لماذا انزعج الإمام "عبد الحميد ابن باديس" من دعوة المرأة إلى ارتداء النقاب؟

لماذا انزعج الإمام "عبد الحميد ابن باديس" من دعوة المرأة إلى ارتداء النقاب؟
نشر أحد شيوخ التنطع مقالا يدعو فيه إلى وجوب لبس النقاب، فانزعج الإمام ابن باديس (المتوفي عام 1940 ميلادية) جدا ورد عليه وشرح المعنى القويم لنصوص الحجاب في القرآن الكريم والسنة وكلام العلماء، بل وذكر أن مجموعة نساء استشرنه في عزمهن على ارتداء النقاب فنصحهن بأن لا، اقرأ مقال الامام في المجلد الأول من آثاره، طبعة وزارة الثقافة الجزائرية، ص 439.
أليست هذه مفارقة عجيبة، أن الامام ابن باديس وشهرته في التقوى والزهد والعلم والجهاد ملئت الدنيا كلها، يتساهل هكذا بينما الشيوخ المتشددين في هذا الموضوع هم من نعرفهم اليوم الذين يشيع فيهم الجهل والنفاق السلوكي؟ ما سبب موقف الإمام وانزعاجه الشديد هذا رغم أن مسألة النقاب مسألة علمية تحدث فيها وقال بمشروعيته أئمة كثر قدماء بل إن ابن باديس يقر بمشروعيته بشرط ذكره في المقال، ما السبب إذن في انزعاجه الشديد هذا؟ السبب أن الأمر ليس مجرد أمر مسألة علمية تحدث فيها القدماء! لكن انضاف إليها اليوم عوامل حديثة من السياقات البنائية للمجتمع وللشيوخ المخاطِبين والجمهور المخاطَب، هذه العوامل حين اعتبرها الامام ابن باديس كشفت له ما انزعج من أجله، كشفت له عن أن حض النساء في المجتمع إلى ارتداء النقاب (كفضيلة أو فريضة) إنما هو حض يعبر عن عقلية الخوارج، وما هو إلا مظهر من مظاهرها، تلك العقلية التي تحب الاصطدام مع المجتمع والخروج عن مألوفه بأدنى شبهة، وبلا مبرر صحيح من الحق، عقلية تحب (الصدام، الظهور، المظاهر، الفرقعة، الهوس) وتلك هي سمات الخوارج، وهي التي تنشطهم وتدفعهم إلى التدين والتمسك به وممارسة أنشطته، والإسلام يرى أن التدين بداقع هذه المنشطات، وضع غير سوي، ولا يقره كما هو معروف في مباحث (الإخلاص والرياء) وعرف أن هؤلاء المتدينين سيكونون مرتعا وملعبا للشيطان يبيض فيهم ويفرخ، وستضطرب عليهم أحوالهم الدينية والنفسية والعقلية كلما امتد بهم الزمان، وستحدث بهم فتنة عظيمة على الإسلام والمسلمين، أليس هذا الحادث اليوم؟ وقد باضوا وفرخوا وصارت لهم دول داخل الدول واقتصاد مواز وأعضاء نشطين ومؤسسات وروابط اجتماعية مستقرة متجذرة، وبسبب انهدمت دول وتقهقرت مجتمعات وتسطحت عقول وتدمرت نفسيات ولا ندري ما المستقبل آت به؟
خالد المرسي

تعليقات

المشاركات الشائعة