{مَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} تبرؤوا من المتكلفين، وهل للمتكلف عذر في الدنيا والآخرة؟ (1)

{مَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} تبرؤوا من المتكلفين، وهل للمتكلف عذر في الدنيا والآخرة؟ (1)
قال الله تعالى لنبيه {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}
قال "ابن عطية" في تفسيره :" أمر الله نبيه أن يخبر قريشا أنه ليس ممن يتكلف ما لم يُجعل إليه، ولا يتحلى بغير ما هو فيه... وقال الزبير بن العوام: نادى منادي النبي "اللهم اغفر للذين لا يدّعون ولا يتكلفون، ألا إني بريء من التكلف، وصالحو أمتي" يقصد أنه والصالحين من أمته برآء من التكلف، وقال النبي "للمتكلف ثلاث علامات، ينازع من فوقه، ويتعاطى ما لا ينال، ويقول ما لا يعلم"
إذا فالتكلف هو ادعاء الرجل صفة ليست فيه في الحقيقة، ادعاء باللسان أو بالسلوك، كأن يمارس دورا ليس دوره، فهو شبيه بالنفاق ومؤد إليه.
إذن فلنتبرأ ممن يزعم أن لديه مشروع إسلامي ينهض بالمسلمين، وإذا نظرنا فيه لم نجد فيه الصفة الحقيقة الاسلامية التي قال عنها نبينا (صلى الله عليه وسلم) "مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي" كان واجبًا أن نتبرأ من هؤلاء قبل أن نشاهد بأعيننا أثارهم التخريبية في بلادنا!
فلنتبرأ ممن يزعم أن لديه القدرة على تعليم الناس دينهم وإحياء سنن الإسلام وقواعده وتربيتهم على وفقه، ثم إذا نظرنا في فكره لم نجد فيه "مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي"
فلنتبرأ ممن يزعم أنه مفكر إسلامي نخبوي ويصبغ أنشطته وأحاديثه بصبغة (قال الله وقال الرسول وقال الأئمة وقال قواعد الدين...) ثم إذا نظرنا في فكره لم نجد فيه "مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي"
فلنتبرأ ممن يزعم أن لديه رؤية تنموية ديمقراطية أو استراتيجية أو قانونية او سياسية أو اجتماعية أو تربوية أو اقتصادية أو أو... ثم إذا نظرنا في فكره وجدنا عموميًا لا يعرف دينا ولا عقلا في التفاصيل، حيث تؤكد الدراسات والاستبصارات على أنه لا يوجد في بلاد العرب في العصر الحديث مفكرون، وكتبت في ذلك مقالات بعنوان "هل يوجد في بلادنا في العصر الحديث مفكرون وباحثون علميون؟"
فلنتبرأ ممن يزعم القدرة على تجديد الخطاب الديني وإذا نظرنا في فكره لم نجد فيه "مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي"
فهل سنستطيع التبرؤ من كل هؤلاء أم ستقهرنا العاطفة وتنسينا ديننا وعقلنا، لنتعاطف مع أنشطتهم بل ونساعدهم؟!
وهل يمكن أن يكون للمكتلفين عذر في الآخرة لكون أحدهم مثلا وصل إلى مرتبة "حمار" انغلق عقله تمامًا فلم يعد يستطيع فهم من يدلل على تكلفه وجهله، أليس الله هو الذي أغلق عقله وجعله يدرس المعارف على نحو تراكمي يجعل منه في الأخير "حمارا"؟!
وهل يكون له عذر في الدنيا، بمعنى أن الله يحول بين أعماله وبين أن تحدث أثارها التخريبية في المجتمع لكونه قصد الخير لا الشر مثلا؟ ولكونه فعل كل ذلك باستحمار لا بقصد التخريب؟ الجواب في المقال القادم إن شاء الله
خالد المرسي

تعليقات

المشاركات الشائعة