خواطر في شعار " الإسلام هو الحل"

كتبت خاطرتين على الفيس بوك أحب نقلهما هنا.
لا تقولوا " الإسلام هو الحل" لأنه لو كان الحل لصار هو أعظم مشكلة ومصيبة، ولكن الله لم يجعله حلا، إنما الله جعل الحل في الإبداع الإسلامي؛ كما أن الله لم يجعل المادة الخام حلا، وإنما
جعل الحل في كيفية تعاطي الناس مع تلك المادة الخام
--------------
لو كان الإسلام هو الحل في ذاته لما صح الخبر القرآني عن كون الدين سببا في إيمان المؤمنين وهو هو سببا في كفر الكافرين!
وهو سبب لما بينهما من درجات لا تحصى كثرة! بل إن الإسلام يقبل التفسيرات المتناقضة - لا سيما القرآن الكريم - يقبلها ويمد كل فريق بأدلة متناسقة تؤيد قوله - وتلك الخاصية من أعظم الأدلة على نسبة القرآن إلى الله متكلما به لا إلى كلام البشر!.
إذا فالإسلام ليس هو الحل وإنما هو لما استُعمل... له، فبقدر عقلانيتك واستعدادك للهدى يكون الإسلام في حقك دلالة فقط يدلك لتكمل أنت المسيرة بعقلانيتك واستعدادك، وبقدر تخلفك الفكري وعدم قابليتك للنور والهدى يكون الإسلام في حقك - لو استخدمته - دلالة يدلك على طريق المهالك ويرديك ويغمسك فيها.
فهو يزيد المهتدين هدى، ويزيد الضالين - إذا استخدموه - ضلالا ولذلك كان أهل البدعة شر من أهل المعاصي لأن الأولين استخدموا الدين والآخرين لم يستخدموه.
----------------------------
والواقع أن هذا الشعار قائم عند من ابتكره على عقلية التفكير الجُمَلي الذي لا يستطيع درك التفاصيل المتعلقة بالشأن الذي يفكر فيه – قد تكون عدم الاستطاعة فسيولوجية فيكون عقله محروما بالفطرة من درك هذه التعقيدات، أو تكون عدم الاستطاعة كسبية، يعني هو كان مستعدا فسيولوجيا لكنه تغابى ولم يسلم نفسه لأهل العلم وأهمل النظر والتحصيل العلمي حتى وصل إلى مرحلة الضرورة فصار لا يفهم بالضرورة - ، وهذا التفكير الجُمَلي هو نوع من أنواع التفكير الخرافي وله أمثلة كثيرة جدا من أدبيات الإسلاميين المعاصرين غير شعار " الإسلام هو الحل"، وأمثل لكم بمثال : رجلان يريدان السفر إلى بلدة معينة لقضاء مصالح ضرورية واجبة التحصيل، ومساحة الطريق في الحقيقة 30 كيلو متر، أحدهما يتصور المساحة تصورا صحيحا، والآخر يتصورها كيلو متر واحد، فستجد الثاني يجهز للسفر تجهيزات ويرتب عليها أوضاع تتعلق بنفسه وبحقوقه وواجباته تجاه من حوله تتفق مع الوقت والجهد المبذول في طريق سفر مساحته كيلو متر لا 30 كيلو متر، فهل سترون هذا الرجل يستطيع تحصيل المصالح الضرورية من سفره لو وصل؟ وكيف يصل وهو لا يستطيع تحديد نهاية الطريق وبر الأمان! لا شك أنه ستفوته تلك المصالح وسيضر من حوله ممن لهم حقوق عليه وواجبات رتبوها  على فرض صحة تصور هذا الرجل الذي وثقوا به، وعلى هذا فقس في كل ما يُتوسل إليه بالأسباب من مصالح مادية أو فكرية أو عقدية.
--------------
أحد الإخوة يقول: أليس الإسلام هداية الله للناس فكيف لا يكون حلاً؟ أقول: نعم هو بذاته في أصل وضعه حل ، ولا يضل به الضالون أو بتخلف به المتخلفون إلا لعطب المحل والقابلية لديهم لا لنقص في دين الإسلام.
هذا يعني أن الإسلام لا يصير حلا لدى قوم معينين في زمانهم إلا بعد أن ينجح مفكروهم في استخدام الإسلام ( وهو المادة الخام) في صناعة منظومة ثقافية إسلامية تتلائم مع تحديات زمانهم تنال إعجاب المثقفين المعتبرين في الساحة الثقافية من اهل العقول المتألقة ( ولا عبرة بإعجاب غيرهم) هنا فقط يصح لهؤلاء المفكرين الناجحين أن يقولوا مخاطبين مثقفي زمانهم إن الإسلام هو الحل، أما من لم يفعل ذلك ولم يحاول أصلا! ثم يأتينا ليرفع شعارا عريضا يوالي ويعادي عليه ويجعله مركزا لعمل تنظيمي خطير وواسع، فيكون وقتها قد أحالنا على مجهول ويكون شعاره من الكلام الذي " لا معنى له" لأنه صالح للشيء وضده في حين أن رافعه يحصره في شيء واحد! فشعاره ليس باطلا بل أخطر " لا معنى له" لأن الكلام الباطل هو يُفهم أولا ثم يُكتشف بطلانه، أما  الكلام الذي لا معنى له فهو لا يُفهَم أصلا حتى نحكم عليه ببطلان او بصحة، وهذا الشعار يدلنا على أن من يتبناه يستبطن فكرا خرافيا وعقلا جمليا لا يستطيع درك التفاصيل المعقدة كالرجل الذي تصور مسافة السفر كيلو متر، هذا لو قُدر أن  يدرك التفاصيل المعقدة الملازمة لرحلة السفر كلها لعلم أن التصور الصحيح للمسافة هو 30 كيلو متر لا كيلو واحد ولأعاد كل حساباته وترتيباته وفكره الذي بناه على تصوره القديم الخرافي الوهمي

تعليقات

‏قال غير معرف…
يا اخي الاسلام فعلا هو الحل معني ومضمونا لكن من يطبق الاسلام حقا وبصدقا يكون هو الحل فعلا لكن ليس شعارا مرفوعا ولا يطبق بيكون المازق لا الحل وحينها يتهم الاسلام ككبالضبط ان نقول :(فيه شفاء للمؤمنين)لكن اين هم المؤمنين الذين يوقنون به ويصدقونه يقينا وعملا .(السيد الشهاوي)

المشاركات الشائعة