حول أهل ما بعد العجز، طريقتهم القرآنية نموذجًا (2)



حول أهل ما بعد العجز، طريقتهم القرآنية نموذجًا (2)



كتبت هذه الخاطرة على صفحتي بالفيس بوك:" للشيخ عصام تليمة مقال حديث عنوانه "أفضل تفسير للقرآن في رمضان!!" يقول فيه"سأل أحد الإخوان حسن البنا عن أفضل التفاسير، وأقرب طرق الفهم لكتاب الله تبارك وتعالى؟ فأجابه: "(قلبك)." انتهى

من فقه "سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان"

فعلق أحد الإخوة قائلا:" وما هو فقة "العلماء" غير سفهاء الأحلام حدثاء الأسنان؟
هل تكون الإجابة اذا: "قلب الجيران"؟
نعم أفضل التفاسير هو التدبر الشخصي، وأي شيء آخر يكون للمساعدة ليس إلا
"أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها"
فهل هذا الحث لفهم القرآن عبر غير ما ذكر حسن البنا؟
وإن كنت من أهل التحيز وجعلت حسن البنا من سفهاء الأحلام، فبأي منطق جعلته من حدثاء الأسنان؟ متى قال قولته تلك؟ وهل تكمل الحديث فيه فتجعله يمرق من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية؟
"

فكان الآتي ردي:

بخصوص هذه الآية الكريمة ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ أقول: إن دين الإسلام ثبت كله (قرآنًا وسنة) بعموميات عدا نصوص الصفات الالهية فهي تُفهم فور قراءتها، أما العموميات فلا تُفهم حتى تُقيد بقيود أبانها العلماء في كتبهم، فالعموميات كالمادة الخام، وهي بعد الفهم بالقيود كالتصنيع لتلك المادة الخام، كما أن قطعة القماش بالنسبة إلى الإنسان هي مادة خام ولا يستطيع الإستفادة منها في تلبية احتياجاته في بدنه وفي متاعه إلا بعد تصنيعها، وهناك أناس معنيون بذلك التصنيع هم الترزية، بدونهم لا يستفيد بنفسه من القماش لأنه لم يتعلم مهارة الترزية، فكذلك دين الإسلام (قرآنا وسنة) لا يمكن للمسلم التفاعل معهما إلا بواسطة طائفتين هما في اصطلاحي (أهل العجز، والقادرون، والقادرون هم المجددون في اصلاح الشرع كما ثبت في حديث نبينا عليه الصلاة والسلام ) أما هؤلاء السفهاء فهم (أهل ما بعد العجز) ولي ملاحظات عن الطوائف الثلاثة تلك في مقال بعنوان "القدرة والعجز وما بعد العجز كأدلة ظاهرة على ما في الباطن

" هذا رابطه
http://elmorsykhalid.blogspot.com.eg/2016/03/blog-post_7.html
 والواجب على المجتمع وعلى حكامه في كل زمان هو العمل على توفير هاتين الطائفتين اللتين يتوسل بهما الناس إلى معرفة هداية الإسلام، وأهلُ العجز في زماننا متواجدون بكثرة بالنسبة إلى قلة وجود القادرين (وكلتا النسبتين دون المقبول بمراحل شاسعة)
أما أن يذهب المسلم إلى القرآن بلا واسطة كما يقول هؤلاء السفهاء فهذا معناه خرافية الإسلام ذاته، إذ الخرافة والخيال الجموح هما اللذان يطيعان كل مستمسك بهما ليفصّلهما ويصنّعهما وفقا لمزاجه وقدراته وأحواله، وبعضُ المستمسكين بهما يجعلوهما أساسًا يؤسس عليهما قواعد فكرية وأصول مرعية!! وهذا البعضُ قد يكونون سفهاء مخلصين وقد يكونون حكامًا أو فجرة ظالمين يريدون استخدام الدين على وفق هواهم وأمراضهم وعاهاتهم الفكرية، تلك الأصناف الخرافية كانت هي راعية الأديان الجاهلية الذين بعثت فيهم رسل الله، فلما كشفت الرسل لهم عن المادة الخام الصحيحة بتصنيعها الجيد الملائم لأمراضهم، وجدوا أن (المادة الخام الجديدة أو تصنيعها المختلف عن تصنيعهم) ضدين لا يلتقيان، فلما لم يقدروا على الانصياع لموضوع الرسل وأتباعهم حدثت المواجهة!، وهذا الدين الخرافي هو دين أوروبا المعاصر!
فلما كان الإسلام ثابت بعموميات كان هو من أهم الوسائل التي يتوسل بها السفهاء ليترأسوا على المجتمع، لأن التفكير العمومي تفكير خرافي وهذا التفكير هو أهم ميزة يتميز بها مفكرونا المعاصرون بمختلف توجهاتهم الفكرية (إسلاميين وليبراليين و...) كما رصدته دراسات غربية واسرائيلية.
أجمع العلماء على حرمة القول في القرآن الكريم وتصوره بالرأي وقال النبي عليه الصلاة والسلام "مَنْ قَالَ فِي القُرآنِ بِرأيِهِ ، فَلْيَتَبوأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" وهذا معناه التحدث في المادة الخام (لا التصنيع) فالمادة الخام في القرآن هي أولى خطوات التفسير، وهي ما ثبت عن النبي وعلماء صحابته من شرح لألفاظ القرآن وسياقاته وتراكيبه، وتجاوز هذه المسموعات المنقولات وعدم تعلمها من أعظم المحرمات في الدين (انظر أمثلة الانحراف في الفهم عند تجاوزها من كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي في نهاية كتاب تلاوة القرآن) وتعلم هذه المادة الخام متاح في كتب التفسير الكثيرة، أما التصنيع لكي تلبي هذه المادةُ الخام حاجات المسلمين فهو حجر الزاوية الذي لا يوجد إلا في فكر الطائفتين (العجزة والقادرون) المعاصرون كشيوخي المجددين، فالواجب هو توجيه المسلمين لتفاسيرهم لو أرادوا فهم القرآن كمحمد عبده ورشيد رضا وعبد الحميد بن باديس ومحمد دراز، ولكن لقلة عددهم لا يسع تنوعُهم في الصناعة حاجات المسلمين بمختلف تنوعاتهم، ولكن هذا المتاح حاليا.
أما هؤلاء السفهاء فلديهم رغبة قوية في ربط الناس بالدين بصيغ لا يوجد في الواقع من يقوم بحقوقها ومؤهلاتها، فلا هم يساعدون الناس على التدين بالصيغ المتاحة (رغم عدم كفايتها) وهي كثيرة من جنس المعارف والأفعال التي يعرفها المسلمون في كل مكان كالنشاطات الخيرية والقراءات الوعظية في الدين (ككتابات اهل العجز) ونحوها، ولا هم يساعدونهم على تدين الصيغ الجيدة، وليس في كلامي صد تام عن القرآن الكريم إلى أن يبعث الله هاتين الطائفتين، فلك أن تقرأ من القرآن ما تيسر لك لتنال ثواب التلاوة، كما أن كل مسلم يجد في قلبه أحوال إيمانية حين يقرأ القرآن لأن فيه آيات عن القيم كالعدل والاحسان وبر الوالدين، يمكنه أن يفهمها بما يجربه في عاداته اليومية مع غيره، لكن لا يصح ربطه بالقرآن بأكثر من ذلك، وهذا يكفي جدا علمًا بأن تلاوة القرآن ليست فرضًا، وإنما الفرض هو فهم ما يجب علمه وعلمه وتربية النفس على وفقه! وهذا نحاول تحقيقه بربط المسلمين بكتابات (الطائفتين) لا بربطهم الخرافي بالقرآن الكريم! كان أحد السلف يقول "كابدت القرآن عشرين سنة ثم تنعمت به عشرين سنة " وهؤلاء السفهاء يريدون من المسلم أن ينعم بالقرآن الكريم من أول لحظات هدايته!، هؤلاء السفهاء بفكرهم العمومي الخرافي يختصرون الزمن ويختزلون المسافات ويقفزون على التفاصيل حتى يهدمون كل شيء في حياتنا بالإسلام!
  يضع الإمام الغزالي للسماع (أي سماع  الصوفية ولا أعلم حقيقته) لكنه غير القرآن، يضع تفضيله عن القرآن الكريم في تسبيب المواجيد الإيمانية من سبعة أوجه بالنسبة إلى العارفين الواصلين أحياناً!! ويقول إنه أيضا نافع للمبتدئين أحيانا ويؤثر في نفوسهم بأشد من أثر القرآن الكريم!، وهؤلاء السفهاء نسبتهم إلى الإمام أبو حامد الغزالي في العلم والتقوى كنسبة الجاموس والبقر إلى العالِم الشرعي! وكان يخاطب أمثالهم ب(يا شركاء الطعام يا أمثال الأنعام...) وقد صدق في هؤلاء السفهاء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هلاك أمتي في الكتاب واللبن ". قالوا: يا رسول الله، ما الكتاب واللبن؟ قال: " يتعلمون القرآن فيتأولونه على غير ما أنزل الله، ويحبون اللبن فيدعون الجماعات والجمع ويبدون ويعلق على الحديث الدكتور "حاتم العوني" بقوله  :" فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن هلاك أمته يقع في أمرين :
الأول : بالاستدلال المنحرف من كتاب الله ، وهو استعارة عن التدين الخاطئ ، وأنه لا يشفع لشدة خطورة هذا التدين : كونه تدينا ، ولا أنه يستدل بالقرآن الكريم ؛ ما دام تدينا منحرفا ، واستدلاله خاطئ
 .". ومن هنا يؤول الحال بهؤلاء السفهاء إلى ما آل إليه حال أعداء الإسلام في كل مكان! وها نحن نراهم على مستوى الحركة يكيدون للمسلمين ويعرقلونهم ويتحالفون مع أكفر أهل الأرض وأفجرهم كالحكومة الأمريكية ضد المسلمين، معاقبةً لهم على الأحداث السياسية الحالية وباسم الإسلام، ومعلوم أن تلك الأفعال خاصة بالكفار المحاربين للمسلمين كما تحدث علماؤنا عن ذلك في مباحث الولاء والبراء وهي اخطر مباحث الاعتقاد في الإسلام، وعلى مستوى التنظير المحض تجدهم يتبرمون بالمجددين الذي يقومون بدورهم في تقويم الأفكار المنحرفة الخاطئة وإزاحتها عن وجه الإسلام الجميل، انظر مثلا ما يحدث مع الدكتور حاتم العوني بالسعودية.
أما بخصوص فقرة "حدثاء الأسنان" فمقصودها الشرعي حداثة العقل والعلم لا السن، فالقرضاوي ومحمد عمارة وأمثالهما مثلاً من حدثاء الأسنان، أما بخصوص بقية الحديث النبوي الذي ذكرته فلتعلم أن كل فقرة بذاتها تصح أن تكون قاعدة، ولذلك كان منهج الخوارج يتسع لأناس كثيرين لا يشبهونهم من كافة النواحي، كما وصف الإمام الشاطبي طلابَ العلم الذين يتهمون الإمام "مالك" بالعقلانية المفرطة في فهم النصوص الشرعية؛ بأنهم يسيرون في تعلم الدين على طريقة الخوارج.
 إذن، لا يلزم من التشابه في احدى الجوانب والسمات التشابهُ في السمات كلها (وإن كان في الحقيقة بينهما تلازم وتدرج سيتم ولو بعد حين ولو في بعض السفهاء أو أحادهم لا كلهم) حيث إن الفهم الخرافي للإسلام يعرّض صاحبه للشك وحلّ عقد الايمان متى شُكِّك ومتى تعرض لأهل الشبهات، وهذه أسرار يعلمها أهل العلم ولعل القصيمي الملحد السعودي مثال لهذا النموذج، ولعل جمال البنا أخو حسن البنا أيضا مثال لذلك، والأمثلة كثيرة ولا نعلمها، ولا تُعصم البقية من هذا التزلزل العقدي لعاصم من فكرهم، ولكنه لعواصم أجنبية وغريبة عن فكرهم المزعوم دينًا برهانيًا راقيًا!

تعليقات

المشاركات الشائعة