رد على اعتراض على مقالي "لماذا فُتن الإسلاميون بالبنا وسيد قطب ولم يُفتنوا بعبد الحميد بن باديس؟"

أرسلت هذا المقال
 http://elmorsykhalid.blogspot.com.eg/2016/06/blog-post.html
 للموقع الالكتروني للإمام عبد الحميد بن باديس، وهذا الموقع له علاقة وثيقة بجمعية العلماء المسلمين بالجزائر التي أسسها ابن باديس، لينشروه فكان ردهم كالآتي :"
السلام عليكم
عذرا اخي الكريم مقالكم يحتاج لمراحعة زيادة على دلك في تجريح للإخوان المسلمين ولرجالها
مهما كان من أخطائهم فقد اجتهدوا 
ولا داعي لإدخال أفكار سيساوية 
شكرا"
فكان ردي كالآتي:  

أولا: قد أكون أفرطت في التصريح بالحق بما لا يناسب السياسة الحكيمة مع قوم مُشبعين بحب من أنتقدهم؛ نعم، قد أكون أخطأت في ذلك، وأن عاملي النفسي أثر على الانضباط الفكري السياسي. وأنا دائم التفكير في ذلك بغرض التمييز الصحيح بين قوى الفكر وقوى العاطفة فيما يتعلق بهذه الجزئية، نسأل الله أن يهديني للصواب فيها، ولو كنت أزعجتكم فأعتذر لأنه غير مقصود، وما أردت إلا النصح لا شيئا آخر.
الآن أقول: هذه ليست أفكارا سيساوية، ولكنها تتناول الفكر لا السياسة، وهذا هو توجهي من قبل ثورة 25 يناير، ولكن لم يكن بتلك الصراحة الشديدة ، حتى توغلت هذه الجماعات في انحرافها وسفهها بما زاد من خسائر مجتمع ممزق، و لأني ما زلت مبتدأ في طريق الحق.
وبخصوص عداء السيسي لكم، فعداؤه وظلمه لا يصحان أن يقفا مانعا من أن يكون على حق في بعض النواحي، ولذلك قال الإمام أبو حامد الغزالي في طرق تعرف عيوب المرء من نفسه إنه يعرفها بواسطة الشيخ العالم المربي، فلو عدمه يعرفها بواسطة الصديق، ولكن لو كان صديق يجامله ولا يصرح له بعيوبه، أو كان يداريه، فحينها لن يستفيد منه دلالة على عيوبه، فليلتمسها إذن من عدوه! وأنا انتقدت قوما أموات، ولم أنتقد شخوصكم، فكان المفترض أن تكونوا بعيدين عن الحساسية الزائدة، ولكن وقع فينا ما حذر منه الإمام ابن باديس في تفسيره لقوله تعالى { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّ‌سُولِ سَبِيلًا ﴿٢٧﴾ يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا}
يقول "تحذير:عندما تتخلل صحبة شخص من الناس قلبك وتمتزج بروحك، ويستولي بسلطان مودته عليك، تصير أقواله وأفعاله كلها عندك مرضية، وعيوبه ونقائصه عنك محبوبة. فتمسي طوع بنانه ورهن إشارته يوجهك حيث شاء ويصرفك عما أراد. وهذه حالة من أخطر الأحوال عليك، لأنك فيها قد سلبت تمييزك وخسرت إرادتك، وصرت آلة في يد غيرك، فقد ترى الخير وتدعى إليه فيصرفك عنه، وقد ترى الشر  وتحذر منه ويوقعك فيه، وهب هذا الخليل كان مخلصًا لك وحدبًا عليك فإنه غير معصوم من الخطأ والضلال، أما إذا كان شريرًا مفسدا فهنالك الهلاك المحقق والوبال الشديد، وقد ذكر لنا الله تعالى في الآية ما كان من سوء مآل الظالم بسبب انقياده لخليله واتباعه له عن غير رؤية وصدق وتمييز يحذرنا من سلطان الخلة الذي يهمل معه شأن الإرادة والتمييز، ويعلمنا أن علينا أن نحافظ على ارادتنا وتمييزنا ونظرنا لأنفسنا مع الصديق والعدو، ومع الخليل وغير الخليل، بل نحافظ عليهما مع الخليل أكثر لأنه مظنة الخوف بما له من المكانة في القلب والسلطان على النفس"
وأنا لم أعرف ابن باديس إلا بتزكية الكتور محمد دراز، ثم لما قرأت له إلى الآن 300 صفحة، وعرفت شيئا من سيرته الشخصية، عرفت أن مثله من العلماء الحقيقيين (لا المتسمين بأسمائهم المترسمين برسومهم) ومثله ممن وصل إلى هذه الدرجات العالية في الزهد وترك الدنيا، حريا بأن يفقد تمييزه في القدرة على وضع الحدود العلمية الصارمة جدا فيما يتعلق بشئون وأحوال وأفكار العاملين في مجال الخير ونهضة الأمة بالدين، ولكني فوجئت لما قرأت رده على الشيخ "المولود الحافظي" وذلك لما كتب ابن باديس في التفسير وأنكر على من يزعم أن "كمال التعظيم لله ينافيه أن تكون العبادة معها خوف من عقابه أو طمع في ثوابه " فكتب الشيخ المولود مقالا يرد عليه، فعجبت من التمييز الفائق لابن باديس حتى أنه استعمل ما يُعرف في العلم الاجتماعي باسم "التكهن" وهو ما يُعرف في العلم السلفي باسم "العلم"! حين قال عن الشيخ المولود :أنه " تطرق من ذلك إلى رمينا بما يناسب غرضه من الجرأة وقلة النصيحة والتطاول على الأئمة إلى ما يريد أن يصفنا به ليقول للقارئ أن حضرته موصوف بضده" هكذا علم ابن باديس وتكهن بما يريد أن يقوله الشيخ المولود "بلسان حاله" للقارئ! وقد تحدثت في مقال لي بعنوان "الإعجاز النبوي العلمي في وصف سفهاء الأحلام" تحدثت فيه عن أن هذه هي صفة العلماء المجددين التي خلعت عليهم وصف التجديد دون غيرهم! فكيف تسنى لمثل ابن باديس وقد حاز علمًا من شأنه أن يذل العالم به ويقهره ويميته في حب الله والصبر على الغير في ظلمه له، وحاز مع ذلك عملا وسلوكًا يماثل سلوك السلف الصالح من شأنه كذلك قهر النفس وإذلالها، فكيف حافظ مع ذلك على هذا التمييز الفائق التكهني؟!! هذا السؤال لا يعرف إجابته ولا يستطيع فهمهما أحد من أهل هذه العصور.
للأسف وبكل صراحة أقولها علها تفيد من يريد خدمة هذا الدين ومجتمعاته بلا تعصب لأحد: الإسلاميون كانوا قبل ثورات الربيع العربي عقبة في طريق نهضة الدين بالدنيا، وبعد الثورات تأكد كونهم عقبة وأنهم مشكلة لا حل لها! وصاروا مؤشرا في غاية الصدق والثبات على فساد المجتمع أو صلاحه، فإذا اشتد عودهم في المجتمع كان مؤشرا على ازديا تقهقر المجتمع، والعكس بالعكس.
وإن لم يرزقنا الله بقوم لديهم القوة الكامنة ( لا أقول القدرة الظاهرة) على النهوض بالمجتمع بالدين، فلا أدري ماذا يمكن أن يحدث أكثر مما نحن فيه، فليتنبأ المتنبؤون بكل شيء حتى الحرب الأهلية.

تعليقات

المشاركات الشائعة