مقارنة بين نفسية إمام متغرب و نفسية إمام مسلم.

العقائد الإسلامية لا يتضح حسنها وعظم فائدتها وضوحا بارزا ؛ إلا في أثناء الحياة المعقدة – وكذلك بالعكس لا تظهر المفاسد المترتبة على الخلل فيها أو عدم وجودها ظهورا واضحا بارزا– إلاأثناء الحياة المعقدة النشيطة الزاخرة بالعمل سواء كانت حياة الأمم المتقدمة- كأمة الغرب اليوم – أو حياة الأفراد المتفوقين في الأمم المتخلفة كالفردين اللذين هما محل هذه المقارنة. لفتت نظري مقارنة وقعت لي عن طريق الصدفة أثناء قراءاتي بين نفسية إمامين أحدهما متغرب والأخر إسلامي، النفسية الأولى هي من الانحطاط بمكان كبير متأثرة بعقيدتها الغربية الخرافية، والنفسية الثانية في سمو رائع متأثرة بالعقيدة الإسلامية، أفيدكم بها لعلكم تجدون ما يبصركم طريق الحق والنور ويكشف لكم طريق الضلال. النفسية الأولى نفسية مفكر مصري هو الأب الأول للفكر الاشتراكي المعاصر، وهو نصراني الديانة إلا أنه – كما أعلن – يعتقد بنظرية دارون كديانة بدلا من مسيحيته، لأنها شغفته حبا فيقول:" ..أما نظرية التطور فإنها قد غلفت عقولنا ثم استقرت في عواطفنا، فهي إحساس وشهوة تنبض بهما عروقنا وتخفق بهما قلوبنا. وإني حين أقعد تحت ظل شجرة خضراء وأستسلم للأفكار الخضراء أحس بدافع من هذه النظرية بتلك الوحدة الوجودية حتى لأقول كما كان يقول ذلك القديس المسيحي: أخي الطير وأخي الشجر وأخي الوحش. بل أحس كأني أريد أن أنكب على الأرض كما كان يفعل" البوشا" في قصة الاخوة "لدستوفسكي" هذه الأرض الطيبة، هذه الأم القديمة"!. وأما نفسية الإمام الآخر الإسلامي وهو الفيلسوف الدكتور " محمد دراز" فيقول : في أول وصية قرآنية أوحى بها الله –تعالى – لنبيه – عليه الصلاة والسلام – ألا وهي {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } : إنها نبراسا قويا أضاء لنا رقعة الوجود، فأرانا فيها مكاننا ومكانتنا وحدد لنا فيها وجهة سيرنا وقبلتنا، ثم كانت هتافا عاليا هتفت بنا أن نوجه إلى هذه القبلة أبصارنا وبصائرنا.. قالت لنا – وما أصدق وأعدل ما قالت -: أيها الإنسان. لئن كنت هبطت من علياء الفردوس إلى هذه الأرض المتواضعة، لقد هبطت إليها واقفا على قدميك، ولم تهبط إليها مُكبا على وجهك ويديك. ألم تر كيف خُلقت منصوب القامة مرفوع الهامة؟. فجعل نصيب الأرض منك أن تطأها برجلك ونعلك. أما ناصيتك، فقد بقيت مرفوعة إلى السماء، تذكرها بما هنالك ومن هنالك، من وطنك وأهلك . إن هذا الرأس المرفوع يتأبى لك بفطرته أن تنكسه وتقلب وضعه، خضوعا لشيء من المخلوقات أو ركوعا لأحد من المخلوقين. أيها الإنسان. لئن كان لك في هذه الأرض مستقر ومتاع إلى حين، لقد علمت أنك سوف تخرج منها إلى مستقر آخر، متى جاء هذه الحين.. فهل تحب أن تعرف حقيقة مصيرك ونهايتك؟.. ما عليك إذن إلا أن تنظر إلى أسلوب مسيرتك في بدايتك. فإن كنت ممن يسيرون رافعي رؤوسهم، متطلعين إلى الأفق الأعلى ف { إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ }. وإن كنت ممن ينكسون رؤوسهم أمام صنم الدنيا ف {إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}. وهكذا يكون مستقرك في النهاية، حيث كان يتوجه بصرك في البداية، { أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. أيها الإنسان. إن لك في السماء مكانا يناديك، ففر إليه، بل طر إليه.. أقم وجهك للذي فطر السموات والأرضح نيفا، ولا تكونن من المشركين: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} . فهل يتفكر التغريبيون؟

تعليقات

المشاركات الشائعة