لا يجوز قراءة ردود الإسلاميين على التغريبيين إلا المجملة

نعم لا يجوز لأنه لا يوجد إلى الآن حوار فكري - كما أمرنا الله منضبط بالشرع والعلم- مع التغريبيين؛ رغم كثرة الكتب المكتوبة في هذا الشأن!! إنما الموجود الآن كتب ترد على التغريبيين، والمؤلف نفسه - ولو قيل إنه من العلماء!- لا يفهم الموضوع جيدا ولا يفهم وضعه الطبيعي ولا محل النزاع الدقيق، وهذا النوع من الكتابات والمناظرات هو " حرب فكرية " لا " حوار فكري" والله أمرنا بالحوار الفكري ونهانا عن الخوض في الحرب الفكرية وهي القائمة على غير العلم كما في الحديث النبوي :" "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا،" والله نهانا عن الكلام بغير علم فقال :{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}وقد تكلم المستشار طارق البشري عن سمات هذه الحرب الفكرية في كتابه "

الحوار الإسلامي العلماني" وهو متاح للتحميل من الانترنت ويقع في 100 صفحة.



فلا يجوز القراءة إلا المجملة التي تقع تقريبا في بضعة مقالات توضح شمول الإسلام لكل مناشط الحياة الفردية والاجتماعية.

ومحل النزاع الذي لا يفهمه الباحثون الإسلاميون - إما لضعف عقولهم رغم موسوعية الباحث ولكن من بطأ به عقلُه لم تُسرع به موسوعيتُه!" هو الذي أوضحه المستشار في كتابه من أن الإسلاميين تركوا مساحات في البحث العلمي فارغة ليملأها التغريبيون، إذن فالرد عليهم يكون ببعث حركة علمية تملأ هذه الفجوات!! لا بالحرب الفكرية التي نهانا الله عنها والتي لا يليق بالعاقل الانشغال بها لأنها تنافي العلم المقدس لدى الأمم والأفراد المتنورين فضلاً عما تنتجه من مفاسد وانحرافات فكرية كثيرة تعرض لها المستشار في كتابه.
وإلى أن ييسر الله الأمة لبعث هذه الحركة العلمية فلينشغل المسلم بتعلم دينه والعمل بما يعلمه .
وأنصح الباحثين الإسلاميين بالكف عما لم يفهموه ولا يتقنوه لأن الله حينما أمرنا بالدعوة اليه والدفاع عن دينه أمرنا أن يكون ذلك على وفق العلم والحكمة، فمن لا يعلم فهو غير مُكلّف أصلاً!! أي ساقطاً عنه التكليف فلا حرج عليه إذا سكت، والله تكفل بحفظ الدين - كله - فلو أنا أو غيري قصرنا في حفظه لن يتسبب ذلك التقصير في ضياع الدين لأن الله تكفل بحفظه، فلينشغل كل مسلم وباحث بما يستطيع إحيائه أو تعلمه من الدين ولا يعرض لما لا يقدر - حتى لا يتعرض للنهي الوارد في ذلك وحتى لا يحتقره العقلاء الفاهمون - كمافي وصية القائل : إذا لم تستطع شيا فدعه --- وجاوزه إلى ما تستطيع . وهذه الوصية أوردها العلامة عبد الله دراز - وهو أبو محمد دراز - في مقدمة تحقيقه لكتاب الموافقات للشاطبي في مثل سياق كلامي، وهذا المنهج الذي أوصي به المسلم هو معمول به على مستوى أرقى مناهج العلم الإنساني الحديث كما وضحه الدكتور محمد عماد الدين اسماعيل في كتاب" المنهج العلمي وتفسير السلوك" وهناك شاهد من حياة نبينا تشهد لهذا المنهج ويوحي به إيحاءا ظاهرا جدا حكاه الدكتور محمد دراز فقال في مقدمة سورة البقرة التي تقع في أول 20 آية من السورة :"- الحديث عن الكافرين:
ولقد كان قصر الانتفاع بهداية القرآن على هذه الطائفة وحدها بعد وصف القرآن بأنه الحق الواضح الذي لا ريبة فيه -حريًّا في بادئ الرأي أن يعد من المفارقات التي تثير في نفس السامع أشد العجب، إذ كيف تكون الحقائق القرآنية بهذه المرتبة من الوضوح ثم لا تنفذ إلى قلب كل من يسمعها؟!
ومن جهة أخرى فقد كان موقف هذا النبي الرحيم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في جده البالغ في دعوة أمته، وحرصه الشديد على هدايتهم، مصورًا له في عين من يراه بصورة الطامع في إيمان الناس أجمعين، الظان أن هذه الأمنية ستصبح في متناول يده متى أخذ في أسبابها العادية، كأنه يرى أن ليس بينهم وبين هذه الهداية إلا أن يصل صوت القرآن إلى آذانهم إذا هم مسلمون. ذلك مع أن القرآن يكاد يحدد الآن مهمته ويقول: إن الذي سينتفع بهداه إنما هم المتقون. فكان هذا التحديد مظنة لأن يبتهل الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى ربه قائلًا: سبحانك اللهم، ولمَ لا يهتدي به الناس أجمعون؟!
وجب إذًا أن تقرر الحقيقة بصورة حاسمة لكل طماعية وتردد، مريحة للنفس من طلب ما لا سبيل إليه، وأن تبين مع ذلك الموانع الطبيعية من عموم هداية القرآن بأسلوب ينزه القرآن نفسه عن شائبة القصور، ويرد النقص إلى قابلية القابل لا إلى فاعلية الفاعل، وهل يغض من مهارة الطبيب أن يُعرض المريض عن تناول الدواء منه فيموت بجهله؟ وهل يضير الشمس ألا ينتفع بنورها العمي أو المتعامون؟ {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} ." النبأ العظيم ص 200.
يا رب نفهم ((:

تعليقات

المشاركات الشائعة