المتحررون من الغزو الثقافي بقلم د. مصطفى حلمي


نبذة عن البحث : يذكر الدكتور/ مصطفى حلمي – حفظه الله - في البداية نبذة عن تاريخ التغريب في العالم العربي وفي الجامعات المصرية، وعن افتتان بعض النخب المصرية بهذا النموذج الغربي، ثم يتكلم عن ظاهرة رجوع بعض هؤلاء الأكابر إلى المنهج الإسلامي وتخليهم عن النموذج الغربي .واختار منهم اثنين ليرصد التحولات في أفكارهم، وهما الدكتور "زكي نجيب محمود" والدكتور "طه حسين".
 فالأول انتهى إلى الانتماء الى الإتجاه الاسلامي، وترك مؤلفات تصور هذا التحول وتبين محاسن الإسلام وتدافع عنه، ثم مضى يفصل بعض أرائه تلك، ومن هذه الأراء :نقده للمتغربين الذي كان منهم، وبيانه لعجز الحضارة الغربية عن تلبية مطالب نهضة العرب؛ في مقابل أن الاسلام هو المنهج الوحيد الذي يمتلك مقومات النهضة، وكبيانه لضرورة العودة إلى تراثنا لأنه يمثل ذاتيتنا الثقافية، ومنها: بيانه لخطأ الفصل بين الدين والدولة في الإسلام، وكبيانه أن سلاح العقيدة  يفوق في قوته سلاح التقنية والتكنولوجيا، وكبيانه لخطأ من قرن بين الدين والفلسفة.
 ثم رصد تحولات الدكتور "طه حسين" في مواقفه الأخيرة، كالتي سجلها عليه الشيخ "محمود شاكر"، وغيره، والتي تدل على رجوعه عن سابق أقواله إلى حظيرة الإسلام والتراث الإسلامي.

بسم الله الرحمن الرحيم
المتحررون من الغزو الثقافي
كانت موجة الغزو الثقافي الغربي كاسحة منذ الاستعمار البريطاني لمصر عام 1882م وتخرّجت أجيال بالنهج الذي خططه القسيس الإنجليزي (دنلوب) الذي خلع لباس الكهنوت وأصبح وزيرًا للمعارف بمصر عام 1897م ، واستهدف من التعليم تخريج الموظفين الصالحين لأعمال الدواوين وخلق طبقة متعلمة ولكن غير مثقفة ولا متينة الشخصية حتى تكون آلات فقط في أيدي الرؤساء.
ومن الأسباب التي أدت إلى المضيِّ قُدُمًا في تيار التغريب قيام المبعوثين العائدين من أوروبا بتبنِّي فلسفاتها وأفكارها وإعلانها وتربية تلاميذهم عليها.
وقد حرمت هذه المناهج أكثر الأجيال الماضية من الانتماء إلى وطنهم والتشبع بثقافتهم العربية الإسلامية، بل إن بعضهم أصبح ناقدًا للتراث ومفضلًا ثقافة الغزاة عن ثقافة الآباء والأجداد! (والإنسان عدو ما يجهل).
مع نقد مظاهر الحياة بمصر، وأصبح التلاميذ بالمدارس يرتبطون ارتباطًا وثيقًا بالثقافة الغربية، بعد أن قطعت مناهج التعليم الصلة بينهم وبين ماضيهم اجتماعيًا وثقافيًا ولغويًّا إلا فيما ندر وبصور مشوّهة ومزوّرة للتاريخ.
ويرى الأستاذ محمود شاكر أن النظرية التي وضعها المستعمرون في نظم التعليم ما زالت سارية المفعول حتى اليوم) ([1]).
أما في الجامعات فإليكم:
نبذة مختصرة عن نشأة الجامعات المصرية
ودور صانعي حركة التغريب
إن حركة إحياء التراث الإسلامي ـ وهو مرآة حياتنا العظمى ـ تقتضي أن تحتل مكانته في الجامعات ويتطلب تضافر الجهور والتخطيط وفق مناهج علمية تربوية؛ لإزاحة الكم الهائل من آثار مناهج التغريب التي نبعت من جامعتنا، إذ أُنشئت في الأغلب بواسطة المستشرقين الذين صبغوها بصبغة الثقافة الغربية، وعلى رأسها الفلسفة([2]) واستمر تلاميذهم في أداء أدوارهم.
وقصة إنشاء جامعتنا ودورها التغريبي العلماني يحتاج إلى دراسة مستقلة لنعرف مدى العبء الذي يجب أن يقوم به علماؤنا المخلصون لإزاحة الركام الثقافي الغربي الدخيل، ولكننا سنكتفي بسرد الوقائع كلمحات نستخلص منها نتائج ذات مغزى.
يصف دونالد مالكوم جامعة القاهرة عند إنشائها بأنها مؤسسة تعليمية تزهو بما تراه في نفسها من عصرية علمانية ([3]) وقد تولى المستشرقون وغيرهم من الأساتذة الأوروبيين إلقاء الكثير من المحاضرات في هذه المؤسسة الناشئة وهي تشق طريقها بصعوبة في سنواتها الأولى.
وكان بعضهم يقوم بتدريس الفلسفة الإسلامية والأدب العربي، وقد كرّس المستشرقون خبراتهم لخدمة الإمبراطورية العربية وقد قام كل من نالينو وفين وماسيتزن، وكريزويل وسناوك وهرجرونج، بمعاونة حكوماتهم على محاربة المسلمين أ, السيطرة عليهم ([4]).
وقامت جامعة فاروق (الإسكندرية حاليًا) بالتركيز على دراسة الحضارة الإغريقية، والرومانية والتاريخ الأوروبي الحديث، وكانت جامعة عين شمس تعكس أوضاع العصر باتباع بعض التوجهات الأمريكية([5]).
ومنذ الخمسينيات فصاعدًا، لقيت الجامعة الأمريكية اهتمامًا من الدوائر الرسمية المصرية والأمريكية معًا، وكان رئيسها السابق (جون بادو) عضوًا سابقًا في بعثة تبشيرية ويجيد الحديث بالعربية.
وعاد المصريون الذين تخرّجوا في الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية إلى جامعة القاهرة حاملين في أذهانهم النموذج الأمريكي.
ولكن أعينُ علماء الإسلام المخلصين كانت ترقب ما يدور داخل أروقة الجامعة يقول المؤلف:
(فقد هاجم النقاد ـ خاصة من الأزهر ـ طه حسين بسبب اقتباسه من الغربيين في أمور شديدة الصلة بالهوية الدينية والقومية، كما اتهموا المستشرقين بالتحالف مع الإرساليات التبشيرية لهدم الإسلام، ومن ثم استنكروا إقبال الجامعة على تعيين المستشرقين وحلفائهم من المصريين الذين تدرّبوا على أيديهم.
كما ثار جدال حول القضية نفسها في عدة منابر مهمة من بينها مجلة رشيد رضا (المنار) و(مجلة الأزهر) ومجمع اللغة العربية.
كذلك دفع الإخلاص والبحث عن الحق بعض المتأثرين بالثقافة الغربية إلى استكمال ثقافتهم بالاطلاع على التراث الإسلامي بعد بداية ظهور تدهور في الحضارة الغربية باعتراف بعض فلاسفتها.
وبدأ بعض الصفوة من العلماء والأدباء والمفكرين والمثقفين البحث والدراسة العميقة المتأنية وأعلنوا العودة إلى أحضان حضارتهم.
وسنختار اثنين هما:
1- الدكتور زكي نجيب محمود.
2- الدكتور طه حسين.
1- الدكتور زكي نجيب محمود
كانت حملة التغريب مكثّفة وطاغية كما يتضح من عرض تاريخ إنشاء الجامعات المصرية، مما يجعلني لا أقلل من أثرها على أجيال مضت والبعض من مثقفي الجيل الحالي، ولكن أراني بصدد ظاهرة تستحق الدراسة، وهي تبشّر بانحسار موجة التغريب واستعادة الأمة لعافيتها بالعودة إلى تراثها، كما إنني أرصد هنا التحولات في أفكار بعض كبار علمائنا ومثقفينا، ونذكر منهم: الدكتور زكي نجيب محمود، الذي انتهى بالانتماء إلى الاتجاه الإسلامي وَتَرَكَ مؤلفات تصوّر هذا التحول، وتؤرّخ لحياته العلمية منذ شبابه الباكر حتى المرحلة الأخيرة من عمره؛ عنيت ببحث هذه الظاهرة بإيجاز، مع وضعها في حجمها القابل للاتساع([6]).
إن تحول زكي نجيب من الاتجاه التغريب إلى أحضان الإسلام، والدفاع عنه، وبيان محاسنه،والاقتناع بأنه يقدّم حلولًا لمشكلات العصر، هذا الموقف يذكرنا بمقولة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه المشهورة: (إنما تُنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية) ([7]).
رجوع الدكتور زكي نجيب محمود بعد خوضه لتجارب ثقافية حافلة:
إن كتاباته في نهاية حياته تمثل تحولًا ثقافيًا له دلالته، حيث رجع إلى التراث الإسلامي قارئًا ودارسًا وباحثًا فيه عن حلول لمشكلاتنا ومشكلات العصر..
وتمهيدًا لهذا العرض الموجز لتحوله ..فقد وصف نفسه بأنه كان واحدًا من آلاف المثقفين العرب الذين ما إن فُتحت عيونهم على فكر أوروبي قديم أو جيد، حتى سبقت إلى خواطرهم ظنون بأن ذلك هو الفكر الإنساني الذي لا فكر سواه؛ لأن عيونهم لم تفتح على غيره لتراه.. ويقول: (ولبثتْ هذه الحال مع كاتب هذه الصفحات أعوامًا بعد أعوام: الفكر الأوروبي دراسته وهو طالب، والفكر الأوروبي تدريسه وهو أستاذ، والفكر الأوروبي مسلاته كلما أراد التسلية في أوقات الفراغ، وكانت الأعلام والمذاهب في التراث العربي لا تجيئه إلا أصداء مفكّكة متناثرة، كالأشباح الغامضة يلمحها وهي طافية على أسطر الكاتبين.
استيقظ صاحبنا ـ كاتب هذه الصفحات ـ بعد أن فات أوانه أو أوشك، فإذا هو يحس الحيرة تؤرقه، فطفق في بضعة الأعوام الأخيرة التي قد لا تزيد على السبعة أو الثمانية يزدرد تراث آبائه ازدراد العجلان) ([8]).
ووصف الجماعة المستغربة بأنها تنظر إلى الأمور بعين أوروبية أو أمريكية ولكنها تكتب باللغة العربية وقد تمثلت ثقافة الغرب وعرضته بأسلوب حي في روحها وشخصيتها ([9]).
ووصف الحضارة الغربية بأنها غازية غالبة متسلطة ([10]) كما حكم على عصرنا بأنه أدى بشبابه إلى حالة من التمزق والتفسخ والضياع، ثم تقدم مقترحًا الحل بقوله: (فلو استطعنا أن نقدم للعالم مجموعة متسقة الأجزاء من القيم الهادية للإنسان على طريق الحياة، كان هذا دورنا في بناء الحضارة المعاصرة) ([11]).
ويقدّم منظومة من القيم، لم تعرف بها أمة كما عرفنا، ويعني بها القيم المتمثلة في أسماء الله الحسنى، وتوجه مجرى الحياة إلى أهداف تليق بالإنسان كما تصوره الثقافة الإسلامية العربية (هي صفات تكون مطلقة بالنسبة إلى الله سبحانه، ومنقوصة متدرجة نحو الكمال بالنسبة إلى الإنسان  ([12]) فلو استطعنا ـ عن طريق التربية بصفة خاصة وعن الفكر والنشر بصفة عامة ـ لو استطعنا ألا نجعلها مجرد ألفاظ نرددها على حبات المسابح ، بل نجعل منها معايير حية نابضة نترسمها ونهتدي بهديها، إذًا لكانت بين أيدينا منظومة منسقة كاملة من القيم التي تضاف إلى دنيا الواقع فتخرج الإنسان الكامل المتكامل من وجهة نظر إسلامية، وفي ظروف هذا العصر، عصر العلم والصناعة([13]).
وتوطئة لاقتراحه العمل بهذه القيم يقرر أولًا بأن الفكر لا يستحق أ، يكون فكرًا بمعناه الصحيح، إلا إذا رسم الطريق المؤدي إلى التغيير، وهي حقيقة التقت عندها كل مذاهب العصر([14]) ثم يسأل: وهل في هذا الذي يتطلبه منا العصر شيء جديد كل الجدّة على ما ورثناه عن تراثنا الفكري من مبادئ؟
إن القرآن الكريم كلما وجّه الخطاب إلى (الذين آمنوا) أضاف إلى ذلك قوله: (وعملوا الصالحات) ([15]).
كأنّ الإيمان لا يكون إيمانًا كاملًا إلا إذا اقترن بالعمل الصالح، وصلاحية العمل إنما تكون بالنسبة إلى الهدف المنشود... فالسياسي لا يكون صالحًا إلا إذا رسم لقومه خطة للعمل الناجح، والاقتصادي لا يكون صالحًا إلا إذا عرف الطريق الذي ينقذنا من التخلف، وهكذا؛ كل هؤلاء عاملون للصالحات ـ التي وإن بدت بدنيا الناس ـ فهي الطريق إلى مرضاة الله ([16]).
تحويل طريق المسلمين الفكري
منذ الغزو الاستعماري
في إحدى مقالات الدكتور زكي نجيب محمود عالج فيه قضية ضرورة الانتماء إلى منابعنا ـ أي تراثنا الإسلامي ـ فبدأ بالتقسيم التاريخي لطريقنا الفكري منذ الغزو الاستعماري ويتضمن مرحلتين:
الأولى: منذ جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر سنة 1798م، كنا في هذه المرحلة على صلة وثيقة ينتجه الغرب من علم وأدب وفن، وكان أعلام هذه المرحلة يسرفون بالتباهي بثقافة الغرب وحضارته، (وكان الصوت الأعلى هو لأصحاب الثقافة المنقولة عن الغرب، وكان الشعور بالنقص هو من درس الكنز الموروث مكتفيًا به، وهو موقف فيه هزال المريض، وضعف الذليل، لا سيما إذا تذكّرنا أن بلادنا في قبضة المستعمر، الذي هو صاحب تلك الثقافة، التي ينقلها ناقلوها ثم يفاخرون الناس بما نقلوا)  ([17]).
وبكلمات صريحة تشير بصدق قائلها، وتلخّص تنقده للمستغربين الذي حكم عليهم بالانتحار الحضاري لأنهم عزفوا عن (الغذاء) الذي يزيد من شعورنا بهويتنا الأصلية، ثم استطرد قائلًا: (ولقد كنت لفترة طويلة واحدًا من أولئك الذين ضلّوا سبيل الحق في هذا الصدد، فبالغتُ كما بالغوا، حتى أراد لي الله رؤية أهدى) ([18]).
المرحلة الثانية: وهي التي نحياها اليوم وتتلخص في إصرارنا على تحقيق ذواتنا بالانتماء الصحيح إلى منابعنا، ولكن العيب في أبناء هذه المرحلة أنهم لا يريدون أن يسمعوا إلا صوتًا واحدًا، ويتمثل في سؤال سألني السائل سؤاله: (ألا يكفينا إسلامنا ويغنينا عن الغرب بكل ما فيه) ([19]). وقد ُهش للسؤال وكانت إجابته تتلخص في أن دعائم هذا العصر وضارته هو العلم بقوانين الطبيعة في مختلف ظواهرها، وقد حض الإسلام على طلب العلم، بدليل أنه بالرجوع إلى معجم القرآن الكريم يتضح أن لفظ (العلم) ومشتقاته جاء فيما يزيد على سبعين صورة من الألفاظ الدالة على (العلم) في آيات القرآن الكريم (فإذا ضممنا هذا القدر الهائل إلى قدر هائل آخر من مادة (فكر) وما يشتق منها علميًا، فإننا أمام كتاب جعل للعلم والفكر منزلة هيهات أن تجد لهما منزلة أعلى منها في أي مصدر آخر، إنه لم يرد للإنسان علمًا مجردًا بل أراد له (رسوخًا) فيه، وهداه إلى وجوب التفرقة بين العلم والظن) ([20]).
ويرى الدكتور نجيب أن هناك من الآيات القرآنية التي تحض المسلم على التفكير في خلق السماوات والأرض ولكنه مطالب بعدم الوقوف عند التلاوة وحدها مجردة عن التنفيذ، بل يجب التنفيذ لمضامينها للظفر بالعلم المطلوب، ويقول (فانظر إلى النقلة الكبرى التي نتعلمها إذا نحن قرأنا كتاب الله قراءة نقفز بها إلى آفاق العمل والتطبيق) ([21]).
إنه يضع شرطًا ضروريًا لقراءة القرآن الكريم لتؤدي إلى النتائج التي حققها السلف الذين قاموا بتنفيذ أمر الله تعالى بالتفكير في خلق السماوات والأرض ( ولقد اضطلع السلف بكثير من التفكير في الكون وكائناته وظواهره. فكان منهم علماء فلك وعلماء الطب وعلماء الكيمياء وعلماء الطبيعة في هذه الظاهرة أو تلك، كما كان منهم علماء الحيوان وعلماء الطبيعة) ([22]).
أما عن صلة المسلمين بحضارة العصر، فإنه يبسط الفكرة ويغذيها بمن سماه (المسلم الجديد) و(المسلم القديم)، فإن المسلم الجديد المطالب كما طولب المسلم القديم بالتصدي لعلوم عصره، (إنه مطالب بقراءة الكون فيما يعرضه أمام حواسنا من صفحات، لكنها كُتبتْ بلغة الصوت والضوء والمغناطيسية والكهرباء)  ([23]).
ويرسم الطريق للمسلم، فيرى أن الانطلاق من كتاب الله عز وجل يجعله يشارك بقوته التي يستمد منه في هذه الحضارة (مشاركة الأنداد فتكون له السيادة كما كانت لأسلافه) ([24]).
وحجته أن الإسلام أراد للمسلم أن يكون قويًا، قوته في علومه، ومن واجب المسلم الجديد ألا يكتفي بنقل علوم الآخرين، بل نصيبه من البحث العلمي الأصيل الذي يقدمه إلى الدنيا قائلًا ها أنذا) ([25]).
الرد على العلمانيين
(الإسلام دين ودولة)
يعرّفِ الدكتور زكي نجيب محمود الإسلام من حيث هو دين (له أركانه الخمسة التي يعرفها كل مسلم ويلتزمها)، فهو يؤكد فكرة الالتزام بأركانه، ومن حيث الشريعة له أحكامه التي يفصلها لنا علماء الفقه، فنعتز بها أحكامًا تضبط مناشط حياتنا، أي أنه لا يقتصر على العبادات فحسب) ([26]).
وقد توسّع في عرض تنظيم الدولة في الإسلام فذكر القطاع الحربي وفيه (أمراء القتال وجنده) وكتَّاب الجيش، وفارضو العطاء، والعرفاء رؤساء الجند... الخ.
وعلى النواحي كان هناك ولاة وأمراء الأقاليم، وفيها كان القضاة وعمال الجباية والخراج.. والقائم على الحمى .. وصاحب المساحة، وعمال الزكاة والصدقات، والخارصون للثمار، كما كان هناك (فارضو المواريث) و(فارضو النفقات).. الخ.
كذلك كان هناك هناك من يقوم بمهمة (المحتسب) و(صاحب العسس)، و(متولي حراسة المدينة)، و(العين: الجاسوس.. و(السجان) و(المنادي) و(مقيم الحدود) و(متولي التطبيب والعلاج) إلخ.
وعند الغزو، كان هناك (أمراء الجهاد) و(المستخلفون على المدينة) ومن (يستنفر الناس للقتال) و(صاحب السلاح) و(صاحب اللواء) و(أمراء أقسام الجيش الخمسة)، و(حراس القائد) عليه الصلاة والسلام و(القائمون على متاع السفر)، ومن (يخذلون الأعداء). ومن (يبشرون بالنصر) إلخ.
ويبدو من اطلاعه الواسع على كتب التراث، أنه استخرج مثل هذه الوظائف من بطون الكتب وربما كدنا ننساها بسبب غياب تطبيق الشريعة، ويظهر من التعقيب على كل وظيفة بكلمة (إلخ .. إلخ ..) ـ وكان حريصًا على أن يزيل بها الوظائف ـ ليعرف القارئ أنه اختصر في عرضها ولم يتحدث إلا عن أهمها، إذ يستطرد قائلًا:
(وكثير من هذه الوظائف الإدارية كان لها أربابها الذين عيّنهم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها ابتداء..
فنحن أمام (دولة) اكتملت لها المعالم والمقومات .. نشأت كضرورة اقتضاها الدفاع عن حرية العقيدة الجديدة وحرية الدعوة والدعاة للدين الجديد.. وكضرورة لإقامة شريعة الإسلام، وتنظيم المجتمع الذي قام بالمدينة بعد هجرة الرسول ـصلى الله عليه وسلم ـ) ([27]).
ونراه قد أجاد في تصور الجهاد في الإسلام لتحقيق الحرية للناس في اعتناق الإسلام أمام قوى البطش التي تريد استعباد الشعوب وإذلالها لتحول بينهم وبين اختيار العقيدة التي تحقق لهم القيم والفضائل والحياة الإنسانية الطيبة، ولا نستبعد أنه استوحى مثل هذا التصور من اطلاعه الواسع، وقد سبقه إلى هذا التفسير أيضًا المهتدي للإسلام (محمد أسد) إذ علل الفتوحات الإسلامية بقوله: (ولم يكن يحفز المجاهدين الأولين إلى الجهاد طمع في خفض العيش ورخائه على حساب الناس الآخرين، ولم يقصد منه إلا بناء إطار عالمي لأحسن ما يمكن للإنسان من ارتقاء روحي، كما أن العلم بالفضيلة حسب تعليم الإسلام يفرض على الإنسان تبعة العمل بالفضائل.. ويستطرد قائلًا: (فإن الفضيلة ـ كما يقول الإسلام ـ تحيى إذا جاهد الإنسان لبسط سلطانها على الأرض وتموت إذا خذلها وتقاعد عن نصرتها) ([28]).
 ونعود للدكتور زكي نجيب محمود الذي يتساءل بعد عرضه للدولة الإسلامية (فهل هناك بعد هذا الذي قدّمنا مجال لزعم علماني يدّعى أصحابه أن الإسلام (دين) لا (دولة) ورسالة روحية محضة، لا علاقة لها بسياسة المجتمع.. وأن رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما كان إلا رسولًا، كالذين سبقوه لم يقم دولة، ولم يرأس حكومة، ولم يسس المجتمع الذي عاش فيه؟! .. ثم يقرر بحسم وقطع:
(لا نظن أن هناك مجالًا لزعم الذين أجهدوا الحقيقة ليقرروا (علمانية الإسلام).
ولا يفوتنا أيضًا تسجيل رأيه في دولة الإسلام حيث يتميز عن (دولة الكهانة) و(الدولة الدينية) التي عرفتها الحضارات غير الإسلامية، تستبد بها فئة بزعم أنها مفوضة للحكم بالحق الإلهي ([29]).
ويستشهد في ذلك بحرب الردة أيام أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ ليستخلص منها أن وجود (دولة الخلافة يومئذ) ـ كانت ضرورة مدنية وواجب سياسي ـ كان السبيل لتنظيم (الزكاة) التي هي واجب ديني، وركن من أركان الإسلام الدين.. وهذا هو المعنى الحقيقي والعميق لعبارة أبي بكر، التي حسمت الحوار الذي دار حول مشروعية قتال هؤلاء المرتدين عن وحدة الدولة الإسلامية: إن الزكاة هي حق لا إله إلا الله. (والله لو منعوني عقالًا كانوا يؤدونه لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقاتلتهم عليه.. وبهذا المنطق، الذي ربط به أبو بكر (الدين) و(الدولة)شرح الله صدر عمر بن الخطاب لرأي أبي بكر الصديق في هذا الموضوع الخطير.
ويستطرد الدكتور زكي نجيب محمود ليقطع برأي حاسم أمام الذين يخلطون بين الحكومة في الإسلام، والحكومة الدينية التي عرفها الغرب في العصور الوسطى، فيقول:
(بل لعلنا لا نغالي إذا قلنا: إن وجود (دولة الخلافة) التي حماها الصحابة ودعموها بقتالهم للمرتدين ـ رغم طابعها المدني، وانتفاء وصف (الواجب الديني) والفريضة الدينية، والدولة الدينية عنها ـ إن وجودها كان السبيل لما هو أكثر من إقامة (فريضة الزكاة الدينية) كركن من أركان الدين .. إذ إنها كانت السبيل لإقامة الإسلام كله كدين.. (فالدولة) هي التي نشرت الإسلام خارج شبه الجزيرة.. بعد أن أعادت رفعه أعلامه التي طواها العرب المرتدون.. ولولاها لتهددت الإسلام مخاطر أن يصبح مجرد نحلة من النحل التي عرفها التاريخ، أو ديانة يقف شرف التدين بها عند قلة من الناس.. لقد كانت هذه (الدولة) هي الأداة التي تحقق بها وعد الله سبحانه في قرآنه الكريم ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9] ([30]) .
ولما يقف به التصور الإسلامي الشامل إلى بيان صلة الإسلام بنظام الحكم وإقامة العدل، بل امتد ليشمل تحقيقه لرغبات الإنسان في شعب الحياة الإنسانية،فإنه انتهز فرصة لإلقاء محاضرة عن الإسلام في إحدى جامعات أمريكا، وكان يعلم مسبقًا بجهل الأمريكيين بالإسلام مقرونًا في أنفسهم بشعور يميل بهم نحو الحكم الظالم.
وقد استخدم ـ رحمه الله ـ حيلة بارعة في تقديم محاضرته، فلم يصرّح في بداياتها بأنه سيتحدث عن الإسلام ـ لأنه يعرف شعورهم نحوه، بل أخذ ـ كما يقول: (أرسم له صورة ثقافية حضارية نتمنى جميعًا أن تتجه الإنسانية إلى تحقيقها، فما صورة الإنسان الفرد كما نريد له جميعًا أن يكون؟ ما هي صورة الروابط التي نتمناها جميعًا أن تربط الأفراد في المجتمع؟
.. وهكذا مضيت في حديثي معهم وكأن موضوعنا هو مستقبل الإنسان ومستقبل الثقافة ومستقبل الحضارة .. حتى إذا ما بلغت بحديثي حدًّا ظفر منهم بالموافقة والرضا؛ قلت لهم:
.. لكن هذه الصورة التي رسمتها لكم أيها السادات والسادة هي صورة الإسلام!!
فقال أحدهم قولًا شديد الشبه بما قاله مسيو جوردن لمعلمه في مسرحية (موليير) ـ قال:  أكنا إذًا طوال زماننا مسلمين ونحن لا ندري؟) ([31]).
ويضفي على العقيدة أهميتها الخاصة كأداة مقاومة في الحرب مع إسرائيل، إذ يرى أن قوة العقيدة لا تقل شأنًا عن قوة الجيش والطيران والأسطول وقوة السلاح الذري وغير الذري من نتاج العلم التكنولوجي الجديد، فإذا وازن بين طرفين أحدهما هو قوة الوسائل المادية، والآخر هو قوة العقائد والأفكار، كان السداد في اختيار الطريق الثاني.. (هذه هي حركة التاريخ، لن يشذ فيها صراع الأمة العربية مع إسرائيل) ([32]).
ولنقارن بالتصور الإسلامي للإنسان في الفكر الإسلامي. يقول د. زكي نجيب محمود:
(وأما عن حياة الروح .. فأهم ما يرد عنها الخاطر، هو عبادة الله جل شأنه، وعلى الرغم من أن العبادة في معظم أركانها تعتمد على الجسد فالشهادة ينطق بها اللسان ومعه سائر أجزاء الجهاز الصوتي، والصلاة وقوف وركوع وسجود ونطق، والحج طواف ووقفة على عرفات وعبارات تقال ورمي للجمرات..إلخ .. وكلها يؤديها الجسد، أقول: إنه على الرغم من أن الجسد أداة ضرورية لأداء العبادات إلا أنه في ذلك مجرد أداة، وأما الغاية فهي شأن الروح التي لا يعرف أمرها وسرها إلا ربها) ([33]).
الإسلام يضفي على الحياة المعنى المفتقد في حضارة الغرب:
وفي وصفه لأهل الغرب، يرى أنهم يسعون بلا هدف نهائي وهدفهم الحاضر هو تحصيل لقمة العيش، ومع التقدم العلمي الذي أنتج الآلات ربما سأل سائل: (وماذا جناه الإنسان من العلم وآلاته؟).
وفي غياب الإجابة نشأ في أهل الغرب ما نشأ من قلق ومن شعور بالاغتراب (لأن الواحد من يحس كأنه انسلخ عن ذاته ليصنع أشياء الآخرين) ([34]).
وقد أسهمت المذاهب الفلسفية المعاصرة في الإحساس بالقلق، فهي ذات اتجاهين:
الأول: ينصب على العلم في بنيته ومنهجه، والثاني: يصب اهتمامه على حياة الإنسان نفسه (وكلا الاتجاهين ـ كما نرى ـ لا يفسح مكانًا لما هو وراء هذه الحياة بتاريخها الماضي وعلمها الحاضر، إذ هو لا يهتم بكم كان من قبل الحياة ونشأتها، ولا بما سوف يكون بما بعد فنائها .. فإذا سأل: وماذا بعد؟ فإن يشعر بالقلق والاضطراب لأنه لا يجد الجواب) ([35]).  
 ويقول الدكتور زكي نجيب محمود: (لكن المسلمين عندهم في ديانتهم الجواب، فالصورة في عقيدتهم الدينية لما سوف يكون بعد فناء الأرض وما عليها ومن عليها صورة واضحة بكل تفصيلاتها، فهنالك البعث والنشور، وهنالك الحساب وهنالك الثواب والعقاب.. وهنالك العدالة بأدق موازينها ([36]).
ولم يفته أيضًا الإجابة عن سؤال آخر، وهو (فيم الحياة وشقاؤها؟) فيجيب: (إنك تحيى بأمر الله وتعمل بطاعة الله، وسيكون يوم الحساب موعدًا لإقامة العدل فيما قدمت يداك، وبهذا تنتفي دواعي القلق والاغتراب وغير ذلك من الحصاد المر الذي تغص به حلوق المعاصرين ([37]).
وبهذه الإجابة الواضحة يضيف المسلمون إلى حضارة العصر معنى الحياة، ويقول: (إننا لا نرفض العصر، بل نضيف إليه ما ينقصه) ([38]).
الفروق بين الدين والفلسفة:
ويرى الدكتور زكي نجيب محمود أن الفروق بين الدين والفلسفة واسعة وعميقة، ويعدّد أوجه الخلاف بينهما، فهو اختلاف في المصدر، إذ الدين مصدره وحي يوحى إلى نبي أو رسول، وأما الفلسفة فهي قائمة على رؤى يحدثها إنسان من البشر.. واختلاف أيضًا بينهما في الوظيفة، فالدين منظومة من العقائد والشرائع والعبادات والمبادئ، تتكون منها خطة حياة هنا في هذه الدنيا، وتمهّد للحياة الآخرة يوم يكون الحساب.. بينما الفلسفة تصب فاعليتها على ظاهرة معينة لتكشف عن طبيعتها أولًا، وعن علاقاتها ببقية الظواهر ثانيًا... ([39]).
ويقول في موضع آخر: (فبينما تتعدد البناءات الفلسفية بتعد الفلسفة، يظل البناء الديني واحدًا لوحدانية الموحى به والموحى إليه، وإذا جعلنا حدثنا هنا مقصورًا عن الإسلام، قلنا إن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله تتضمن فيما تتضمنه، وحدانية من أوحى بالدين ومن نزل عليه الوحي، وذلك يستتبع أن يظل البناء الديني عند المؤمنين به واحدًا عند الجميع) ([40]).
وبعد أن يستطرد بشرح أوجه الخلاف بين الدين والفلسفة يقرر في نهاية المطاف حكمه النهائي بقوله: (إنه الخلط الفكري الذي رزئنا به في حياتنا الثقافية، حتى أصبحنا وكأننا في تلك الحياة نخوض في عماء فوقه سحاب أدكن ، ويكتنفه ضباب قاتم كثيف) ([41]).
وقد أصاب بهذا الحكم على الفلسفة، فهي عاجزة عن تحقيق حياة واقعية فاضلة إذ إنه لا بد من الدين ـ بشريعته وقيمه ـ في تنظيم حياتنا.
هذا، وقد حجبت الفلسفة الغربية قديمًا وحديثًا بمناهجها ومدارسها وروادها، حجبت الإسلام ـ بمصدريه: كتاب الله تعالى وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الأجيال تلو الأجيال منذ عصر الاستعمار الغربي لبلاد المسلمين، وهم آلاف المثقفين (الذين ما إن فُتحت عيونهم على فكر أوروبي قديم أو جيد، حتى سبقت إلى خواطرهم ظنونٌ بأن ذلك هو الفكر الإنساني الذي لا فكر سواه، لأن عيونهم لم تفتح على غيره لتراه) ([42]).
وتاريخ إدخال الفلسفة الغربية القديمة والوسطى والحديثة إلى جامعاتنا ينم عن إحدى أدوات التغريب لشباب المسلمين، لسلخهم من هويتهم الإسلامية وجعل ولائهم الفكري تابعًا للغرب، وقد نجح الغرب في تحقيق غرضه إلى أبعد حد، فإن واقعنا المتمثل في مناهج التعليم، وجهل أغلب أبنائنا بتراثهم الإسلامي، دليل ساطع على نجاحه.
 يقول فنسامي مونتاي الفرنسي ـ المهتدي للإسلام ـ: (إن مثل الفكر العربي الإسلامي المبعد عن التأثير القرآني، كمثل رجل أفرغ من دمه) ([43]).
وفي الختام فقد اتسمت آراء الدكتور زكي نجيب محمود بدقة الملاحظة والصراحة والحرص على واقع الحياة ببلادنا لتصحيح ما يراه من انحرافات ربما تخفى عن أعين الكثيرين.
ولعل من أبرزها ما لاحظه في البلاد النامية من المفارقات بين القول والعمل، وقد تجسدت الظاهرة في هذه البلاد التي ظفرت بحريتها وتولت الحكم فيه حكومة من أبنائه بعد أن كانت في أيدي أجانب غاصبين، وأخذ يصف الحكام الوطنيين بقوله: (قد ذهلهم السلطة التي جاءت إليه فجأة، بكل ما يتبعها من مكاسب، فتأخذهم خشية أن يكون هذا (العز) المفاجئ مصيره إلى زوال مفاجئ أيضًا... فيحاولون جمع أكثر ما يمكن جمعه، وفي أقصر مدة ممكنة، قبل أن يُباغتوا بأحكام القدر. ومن هنا تراهم يقسّمون حياتهم قسمين: أحدهما في العلن، والآخر في الخفاء، فيبشرون بكل ما يطيب وقعه على الأسماع، لكنهم من وراء ظهر المجتمع يكنزون ويكدسون ([44]).
شهادة الدكتور طه حسين
ورجوعه عن سابق أقواله

كان مؤلف كتاب (دور جامعة القاهرة في بناء مصر الحديثة) قد وصف الدكتور طه حسين بأنه (داعية الحداثة المكافح) ([45]).
وإن صحّ هذا الوصف في بداية حياته الثقافية، فلا يصح إذا وقفنا على تحوله في نهاية حياته.
وقد نشر الشيخ محمود محمد شاكر ـ رحمه الله تعالى ـ شهادة الدكتور طه حسين التي تتضمن النقد لحضارة الغرب إذ رأى أنها حملت إلى عقولنا شرًا غير قليل، ساخرًا من الذين قلدوها تقليد القردة، مشفقًا على ضحايا الحضارة الحديثة الذين ظنوا أن التجديد في إماتة القديم. وقد وصف أحدهم بقوله: (ينفث السم ويفسد العقول ويمسخ في نفوس الناس المعنى الصحيح لكلمة التجديد) ([46]).
وقد سجل الشيخ شاكر اعتراف الدكتور: بتصحيح مواقفه السابقة، فقال: (قد بينت في بعض مقالاتي أ، الدكتور طه، قد رجع في أقواله التي قالها في الشعر الجاهلي، بهذا الذي كتبه، وببعض ما صارحني به بعد ذلك وصارح به آخرين، من رجوعه عن هذه الأقوال، ولكنه لم يكتب شيئًا صريحًا يتبرأ به مما قال أو كتب ... وهكذا كانت عادة (الأساتذة الكبار)! يخطئون في العلن ويتبرءون من خطئهم في السر ([47]).
وكان الشيخ شاكر يفضل أن يعلن الدكتور طه حسين عن عودته عن علمانيته جهرًا وبشكل موسع بتأليف كتاب أو نشر ذلك في وسائل الإعلام والتبرؤ من سابق معتقداته.
ولكن يبدو أن الرجل كان محاصرًا، فلم يُسمح له بحرية الحركة والإعلان الموسع عن عودته للحق .
ونرجح هذا التفسير؛ لأن الدكتور طه حسين عندكما أُتيحت له الفرصة عند الإدلاء بآرائه علًا أمام لجنة الدستور، كان صريحًا وحاسمًا في انحيازه لعقيدة الإسلام وشريعته. ففي الاجتماع الذي عقدته لجنة وضع مشروع الدستور بدلًا من دستور 1923 الملغى عقب ثورة يوليو، وأثيرت فيه قضية (حقوق المرأة السياسية) ـ (فلقد طلب طه حسين النص على عدم خروج القوانين على نص القرآن الكريم، فجعل للقرآن حاكمية سائدة على قوانين البلاد).. أما نص عبارته فيقول: (إنه من المقطوع به أن الأغلبية لن تقبل أن تخرج عند وضع الدستور على ما أمر به الإسلام، فلا أظن مثلًا أننا سننص على تأخذ المرأة في الميراث نصيبًا كنصيب الرجل، فلن يحدث هذا بالطبع) ([48]).
كما طالب بالنص في الدستور على عدم السماح لقوانين البلاد ـ المفصلة والمطبقة للدستور (بأن تَعْدِ عن نص القرآن).. ويستطرد قائلًا: ولكن لا بد لنا من أن نحتاط فنقول: إنه ليس هناك أي مقتضى يسمح لنا بأن نعدل عن نص القرآن ([49]).
وعارض الدكتور طه حسين التحلل من بعض الضوابط الإسلامية بزعم حرية العقيدة، وطالب أن يكون الالتزام بالإسلام ـ من منطلق احترام الدين ـ التزامًا كاملًا بالإسلام.. وليس التزامًا ببعض الكتاب وتحللًا من بعضه الآخر.
وقد علّق الدكتور محمد عمارة بعد سرده لبعض المناقشات بلجنة وضع الدستور بقوله: (بعد هذه العلمانية (التي كان عليها سنة 1936) ـ التي رأت القرآن مجرد (متمم ومصدق للإنجيل) وجدنا طه حسين ـ في سنة 1953م ـ وأثناء مداولات غير علنية ـ لا سلطان على المشاركين فيها لغير فكرهم الذي يؤمنون به ـ وجدناه يطلب النص في الدستور على حاكمية النص القرآني على سائر القوانين .. ويقول: إن احترام الإسلام، يقتضي احترامه جملة وتفصيلًا، وذلك حتى لا يكون الإيمان إيمانًا ببعض الكتاب، وكفرًا ببعضه الآخر!.
(وهكذا فقدت العلمانية ـ بعد هجمتها سنة 1925م واحدًا من أبرز فرسانها) ([50]).
كذلك سجل الأستاذ سامح كُرَيِّم المواقف الدالة على ترجيح الأصالة في فكر الدكتور طه حسين، فعدد مواقفه الحريصة على أصالة اللغة العربية والثقافة العربية والحضارة العربية، وفزعه من الانصراف عن هذه الأصالة.. وكان ضمن التمسك بهذه الأصالة، الدعوة إلى إعادة كتابة التاريخ الإسلامي بشكل يتيح للقارئ العربي المسلم المعاصر .. أن يعرف أسرار عظمة هذا التاريخ.. المتوارية وراء المتون ومتن المتون.. ووصف الفكر القديم (والغالب أنه الثقافة الإسلامية) مقوّم لشخصيتنا، محقق لقوميتنا عاصم لنا من الفناء الأجنبي، معين لنا على أن نعرف أنفسنا .. ووصف الحضارة الأوروبية الحديثة بقوله: (والذين يظنون أن الحضارة الحديثة حملت إلى عقولنا خيرًا خالصًا، يخطئون فقد حملت الحضارة الحديثة إلى عقولنا شرًا غير قليل).
ووصف الأدب العربي القديم بقوله: (ليس الأدب العربي أقل حياة من الآداب الأجنبية مهما تكن، وليس الأدب العربي أقل صلاحًا للبقاء  واستحقاقًا للعناية الخصبة والدرس المنتج من الآداب الأجنبية مهما تكن، وكل عيب الأدب العربي أنه مجهول لا يُحسنه أصحابه ولا تعمّقوه) ([51]).
وقد سجّل طه حسين تجربته الحافلة في شكل شهادة لا لبس فيها، نقلها إلينا الشيخ محمود شاكر ـ رحمه الله ـ، ووصفها بأنها شهادة مهمة جدًّا لتاريخ الحياة الثقافية التي امتدت بعده إلى يومنا هذا، قال الشيخ شاكر:
وسأحاول هنا أن ألخص ما قاله الدكتور طه بألفاظه هو، لا بألفاظي لأنها شهادة أستاذ كبير، يقول:
(والذين يظنون أن الحضارة الحديثة حملت إلى عقولنا خيرًا خالصًا يخطئون، فقد حملت الحضارة الحديثة إلى عقولنا شرًّا غير قليل... فكانت الحضارة الحديثة مصدر جمود وجهل، كما أن التعصب القديم مصدر جمود وجهل أيضًا).
(هذا الشاب أو الشيخ، الذي أقبل من أوروبا يحمل الدرجات الجامعية، ويحسن الرطانة بإحدى اللغات الأجنبية... يجلسُ إليك  وإلى غيرك منتفخًا منتفشًاـ مؤمنًا بنفسه وبدرجاته وبعلمه الحديث، أو أدبه الحديث، ثم يتحدث إليك كأنه ينطق بوحي أبُو لُّون، فيعلن إليك في حزم أن أمر (القديم) قد انقضى، وأن الناس قد أظلهم عصر التجديد، وأن الأدب القديم يجب أن يُترك للشيوخ الذين يتشدقون بالألفاظ، ويملئون أفواههم بالقاف والطاء وما أشبهها من الحروف الغلاظ، وأن الاستمساك بالقديم جمود، والاندفاع في الحياة إلى أمام هو التطور، وهو الحياة وهو الرقي، هذا الشاب وأمثاله ضحية من ضحايا الحضارة الحديثة؛ لأنه لم يفهم هذه الحضارة على وجهها، ولو قد فهمها لعلم أنها لا تنكر القديم ولا تنفر منه ولا تنصرف عنه، وإنما تحببه وترعب فيه وتحث عليه؛ لأنها تقوم على أساس منه متين..
هذا الشاب  ضحية من ضحايا الحضارة الحديثة، أو من ضحايا جهل الحضارة الحديثة، وشره ليس مقصورًا عليه، وإنما يتجاوزه إلى غيره من الناس. فهو يتحدث، وهو يعلم، وهو يكتب، وهو في هذا كله ينفث السم، ويفسد العقول، ويمسخ في نفوس الناس المعنى الصحيح لكلمة (التجديد). فليس التحديد في إماتة القديم، وإنما التجديد في إحياء القديم، وأخذ ما يصلح للبقاء.
وأكادُ أتخذ الميل إلى إماتة القديم أو إحيائه في الأدب مقياسًا للذين انتفعوا بالحضارة الحديثة أو لم ينتفعوا بها، فالذين تلهيهم مظاهر الحضارة عن أنفسهم حين تلهيهم عن أدبهم القديم، لم يفهموا الحضارة الحديثة، ولم ينتفعوا بها، ولم يفهموها على وجهها، وإنما اتخذوا منها صورًا وأشكالًا وقلدوا أصحابها تقليد القردة، لا أكثر ولا أقل !!.
والذين تلفتهم الحضارة الحديثة إلى أنفسهم، وتدفعهم إلى إحياء قديمهم، وتملأ نفوسهم إيمانًا بأن لا حياة لمصر إلا إذا عُنيت بتاريخها القديم وبتاريخها الإسلامي، وبالأدب العربي قديمه وحديثه، عنايتها بما يمس حياتنا اليومية من ألوان الحضارة الحديثة هم الذين انتفعوا، وهم الذين فهموا، وهم الذين ذاقوا، وهم القادرون على أن ينفعوا في إقامة الحياة على أساس متين ([52]).
من آثار القومية العربية:
حولّت قضية فلسطين من منظور الصراع الحضاري مع الغرب إلى مجرد نزاع بين العرب وإسرائيل، فأفقدت القضية المخزون الهائل المستمد من الأمة الإسلامية ووقائع التاريخ المعاصر تحكي أنه في سنة 1907 عقد مؤتمر أوروبي كبير، ضم أضخم نخبة من المفكرين والسياسيين برئاسة وزير خارجية بريطانيا الذي قال في خطاب الافتتاح: (إن الحضارة الأوروبية مهددة بالانحلال والفناء، والواجب يقضي علينا أن نبحث في هذا المؤتمر عن وسيلة فعالة، تحول دون انهيار تلك الحضارة).
وبعد أشهر من الدرس والنقاش توصل المؤتمرون إلى خطة تقضي بالعمل المشترك على منع أي اتحاد أو اتفاق بين دول الشرق الأوسط؛ لأنها تشكل الخطر الوحيد على مستقبل أوروبا، وأن الوسيلة لذلك إنشاء قومية غريبة معادية شرق قناة السويس، وبذا أرست بريطانيا أسس التعاون والتحالف مع الصهيونية العالمية ([53]).
ويقول الأستاذ سعد جمعة:
(على أن هدف الاستعمار الغربي وامتداده إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، هو تدمير الحضارة الإسلامية، وتقويض التراث الإسلامي، وإن قيام إسرائيل ـ كظاهرة استعمارية عنصرية نازية غريبة ـ في قلب العالم العربي والإسلامي هو جزء من ذلك المخطط العريق وقاعدة عدوانية تضرب من خلالها الحضارة الإسلامية. وإن ذلك المخطط هو استمرار للحروب الصليبية ـ في لبوس جديد ـ لنفس الغرض ولنفس الأهداف) ([54]).
وإزاء هذه النكبة الحالة ببلادنا كانت المجابهة تحتم استدعاء المخزون الثقافي للأمة الإسلامية وعلى رأسها الوحدة والجهاد، ولكن استوردنا بعض التجارب الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في شكل الاشتراكية المنقولة من الاتحاد السوفيتي ورفعنا راية القويمة العربية، ورفعنا قامات الزعامات ـ في مصر وغيرهاـ وأخذ وسائل الإعلام المضللة توهم الجماهير بأن ما تقوله وتفعله هو القدر الحاكم والويل لمن يقف في طريقها (وتم شراء حثالات في كل بلد عربي ... ليسيروا في مواكب الهتافة ... يرفعون شعارات لا يفهمونها) ([55]).
وكانت فكرة القومية العربية وافدة ـ في البداية ـ من الشام على أكتاف بعض النصارى الذين أسهموا في هدم صرح الخلافة العثمانية، مدفوعين بتعصب ديني، ومموّلين من جهات مخابرات غربية، وهم يمثلون طلائع الغزو الثقافي السام في العصر الحديث لبلاد المسلمين، وفي طليعتها مصر، تحت زعم نزع كل ماله صلة بالأتراك، والعبارة تحمل في طياتها (نزع الإسلام نفسه).
وأفقدت القومية العربية القضية الفلسطينية من المدد الإسلامي من المحيط الإسلامي الواسع الأرجاء وهي في حقيقتها قضية عربية إسلامية ([56]).
      


[1])) سامح كريم (قمم وأفكار إسلامية) ص (258) دار الوفاء بالقاهرة 1984م.
[2])) بعد أن عرض الدكتور التفتازاني ـ رحمه الله تعالى ـ الصراع بين المذاهب الفلسفية ، قال: (وهكذا ينقل الأساتذة الصراع الأجنبي حول الآراء والمذاهب إلى أرض العروبة والإسلام، وكان تخصصهم الجامعي في هذا الميدان من الدراسات يفرض عليهم فرضًا ألا يغفلوا ذاتيتنا وتراثنا الفلسفي عند تقييم ما درسوه ويدرسون، لهذا ليس بدعًا أ، نؤكد ذاتيتنا بإزاء فكر العصر).
بحث بعنوان: (منهج إسلامي في تدريس الفلسفة الأوروبية الحديثة والمعاصرة في الجامعة) ص (365) مجلة (الجمعية الفلسفية المصرية) العدد الرابع ـ السنة الرابعةـ يناير سنة 1996م.
[3])) دونالد مالكوم ريد. ترجمة إكرام يوسف. دور جامعة القاهرة في بناء مصر الحديثة ص (95). مكتبة الأسرة 2007م.
[4])) نفسه ص (201).
[5])) نفسه ص (205).
[6])) ونقترح عمل دراسة شاملة لتسجيل ظاهرة رجوع بعض كبار مثقفينا، نذكر منهم:
1 - د. عبد الرحمن بدوي بكتابيه: (الدفاع عن القرآن ضد منتقديه)، و(دفاع عن محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ضد منتقصي قدره).
2 - د. عبد الوهاب المسيري.
3- د. عبد العزيز حمودة.
4- د. محمد عمارة.
5 - د. محمد حسين هيكل.
6- خالد محمد خالد.
7- منصور فهمي.
8- د. مصطفى محمود.
9- الكاتب الصحفي الأستاذ محمد جلال كشك.
10- الأستاذ طارق البشري.
11- الأستاذ عادل حسين.
12- الدكتور طه حسين.
ولا نغفل أن هناك هيئات غربية الصبغة، وهي تؤدي وظائفها بنشاط كالمجلس الأعلى للثقافة والمسارح، والسينما، ولها مؤتمراتها ومهرجاناتها وندوتها وبرامجها.
[7])) د. محمد علي الصلابي (فصل الخطاب في سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه شخصيته وعصره) ص (19) دار ابن كثيرـ دمشق/ بيروت 1428هـ - 2007م.
[8])) د. زكي نجيب محمود (تجديد الفكر العربي) ص (5، 6) دار الشروق ـ القاهرة 1982م.
ويقول في مقدمة كتابه (عن الحرية أتحدث): (والمطلوب هو عودة الضال إلى طريق آبائه، وليس من شك في أن الأصيل عائد إلى أصله كما يكون للشمس شروق جديد بعد كل غروب، وبالله التوفيق) ص (7) ط. دار الشروق، نوفمبر 1986م.
[9])) د. زكي نجيب محمود (ثقافتنا في مواجهة العصر) ص (16) دار الشروق يناير 1976م.
[10])) نفسه ص (30).
[11])) نفسه ص (91).
[12])) يبدو أن الدكتور زكي نجيب محمود تأثر بعبارة من يقول: (يتخلق بأسماء الله)، وهي في رأي الإمام ابن القيم ليست بعبارة سديدة، وهي منتزعة من قول الفلاسفة بالتشبيه بالإله على قدر الطاقة.. وأحسن منها العبارة المطابقة للقرآن، وهي الدعاء المتضمن للتعبد والسؤال، وعلى هذا يكون الدعاء من العبادات التي توظف كل اسم بمقتضاه حيث يدعو الداعي بالاسم الذي يلائم الطلب والمسألة، ويتوسل إلى الله بذكر هذه الأسماء وما تضمّنته من كمال الأوصاف وجلالها (ابن القيم بدائع الفوائد).
وقد اختلف العلماء في معنى الإحصاء الوارد في بحديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة) متفق عليه. واختار الإمام ابن القيم أن الإحصاء على ثلاثة مراتب هي:
1- إحصاء ألفاظها وعددها       2- فهم معانيها ومدلولها    3- دعاؤه بها.
وقال الشيخ ابن عثيمين في الفتاوى:
وليس معنى أحصاها أن تكتب في رقاع ثم تكرر حتى تحفظ، ولكنمعنى ذلك:
أولًا: الإحاطة بها لفظًا.
ثانيًا: فهمها معنى.
ثالثًا: التعبد لله بمقتضاها ولذلك وجهان:
الوجه الأول: أن تدعو الله بها لقوله تعالى:﴿ فَادْعُوهُ بِهَا﴾ بأن تجعلها وسيلة إلى مطلوبك، فتختار الاسم المناسب لمطلوبك، فعند سؤال المغفرة تقول: يا غفور اغفر لي، وليس من المناسب أن تقول: يا شديد العقاب اغفر لي، بل هذا يشبه الاستهزاء، بل تقول: أجرني من عقابك .
الوجه الثاني: أن تتعرض في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء، فمقتضى الرحيم الرحمة، فاعمل العمل الصالح الذي يكون جليًا لرحمة الله، هذا هو معنى أحصاها، فإذا كان كذلك فهو جدير لأن يكون ثمنًا لدخول الجنة.
(يُنظر كتاب (المجلى شرح القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى) للعلامة محمد صالح العُثيمين) تأليف كاملة الكواري ص (138، 139) دار ابن حزم ـ بيروت 1422هـ - 2002م.
[13])) نفسه ص (89).
[14])) نفسه ص (51).
[15])) نفسه ص (53).
[16])) نفسه ص (53).
[17])) زكي نجيب محمود (قيم من التراث) ص (136) مكتبة الأسرة، سنة 1999م.
[18])) نفسه ص (136).
[19])) نفسه ص (138).
[20])) زكي نجيب محمود (قيم من التراث) ص (139).
[21])) نفسه ص (141).
[22])) زكي نجيب محمود (عن الحرية أتحدث) ص (88).
[23])) زكي نجيب محمود (عن الحرية أتحدث) ص (81).
[24])) نفسه ص (90).
[25])) نفسه ص (90).
[26])) زكي نجيب محمود (قيم من التراث) ص (172) مكتبة الأسرة، سنة 1999م.
[27])) زكي نجيب محمود (قيم من التراث) ص (46، 47).
[28])) محمد أسد (الإسلام على مفترق الطرق) ص (29) نقلًا عن: الإمام أبو الحسن الندوي بكتابه: (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) ص (121) دار الكتاب العربي بيروت 1387هـ/ 1967م.
[29])) زكي نجيب محمود (قيم من التراث) ص (47).
[30])) زكي نجيب محمود (عن الحرية أتحدث) ص (39).
[31])) زكي نجيب محمود (قيم من التراث) ص (368).
[32])) زكي نجيب محمود (ثقافتنا في مواجهة العصر) ص (319).
ويرى الدكتور زكي نجيب محمود أن هناك تشابهًا بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، فكلتاهما أرادت أن تنزع شعبًا من أرضه لتأخذ مكانه ـ وفي ذلك أفلحت أمريكا بالفعل ـ وفي ذلك أيضا أرادت إسرائيل أن تفلح.
كذلك يؤيد الرأي القائل بأن الاستعمار الأمريكي الجديد الذي حل محل الاستعمار بصورته الكلاسيكية ولكنه استحدث لنفسه أساليب جديدة ينفذ بها إلى الشعوب الآسيوية الأفريقية وذلك عن طريق السيطرة الاقتصادية والعقلية والجسمية، بواسطة مجموعة صغيرة ولكنها دخيلة. (المصدر نفسه) ص (317).
[33])) د. زكي نجيب محمود (في مفترق الطرق) ص (45) ط. الشروق 1414 هـ - 1993م.
[34])) د. زكي نجيب محمود (قيم من التراث) ص (131). الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة، مكتبة الأسرة 1999م (دار الشروق).
[35])) د.  زكي نجيب محمود (قيم من التراث) ص (132).
[36])) نفسه.
[37])) نفسه.
[38])) نفسه.
[39])) د. زكي نجيب محمود (قيم من التراث) ص (121، 122) باختصار، مكتبة الأسرة 1999م.
[40])) نفسه ص (120).
[41])) نفسه ص (123).
وكان في أول المقال قد أبدى دهشته، إذ رأى بين صفوة المثقفين من يحسب الدين فلسفة ومن يحسب الفلسفة دينًا. ص (115) وعنوان المقال: (الفلسفة شيء والدين شيء آخر).
[42])) د.  زكي نجيب محمود (تجديد الفكر العرب) ص (5، 6).
[43])) مجدي الهلالي ( تحقيق الوصال بين القلب والقرآن) ص (112) مؤسسة اقرأ ـ القاهرة 1429هـ/ 2008م.
[44])) قيم من التراث ص (358).
[45])) دونالد مالكولم ريد (دور جامعة القاهرة في بناء مصر الحديثة) ص (95) ترجمة إكرام يوسف. مكتبة الأسرة 2007م.
[46])) محمود محمد شاكر (رسالة في الطريق إلى ثقافتنا) ص (245)، كتاب الهلال ـ مصر. العدد 489 صفرـ سبتمبر سنة 1991م. وقد علق الشيخ شاكر على الشهادة بقوله: (وأخشى أن أقول إن هذه الصفة تشمل عامة المثقفين في زماننا هذا إلى سنة 1977م.
[47])) نفسه ص (241).
[48])) د.  محمد عمارة (الإسلام والسياسة ـ الرد على شبهات العلمانيين) ص (159) من سلسلة مجمع البحوث الإسلامية 1413 1992م.
[49])) نفسه ص (160).
[50])) نفسه ص (163). ولكن المتابع للحياة الثقافية بمصر الآن يلاحظ إعادة طبع كتب طه حسين وعرض آرائه السابقة بإلحاح، ولا نستبعد أن الغرض هو الوقوف في وجه الصحوة الإسلامية المتنامية!.
[51])) سامح كريّم (قمم وأفكار إسلامية) ص (270) دار ألف للنشر، دار الوفاء للنشر سنة 1984م.
[52])) محمود محمد شاكر (رسالة في الطريق إلى ثقافتنا) ص (242- 244) كتاب (الهلال سبتمبر 1991م.
[53])) سعد جمعة (رئيس الوزراء الأردنية ووزير الدفاع أيام هزيمة يونيو سنة 67) كتابه بعنوان (المؤامرة ومعركة المصير ـ كيف ولماذا وقعت مأساة يونيو سنة 67) ص (25). كتاب المختار بالقاهرة بدون تاريخ.
[54])) نفسه ص (93- 94).
[55])) نفسه ص (208- 209). (وفي القوت الذي كانت فيه روسيا ترتكب أبشع المظالم في الجمهوريات الإسلامية .. كانت الجماهير العربية المسلمة تهتف لروسيا وتلعن الغرب) ص (85).
[56])) نفسه ص (232).

تعليقات

المشاركات الشائعة