الدراسة الشرعية في نظر المجددين المعاصرين .


الدراسة الشرعية في نظر المجددين المعاصرين .
منذ ما يقرب من مئة عام قال الشيخ "رشيد رضا" وهو يقرر سياسات الحزب السياسي - الذي تخيل وجوده -  التي توصله إلى إقامة الخلافة الإسلامية ما يلي:" تنشأ مدرسة عالية لتخريج المرشحين للْإِمَامَة الْعُظْمَى وللاجتهاد فِي الشَّرْع الَّذين ينتخب مِنْهُم رجال ديوَان الْخلَافَة الْخَاص وَأهل الْقَضَاء والإفتاء وواضعو القوانين الْعَامَّة، ونظم الدعْوَة إِلَى الْإِسْلَام والدفاع عَنهُ، وَإِزَالَة الْبدع والخرافات اللاصقة بأَهْله. وَمِمَّا يدرس فِي هَذِه الْمدرسَة أصُول القوانين الدولية وَعلم الْملَل والنحل، وخلاصة تَارِيخ الْأُمَم، وَسنَن الِاجْتِمَاع، ونظم الهيئات الدِّينِيَّة كالفاتيكان والبطاركة والأساقفة وجمعياتهم الدِّينِيَّة وأعمالها،" الخلافة الإسلامية ص:68.
فهل ترون منذ مئة عام معهدا شرعيا أهليا أو رسميا يدرس هذه العلوم؟! بل وهل ترونه الآن بعد دخول تقنيات الانترنت والفضائيات التي تلح على دراسة مثل هذه العلوم بشكل أكثر إلحاحا منه قبل؟.
لقد ذكرت في مقال بعنوان" نظرات عامة في فكر الدكتور محمد دراز" أن الشيخ حينما ابتعثه الأزهر إلى فرنسا لينال درجة دكتوراة الدولة من جامعة السوربون وهو في سن الأربعين؛ قد كان يستطيع البدء في تحضير هذه الدرجة العلمية من غير أن يدرس دراسة نظامية في الجامعة هناك، ولكنه أراد الدراسة الأكاديمية فدرس من علوم الاجتماع ما درس هناك، رغم أن الشيخ كان يقرأ هذه الكتب قراءة منهجية منتظمة منذ صغره!.
هؤلاء هم أكبر أقطاب الصحوة الإسلامية العلمية السلفية في العصر الحديث بلا أي منازع! .
فهل سيستجيب لهم المسئولون عن هذه المعاهد الرسمية والأهلية في بلادنا ليثمروا ما  تبقى من قوة عقلية لدى طلاب العلوم الشرعية، لكي يستخدموها في الدعوة الإسلامية بما يلائم العقل المعاصر؟
وإن لم يفعلوا فليحضروا لسؤال الله يوم القيامة جوابا إذا سألهم : هل وزنتم العلوم الإجتماعية الفكرية المسيطرة على عقول أهل زمانكم من النخبة الذين يشكلون ثقافة هذا الزمان؛ بمقياس ديني الذي أنزلته لكم، ثم أحسنتم في إيصال هذا البيان والبلاغ لهم؟ فيقولون يا رب انشغلنا بتعلم دينك وإتقانه عن النظر هذه العلوم فلم ننشغل بفهم منطقها ولا موضوعها فضلا عن أن ننشغل بالتفكير في رده أو قبوله! فيُقال لهم: أنزلت لكم الدين لتشكلوا به واقعكم الثقافي وتبلغوهم إياه على قدر عقولهم من حيث الضيق أو السعة، فانشغلتم به عن الواقع ذاته! واتخذتموه مطية للإنعزال عن الواقع؟ لقد تحديتم مقصودي من إنزال الإسلام! وغاليتم في الوسيلة حتى انشغلتم بها عن غايتها! وهذا هو " الحَوَل الفكري" فماذا هم قائلون؟


تعليقات

المشاركات الشائعة