معنى قول الله {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ }


{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } ما كنه تلك الثياب التي أمرنا الله تعالى بتطهيرها؟. أما الحرفيون الماديون، فإنهم يفهمون منها أدنى معانيها إلى حسهم، ذلك اللباس الذي نواري به أبداننا، وأما المتفقهون في أسرار اللغة والدين فإنهم يفهمون منها شمائل الأخلاق التي قال الله في شأنها {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} والقول الجامع في هذا المعنى: أن النفس يحيط بها أربع طبقات ، كل واحدة منها تعد ثوبًا لها. أدناها إلى جوهرها طبقةُ الصفات والأحوال النفسية، وهذا هو ثوب الشعار.. ثم يلي ذلك ثلاث طبقات من الدثار؛ طبقة السير والأعمال، ثم طبقة البنية والجثمان، ثم طبقة الملبس الذي يكسو ذلك الجثمان.. والقرآن في آياته المفصلة يناشدنا أن نحرص على طهارة الطبقات الأربع جميعا، بل على طهارة كل ما نلامسه ونباشره من مكان ومصلى ومسكن؛ وعلى التحلي بكل حسن جميل، والتخلي عن كل دنس ذميم؛ حسيا كان أو معنويا: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ } . {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } . {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } . {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ}.{فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ } غير أنه لما كانت عناية القرآن دائما بالجوهر والمخبر أشد منها بالصورة والمظهر، كان الهدف الأول الذي تتجه إليه الوصية ها هنا، هو الجانب الروحي الخلقي، جانب السيرة والسريرة. وهذا هو الذي فهمه الصحابة والسلف ، فليكن هو محور أحاديثنا التالية..

تعليقات

المشاركات الشائعة