حوار حول قاعدة جليلة في التدين والدعوة إلى الدين

هذا حوار بيني وبين احدى الاخوات حول القاعدة التي كتبتها سابقًا وهي : عنوان: قاعدة جليلة في التدين والدعوة إلى الدين.
يرى بعض العلماء بالتجريب: أن تغميض العين في الصلاة يعين على التركيز وعدم الإنشغال بالرسوم فالتغميض إذا لا يُكره؛ ويرى أخرون كالشيخ محمد رشيد رضا أن من المجربات: أن تغميض العينين في الصلاة يُثير الخواطر، ولذلك كان مكروهًا.! هذا مثال صغير يدل على أن دعوة العلماء ولو – كانوا أهل السنة - للدين هي دعوة بشرية ليست مُنزهة عن النقص البشري والطبائع الشخصية؛ بخلاف الدعوة نفسها أو الدين نفسه فهو وحيًا معصومًا؛ لأن مصدره له صفات الكمال والجلال فهو مُنزه عن المؤثرات والإنفعالات البشرية – ذلك الله رب العالمين -. وهذا أصل عظيم وقاعدة جليلة لو أدركها المهتمون بالتغيير حق إدراكها لحلت لنا كثيرًا من مشاكل الدعوة الإسلامية في العصر الحاضر
. مشاركة الأخت الأخت الفاضلة: القضية التي أشرت إليها في كلامك أخي خالد قضية مهمة فعلا



ولكنها أدق من هذا الإجمال،


الدعوة الإسلامية دعوة ربانية لاريب ، غير أن ربطك بهذا المثال وتحليلك له قد يثير تساؤلا:


أوليس العلماء الربانيون يدعون لدعوة الإسلام مع استصحاب أنهم بشر ليسو بمعصومين من الخطأ في فهم النصوص أو حمل الأحكام على الوقائع أو غير ذلك .. ومع هذا أيصح هنا أن نطلق القول بأن دعوتهم دعوة بشرية (هكذا بإطلاق)؟
. لست أخالفك الرأي في النتيجة التي ترنو الوصول إليها ولكن في إطلاقك القول (.. هي دعوة بشرية) !


قلت " خالد " : وأنقل لكم مشاركاتي بالترتيب كما هي في النقاش


الأخت الفاضلة : نعم هي بلا شك أدق من هذا الإجمال ، ولكنها من الحق الذي لو نشرته لا سبيل لأحد عليّ


أوليس العلماء الربانيون يدعون لدعوة الإسلام مع استصحاب أنهم بشر ليسو بمعصومين من الخطأ في فهم النصوص أو حمل الأحكام على الوقائع أو غير ذلك .. ومع هذا أيصح هنا أن نطلق القول بأن دعوتهم دعوة بشرية (هكذا بإطلاق
لو فُرض وجود تقنية تكنولوجية تسجل ما يصدر عن العلماء من خطاب ديني على مدى حياتهم ثم شغلنا هذه التقنية واستخلصنا من خطابهم ما هو كتاب وسنة بفهم سلف الأمة مع الاجماع مجردًا عن أي واقع قريب أو بعيد لحكمنا بأن هذه دعوة الاسلام المعصوم، ولو أخذنا ما سوى ذلك من خطابهم لقلنا أن هذا دعوة بشرية . وحيث أن هذه التقنية يستحيل وجودها في الحياة الدنيا لدينا فليس أمامنا سوى خطاب ديني صادر عن عالم ما من كينونته الانسانية المتلاحمة والغير منفصلة متوجه الى واقع معين بكل أفراحه وأحزانه – وخذي في بالك أن الوحي المعصوم من الكتاب والسنة عبارة عن جوامع كلم لأنها رسالة خاتمة – وبالتالي فالمساحة المتروكة للعلماء في الفهم والاستباط من أوسع ما تكون واستنباطات العلماء في الاسلام مما يجب اتباعه ولكن لا يجب اتباع استنباط دون استنباط آخر لأنه لا يوجد عالم ينفرد بالعصمة دون باقي إخوانه العلماء ، ومن هنا يصح أن نقول أنها دعوة بشرية وهذا مفهوم كلامي . ولو طبقتي هذا المثال على المسائل الكبرى التي وقع بسببها الخلاف والمعارك الطاحنة بين الاسلاميين لوجدتي أثر الطبيعة الشخصية ظاهر جدًا في المنحى الذي نحاه هذا العالم ثم نسبه الى الاستنباط الديني كالموقف من الحكام والموقف من الخلاف بين الجماعات الاسلامية وكوسائل الدعوة الى الله وكموضوع أولويات الدعوة عموما وأولوياتها في التطبيق الواقعي المعاصر ووو........ وبخصوص قولك عن إفهام الناس لطبيعة الخلاف فطبعًا هذا واجب شرعًا ولكنه قدرًا تعلمين مدى صعوبته ، فالحق قريب لكن دونه أهوال والأتباع ليس عندهم الوقت ولا الجهد ولا الامكانيات العقلية والشرعية لكي يقطعوا الأهوال المتمثلة في كتب التراث والفكر المعاصر! ولكن هذه مهمة العلماء والدعاة وإذا لم يوجَد قدر مُعتبر من هذا النوع من العلماء والدعاة الحكماء أصحاب السياسة الرشيدة فسيسود غيرُهم وسيصير الحال كما قال الشاعر. لا يصلح الناس فوضى لا صراط لهم ---- ولا صراط إذا جهالهم سادوا ، وهؤلاء العلماء والدعاة إذا فهموا الدين بشكل سوي مقبول وعرضوه على الأتباع صار قريبًا جدا وقريب المأخذ لدى الأتباع فيتبعون على بصيرة ، والحقيقة أنه الآن ساد عدد كبير جدا من الدعاة والعلماء الذين لم يوفقوا في فهم أو استلهام قواعد ومفاهيم ومبادئ أساسية هي سياج الدين ونظام الدين لا تقوم للدعوة قائمة بدون فهمها!!! ومع ذلك تجدين أتباعهم يرونهم الأئمة وأنهم الأحق بوصف قادة العمل الاسلامي وحملة رسالة الاسلام عن جدارة ويتعاملون مع مواقفهم وخطابهم الديني على هذا الأساس ، وهذا من سوء التصور الذي هو أصل كل انحراف فالجهل شجرة تنبت فيها كل الشرور ولذلك قال عثمان بن عفان اعرف لكلٍ منزلته فإن بمنزلة الناس يُصاب العدل . ------



مشاركة تالية فيها تفصيل لكلامي الملون بالأحمر فوق : وطبعًا أنا لا أقصد هنا أن كل الاخلافات في حقيقتها سائغة ولكن الطبائع الشخصية حولتها الى غير سائغة، ولا أقصد العكس أيضا، ولكني أقصد أن الكل وارد؛ أن يظن القائد أو العالم أو الداعية بأن الخلاف سائغ أوغير سائغ وهو في حقيقته خلاف ما يظن والحقيقة أنه متأثر بطبيعتة الشخصية التي قرأ بها الدين وشكلّت خلفيته الثقافية الدينية ومدى وعيه بها وإدراكه لها. فلو فهم الأتباع ومن هم غير العلماء هذه القاعدة ووعوها لأثرت كثيرًا في مواقفهم عند دعوتهم إلى رد ما اختلفنا فيه إلى الوحي المعصوم والنظر السليم .


يعني مثلاً تخيلي أحد طلاب العلم بجماعة الاخوان المسلمين يحتج على جماعته عند الإختلاف بما اتفقوا عليه وهو( إتباع القرآن والسنة ثم فهم الشيخ حسن البنا) !!!!!!!!!!!!!! وهكذا فعل أكثر الفاعلين في الساحة الاسلامية من كل التوجهات والجماعات سواءً قالوها صراحة أو بدلالة الحال، المهم أن النتيجة واحدة


-------


مشاركة تالية:


ومن الأمثلة التي أذكرها بخصوص السلفيين: مداخلة أحد الدكاترة السعوديين في برنامج تلفزيوني مع أحد الليبراليين الذي يطالب بتجديد الخطاب الديني فقال المداخل السلفي محتجًا ومُفحمًا لليبرالي : أن خطابنا الديني هو هو سيظل كما كان أيام ابن تيمية وابن عبد الوهاب! . وسؤالي هنا لماذا خص هذين الامامين!؟ رغم أن الليبرالي يريد خطابًا مغايرا في الأصول الاسلامية لا أصول ابن تيمية وابن عبد الوهاب فقط؟! فلماذا لم يقل له خطابنا كخطاب الأنبياء وخاتمهم محمد بفهم صحابته رضوان الله عليهم ثم نستعين في بلورة هذا الخطاب - لواقعنا المعاصر- بفهم من اتبعهم بإحسان من العلماء الربانيين؟! لماذا؟ لأنه في عقله الباطن لا يفهم هذه القاعدة التي هي موضوعنا هذا!


-------


مشاركة تالية :


ومن الأمثلة على ذلك في السلفيين أيضا : أني لما سألت شيخنا ياسر برهامي على شيء معين - أظنه كان إشارة مني الى الاختلاف بين قول الشيخ ياسر في عالم ما وبين الثناء الشديد من الشيخ "محمد اسماعيل المقدم" له في سلسلة أحبوا هذا الرجل فقال لي الشيخ ياسر أن الشيخ المقدم من عادته الإفراط والتساهل في المدح أو كما قال . وهكذا لو سألت الشيخ المقدم عن مثل هذا سيقول لي الشيخ ياسر من عادته الافراط في الذم والجرح . وهذا الاختلاف بين الطبائع البشرية سيظهر أثره في خطاب كل منهما الديني جليًا ولكن عند التطبيق الواقعي سيخف أثره لأن كلاهما من العلماء الحكماء ، وهذه من الأمثلة على صحة وأهمية تلك القاعدة . والمشكلة الكبرى في الأتباع - الصغار منهم والكبار - أنهم يأخذون تنظير العالم ولا يأخذون حكمته وتجريبه فيتشددون ويتنطعون في المحل الذي لو كان فيه عالمُهم لتساهل وتخلى عن شدته التنظيرية

تعليقات

‏قال خالد المرسي
http://www.benaa.com/Read.asp?PID=1893158&Sec=0
حوار أيضا

المشاركات الشائعة