قصة واقعية تعكس مدى تخلفنا عن البحث العلمي

قصة واقعية تعكس مدى تخلفنا عن البحث العلمي:
 في مرة اشتريت من بائع الرصيف الجزء الثاني من كتاب" حقوق النساء في الإسلام، نداء للجنس اللطيف" للعلامة محمد رشيد رضا، ولما بحثت في جوجل عن هذا الكتاب لأقرأ جزءه الأول لم أجد أي أثر لهذا الكتاب منسوبًا للشيخ رشيد رضا، لكني بحثت عنه عبر اسم " حقوق الإنسان في الإسلام! وعلى هذا الإسم استقرت رؤيتي للكتاب من أول ما رأيته على الرصيف حتى بعد ما أخذته الى البيت!،بل، وبعد ما بذلت بعض الجهد في البحث عنه في جوجل وهو أثناء كل ذلك لمدة أيام ليست بقليلة ظل موضوعا أمام عيني على المنضدة التي تكون بيني وبين جهاز الكمبيوتر وكذلك كنت منبهرًا بموضوعه الواضح من عنوانه جدًا وخاصة أن من يعالج هذا الموضوع هو العلامة رشيد رضا! ومع كل هذه الظروف - رغم محاولاتي في العثور على الكتاب من النت - لم ألمح خطئي في قراءة اسم الكتاب! رغم أن أول جملة من اسمه مكتوب بخط كبير، وثاني جملة مكتوبة تحته بخط كبير كذلك لكنه دون حجم الأول! إلى أن انتبهت بعد فترة لاسم الكتاب الحقيقي! وظللت من وقتها إلى الآن متعجبًا مما حدث لي لاعتقادي أن شيئا خطيرا حدث ولا أستطيع تفسيره ولو كنت حكيت عجبي هذا لغيري لما فهم مني شيئا بل ولربما ارتاب فيَّ وقال: إن قراءاتك الفكرية تجعلك أحيانا غير طبيعي!. ولكن الآن عرفت له تفسيرا مجملاً، وتفسيره أن هناك أخطاء تُدعى بالأخطاء الاستقبالية يقع فيها الإنسان أثناء استقباله للغة وهذه الأخطاء يهتم علم اللغة النفسي - في الغرب طبعا - بدراستها والبحث عن العوامل النفسية وراءها! وهو علم ضمن مجموعة علوم ترمي إلى الارتقاء بتعليم اللغة، وقد شرحها العلامة الدكتور عبده الراجحي رحمه الله في كتاب" علم اللغة التطبيقي" بنية تعريف العرب بوجود هذه العلوم في الغرب ليضربها مثالاً واضحًا على غياب هذا المنهج العلمي عندنا، وغيابه هو السبب في اندحار وتقهقر تعليم اللغة العربية عند العرب!.
----------------
 ومحل العبرة من هذه القصة بالتحديد، أننا لا نهتم بالعلوم الدقيقة لعدم قدرتنا على تلمُح الحاجة والضرورة لتعلمها، وقد نتهمها بأنها هرطقة وفلسفة فارغة وترف! ولكن الحقيقة التي صرفنا الله عنها هي أن هذه العلوم لا تبحث هرطقات ولا خيالات وإنما تبحث حقائق موجودة في أنفسنا - نحن العوام الذين لا علاقة لنا بدراسة هذه العلوم الدقيقة ولا علم لنا بوجودها من الأصل!- مؤثرة في حياتنا ولكننا لا نلتفت لها في حياتنا نظرًا لعدم فاعلية عقولنا - والتي من المُفترَض أن تكون رحلة تعليمنا وتثقيفنا - نحن المثقفين! - الذي نسير كلنا فيه تهدف لإعادة هذه الفاعلية للعقل، فإذا ظل مفتقدًا لفعاليته التي تلاحظ وتلتقط الحقائق كان دليلاً على أن سياساتنا التعليمية والتثقيفية خطأ وليست صحيحة وليست هي التي تعلم وفقها سلفنا الصالح.
--------- 
وكأمثلة على ذلك من قراءاتي البسيطة جدا: من نتاج الغرب اقرأ كتاب " الابداع العام والخاص" للدكتورألكسندرو روشكا - ترجمته سلسلة عالم المعرفة" واقرأ كتاب " دستور الأخلاق في القرآن الكريم" للدكتور محمد عبدالله دراز. سنلحظ أنها كتابات فارغة أو قل شبه فارغة ولن نستطيع تلمح الفائدة من قراءتها!!  والحقيقة أنهما كتابان قل أن يُكتب مثلهما في تاريخ الإنسانية لاشتمالهاما على تحليل دقيق لحقائق النفس البشرية التي يقع تحت طائلتها كل الناس بما فيهم الجهال! يقعون تحت تأثيرها لكنهم لا يلمحونها في ذاتها! وإنما يتأثرون وينفعلون بنتائج عملها وفقط!. وبشكل أقل من ذلك اقرأ تفسير المنار في أبحاثه الفكريه - ستجد فيه ذلك ولكن بشكل أقل من الكتابين السابقين 

تعليقات

المشاركات الشائعة