مشكلتنا الحقيقية في مفكرينا (الحجاب نموذجا).



مشكلتنا الحقيقية في مفكرينا (الحجاب نموذجا).
مشاكل العرب لن تُحل إلا إذا حلت جذرها الأول ( كشأن كل الأمم الناهضة من تخلف) فمثلا بدلا من أن نناقش المشكلات وحلولها التي حددها وشخّصها مفكرونا، نذهب لنناقش في هل هؤلاء مفكرون أصلا؟ هل حقا هم يمارسون التفكير؟ هل لهم عقول علمية؟ فلو كانت الاجابة ب "لا" لزم منها التوقف في نقاش ما أثاروه من مشكلات وحلول، لنعيد النظر من الصفر فلربما ما اعتبروه مشكلة هو حل في الحقيقة، ولربما ما اعتبروه حلا هو في الحقيقة مشكلة، وكذلك تنهض الأمم، لأن أي مجتمع يعيش في الأرض لا يخلو من مصادر معرفية يُخوّل لها تشكيل عقول أفرادها، فلو كان هذا المجتمع متخلفا لكان معنى ذلك أن المصادر المعرفية تفكر خطأ، وهذا عين ما فعلته أوروبا المعاصرة، حيث لم تدخل في عصر النهضة إلا بعد أن كافحت في فضح المفكرين والفلاسفة الذين كانوا ينتجون المعرفة في أزمان تخلفها، فقام المستنيرون كهيوم وهيجل وكانت وأمثالهم كثيرون، في فضح هؤلاء الفلاسفة وأثبتوا أنهم لا عقول لهم أصلا، ولا يتبعون سبل الاستدلال العقلي القويمة، وهذا ما نحتاجه في بلادنا، ولكن تقف دونه عقبات كثيرة في مقدمتها أن فضح هؤلاء بشكل كامل لا يقدر عليه المتخصصون فقط بل ولا المبدعون، ولكن الملهمين فقط هم الذين ينجحون في ذلك، ثم على أساس نجاحهم ينجح كل من المبدعين والمتخصصين في إكمال المسيرة، وللأسف هؤلاء الملهمون غير موجودين في بلادنا اليوم، ولذلك يتم استغفالنا كمثقفين بمشكامل وهمية لا حقيقة لها إلا أن مفكرينا الزائفين شخصوها وأثاروها! فمثلا ما الفائدة من نفي فرضية الحجاب وهو قماشة على الشعر؟ ما أثر نزع القماشة على نهوض عقل المرأة والمجتمع؟ لا أثر حقيقي سوى إرضاء وهم المفكرين في أنهم حقا  مفكرون، يريدون الاستفادة من أوروبا الناهضة (وهذا واجب ومفيد) لكن لتخلفهم العقلي لا يفهمون من نهضة أوروبا سوى مظاهرها، ولا يصلون لجوهرها فضلا عن أن يستفيدوا من هذا الجوهر بشكل نقدي ويكيفوه بما يلائم خصوصيتنا، وضعهم المأسوي هذا يُسمى في العلم الاجتماعي ب (حداثة برانية Counterfeit modernity) أي نقل المظاهر منزوعة عن حقائقها وهذه هي ذاتها مشكلة أدعياء السلفية في بلادنا ومشكلة جماعة الاخوان المسلمين والاسلاميين عموما، وهي ذاتها مشكلة المفكرين والتيار المدني، المشكلة واحدة في جوهرها (وهي الدروشة والتغييب العقلي) لكن تختلف مظاهرها وتجلياتها فقط.
 أما نحن فندافع عن الحجاب لا لأنه القماشة، ولا نرى أصلا أن حجاب المرأة اليوم هو الحجاب الشرعي الكامل الذي يغطي تحديدات الصدر مثلا! ولكننا ندافع عن أمر ديني ثبت به الإسلام، وعن منهج في قراءة الدين والفكر كله، وأرجو قراءة تفسير قول الله { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } للدكتور محمد دراز في هذا الكتاب
خالد المرسي

تعليقات

المشاركات الشائعة