لماذا يجب الانطلاق من تراث محمد عبده ورشيد رضا ومحمد دراز؟

يجب الرجوع والانطلاق من تراث الإمام محمد عبده و محمد رشيد رضا - Muhammad Rashid Rida و الدكتور محمد عبد الله دراز - مع الاحتراز من أخطاء أحادهم طبعا- لأن ما يسميه العالمانيون ب"النواة الصلبة" ويقصدون بها "حقيقة الدين" ويصفون البحث عنها بأنه عقيم! أقول إن هذه النواة الصلبة وهي " الوسطية" أو "حقيقة الدين" (*)موجودة ومبثوثة في تراث الثلاثة لا غيرهم - أو نقول مبثوثة في تراثهم بشكل واضح وبارز جدا على أرقى مستوى علمي وفكري وإبداعي؛ أعلى وأرقى من غيرهم -، وحقا أن البحث عنها بدون الانطلاق من الثلاثة عقيم وسيضل عنها الباحث قطعا لو بدأ من نفسه أو بدأ بتراث المجددين المتقدمين كابن تيمية أو الشاطبي لأن متعلق هذه " النواة الصلبة" وهو الزمن والإنسان لم يُكن خلقهما الله في أزمان المجددين المتقدمين، ومعلوم من عادة الصحابة ومن تبعهم بإحسان ومن عادة كل العقلاء أنهم لا يبحثون ولا يعرضون لما لم توجَد مبرراته أو مسوغات البحث فيه. وأولئك الثلاثة هم المجددون الذي تكفل الله بإيجادهم في كل عصر ليجددوا الدين الذي لا يُحفَظ بدونهم، فكفالة الله بإيجادهم في الجانب الديني الفكري ككفالته في الجانب القدري الكوني بإدامة وجود الجبال والبحار وسائر ما يُحفظ به استقرار الأرض حتى وقت قيام الساعة فتنقطع الكفالة الالهية في جانبها المعنوي - فيقبض العلماء ويُمحى الوحي المطهر من الصدور والسطور - وتنقطع في جانبها القدري لينخرم نظام السماء والأرض ويصيرا هباء منثورا على ما وصفته النصوص.
والذي يتخيل إمكان معرفته "للنواة الصلبة" انطلاقًا من نفسه أو من تراث المجددين المتقدمين فهو إما ضعيف العقل خرافي التفكير، وإما أنه كبير العقل لكن ظروفه المحيطة منذ بداية نشأته أذهلته عن الانطلاق من هؤلاء الثلاثة فانطلق من غيرهم وقضى من العمر ما قضاه في هذا الطريق البعيد عن طريق " حقيقة الدين أو النواة الصلبة أو الوسطية " التي هي موضوع حديثنا.
------------------
(*) فيما يتعلق بالدعوة إلى الله وإصلاح الفكر في هذا العصر - لا فيما يتعلق بالمسائل الدينية - الأصولية والفروعية - التي اختلف فيها أهل السنة مع بعضهم أو مع أهل البدعة طيلة التاريخ الإسلامي - لأن " حقيقة الدين" في هذه المسائل قُتلت بحثا طيلة القرون السابقة واتضح الحق فيها وبفرض أن بعض جزئياتها يكون البحث عنه عقيما لقصر أدوات البحث لدى بعض الأفراد أو الجماعات فالمشاكل الناتجة عنها لا تعوق النهضة والحضارة و لا تؤزم العلاقة بين النخبة القائمة على أمر النهوض الفكري - بمختلف طوائفهم - إنما الذي يؤزم العلاقة بين هذه النخب ويعوق الأمةعن الترقي الفكري هو جهل الدعاة والعلماء بهذه " النواة الصلبة" التي هي موضوع حديثي إما جهلا بأصلها أو بمكملاتها فقط وكلاهما جهل ينتج تأزيما للعلاقة وتفخيخا الساحة الفكرية وهذا التفخيخ والتأزيم هو الحالقة التي تحلق الدين والدنيا كما وصفها نبينا في الحديث النبوي

تعليقات

المشاركات الشائعة