لا الدين والعلم، هؤلاء الشيوخ لجهلهم ولجهل الناس يظنون أنه ما دامت الفكرة أو العقيدة حق وجب تعليمها والصدع بها بلا حدود  ولا اعتبارات لاختلاف المنابر والمخاطبين من حيث ضمان سلامة فهمهم للحديث أو العقيدة على الوجه الذي أراده الله تعالى.
وطبعا هذا خطأ، والأدلة من القرآن الكريم والسنة كثيرة جدا، لكن أكتفي ألان بالإشارة إلى أن منهج علماء السلف كان في السكوت (جزئيا) عن نشر عقيدة لو تسبب عن نشرها فتنة، لأن العلماء الحقيقيين عقولهم كبيرة، قبل أن يلفظوا الكلمة يتفكرون فيما يمكن أن يتسبب عنها من أبعاد اجتماعية ونفسية.
 فمثلاً مسألة "الإيمان يزيد وينقص" هي من أخطر مسائل الاعتقاد الإسلامي، ومن أكبر العلامات الفارقة بين أهل السنة وأهل البدعة، فقد أجمع أهل السنة على أن الإيمان يزيد وكذلك ينقص، أجمعوا على كليهما، ونقلت إجماعاتهم كثيرا في الكتب، لكن الإمام "مالك" في بعض الروايات المنقولة عنه توقف عن القول ب "نقصان الإيمان" حين سئل عن ذلك، فاختلف العلماء في سبب توقف الإمام مالك في ذلك، فقال بعضهم في السبب كما نقله الإمام "النووي" وهذا نص كلامه:" قال بعضهم انما توقف مالك عن القول بنقصان الايمان خشية أن يتأول عليه موافقة الخوارج الذين يكفرون أهل المعاصى من المؤمنين بالذنوب وقد قال مالك بنقصان الايمان مثل قول جماعة أهل السنة قال عبد الرزاق سمعت من أدركت من شيوخنا وأصحابنا سفيان الثورى ومالك بن أنس وعبيد الله بن عمر والاوزاعى ومعمر بن راشد وبن جريح وسفيان بن عيينة يقولون الايمان قول وعمل يزيد وينقص وهذا قول بن مسعود وحذيفة والنخعى والحسن البصرى وعطاء وطاوس ومجاهد وعبد الله بن المبارك" منقول من شرحه على صحيح مسلم ، كتاب الإيمان.
وهذا يدل على أن هذا التوقف عن نشر الحق القطعي في بعض المنابر والأحوال مراعاة لأبعاد اجتماعية ونفسية وأمنية هو منهج السلف تناقلوه في كتبهم كمذهب رشيد يليق بعقل الأئمة الكبير، وكذلك نص الإمام "محمد رشيد رضا" على  ذلك رغم أنه اكثر إمام معاصر خاض جدالات عقدية مع النصارى في كتبه! لكنه حين نشر بحثا في جريدة الأهرام المصرية عن حكم ترجمة القرآن الكريم، اضطره البحث إلى إشارة عابرة إلى معتقد النصارى فأشار بسرعة ثم قال في نصه الآتي :"ثانيًا: إننا نحن المسلمين لا نعتقد أن النصارى على ملة المسيح عليه السلام ولا يصح أن نزيد على ذكر اعتقادنا هذا في صحيفة عمومية"تفسير المنار:ج9، ص:296
http://elmorsykhalid.blogspot.com.eg/search?q=%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%89
ولكن للأسف شيوخ الجهل في زماننا يزدادون تخلفا وتطرفا في الوقت الذي تزداد فيه أحوال أمتنا توترا وإرهابا وتمزقا فأين العقول؟ ثم أين القانون وقوة الدولة وقوة أهل الحق من الاجتماعيين؟
خالد المرسي

تعليقات

المشاركات الشائعة