حول كتاب بين الصحافة والسياسة لمحمد حسنين هيكل

 

حول كتاب بين الصحافة والسياسة لمحمد حسنين هيكل. 

يقع الكتاب في 450 صفحة من القطع الكبير،  يعتبره مؤلفه تقريبا أضخم، كتاب في المكتبة العربية من حيث كمية الوثائق المنشورة فيه. 

الكتاب مجرد صفحة بارزة تدل على تعريف السياسة في البلاد العربية وهي الدس والمؤامرات،  لا السياسة القائمة على الفضيلة كما هي نظرياتها وتطبيقات أعاظم الديمقراطيين في العالم،  يحكي الكتاب عن الاخوين مصطفى امين وعلي امين أبرز الصحافيين العرب أيام الرئيس عبد الناصر،  كان الاخوان مؤيدين لعبد الناصر وتبدو عليهما علامات الاخلاص والوطنية وانكار الذات الى حدود بعيدة،  لكن عبد الناصر كان دائم الشك في مصطفى،  وكان هيكل دائم الثقة به ومدافعا عنه في مقابلاته المستمرة مع عبد الناصر،  وفي النهاية اتضح أن مصطفى جاسوس للامريكان وسرب لهم معلومات ساعدت في العدوان الثلاثي على مصر، ثم بعد القبض عليه أطلعت المخابرات هيكل على كل الأدلة على ادانته الصوتية والمقروءة،  اطلع عليها وصُدم وأحس بالحرج الشديد من طول دفاعه عنه امام عبد الناصر.  ومع الايام تأكد هيكل أكثر من خيانة مصطفى،  بل واخوه علي امين كان جاسوسا للبريطانيين،  وقد سرب علي امين معلومة عام 1969 لمصري مقيم في ليبيا ووصلت الى عبد الناصر،  ان كل شيء في مصر سينتهي عام 70 سنة وفاة عبد الناصر،  وظلت هذه المعلومة ماثلة في ذهن عبد الناصر حتى أنه اوردها في رد لم يحو غيرها على جواب من "سامي شرف‌" سكرتير الرئيس عبد الناصر للمعلومات،   ورغم انه لم يرد ذكر في الجواب لعلي امين،  الا ان رد عبد الناصر على الجواب لم يحو غير  المعلومة التي سربها علي امين،  فهل كان علي يعرف ان ناصر سيموت عام 70؟ وماذا كان يعرف عبد الناصر حتى تعاظمت في ذهنه هذه المعلومة؟  أسئلة لا تجد جوابا من هيكل نفسه.  والأغرب أن هيكل بعد مرور الأيام والحوادث الكاشفة اكثر ألمح الى اشارات خجولة تدل على ان عليا ومطفى خانا هيكل ذاته الذي كان لهما بمثابة الأخ الذي يخفف عنهما وعن أسرتهما عبء الزلات. 

هذا الكتاب يكشف الجو الذي يعمل فيه رؤوساء الدول المخلصين في بلادنا وهو جو كله دسائس ومؤامرات،  تعلمت أن أعذر القيادة في اخطائها واسرارها وتعلمت (للاسف) ان حرية المعلومات وهي عنصر هام من عناصر الديمقراطية،  غير متاحة كثيرا في بلادنا عن قصد، لتقليل الثغرات امام المتؤامرين الساسة، اذن فهم هم هؤلاء الساسة الذين يدعون الى الديمقراطية من الباب لتمتد ايديهم من الشباك ويعرقلوها باساليبهم النضالية التافهة الخائنة. 

خالد المرسي


تعليقات

المشاركات الشائعة