أدعياء السلفية قوم يصلون بالليل ويخربوها بالنهار!



أدعياء السلفية قوم يصلون بالليل ويخربوها بالنهار!
من غلو الذين يزعمون أنهم "سلفيون" غلوهم في العبادات على حساب المعاملات والأخلاق والفكر، حتى لكأنهم يجعلون قيام الليل وصيام النوافل من أساسيات التقوى ومكارم الأخلاق! فلو تقابل اخوان سلفيان في نهار يوم الاثنين أو الخميس وعلم أحدهما أن الآخر ليس صائما لسأله باستغراب لماذا لم تصم؟! (حدثت حقيقة معي) رغم معرفتهم أن هذا الصيام سنة لا فرض إلا أن سلوكهم الواقعي يتناسق مع الاتجاه والميول لا المعلومات، فالاتجاهات والميول المتكونة في عقولهم من شيوخهم تدعِّم في عقولهم التشدد والاضطراب والاعوجاج، والمعلومات كعادتها (ولو كانت صحيحة) لا تتمكن من مقاومة الاتجاهات والميول، ولو رجعنا إلى فقه أئمة السلف الحقيقيين لوجدنا ما يدل على براءة السلفية الحقة من هؤلاء الشيوخ والقادة قال الله في وصف عباده المؤمنين {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}  قال الإمام المحقق ابن عطية في تفسيره :" قال الأحنف بن قيس: "لست من هذه الآية" وهذا إنصاف منه، وقيل لبعض التابعين: مدح الله تعالى قوما كانوا قليلا من الليل ما يهجعون، ونحن قليل من الليل مانقوم، فقال: رحم الله امرأ رقد إذا نعس، وأطاع ربه إذا استيقظ، وفسر أنس بن مالك هذه الآية بأنهم كانوا يتنفلون بين المغرب والعشاء" فها هو الأحنف بن قيس وهو من هو في التقوى يصرح بأنه ليس من أهل هذه الآية! ولم يمنعه ذلك من اعتلاء أعلى درجات التقوى! وها هو التابعي لمح في السؤال نغمة انحراف كنغمة أدعياء السلفية المعاصرة فأراد أن يرده إلى حد التوازن والاعتدال وقال له إن تقوى النهار هي الواجبة بينما قيام الليل ليس واجبا! بل إن تفسير أنس بن مالك للآية يعني أن المسلم لو صلي ركعتين سنة بعد صلاة المغرب كان من أهل هذه الآية! وكم من مقيم لليل وهو فاسق أو مبتدع! كما دل الحديث النبوي الشريف الذي فيه أنه سياتي يوم القيامة أقوام صلوا وصاموا في الدنيا كثيرا وقد ضربوا هذا وسفكوا دم هذا... وكما رأينا من الخوارج الذين قاتلوا أمير المؤمنين عليا حيث قالت فيهم النبي إلى الصحابة في الحديث "تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم" وأدعياء السلفية المعاصرة من جنس هؤلاء الخوارج يبالغون في الصلاة والصيام فيصلون بالليل ويملأون طشتهم إيمانا ثم بالنهار يدلقون هذا الايمان علينا بما تجود به قريحتهم من تشويه الدين وتسطيح العقل ونشر الغباء والحمق وفاسد الأفكار والأخلاق باسم الإسلام! والحقيقة أن صلاتهم لو كانت تزرع في قلوبهم إيمانا حقيقيا شرعيا، لكان حال هذا الايمانُ بينهم وبين أن يصيروا أئمة في التعالم والضلال، ثم إن هذا الذي يسمونه إيمانا ليس إيمانا شرعيا، لأن الإيمان الشرعي ليس مجرد عواطف فارغة من مضمون أو ممتلئة بمضامين منحرفة كإيمان الخوارج، فإن هذه العواطف تنبعث في قلوب كل العباد ممن يؤمنون بالله على اختلاف أديانهم المحرفة (وضعية أو سماوية) فهذه العاطفة شيء بالغ المرونة غير محدد بمضمون، لكن الايمان الشرعي يجب أن يتحدد بمضامين فكرية شرعية مستقيمة وحاسة خلقية نفسية تشعر بهذه الأفكار، ولذلك قال أئمة الاسلام في تعريف "النية" أنها "قصد إلى واقع" ولم يقولوا مطلق القصد، وقيدوا بالواقع أي: الواقع النفسي القلبي الداخلي أو الواقع الخارجي، الذي يعمد إليه المسلم بالعمل أو الفكرة أو الشعور المنضبطة بميزان الشرع والمحددة بمفاهيمه ومنهجه، إذن فالقصد المجرد أو العاطفة المجردة أو النية المجردة لا تكون إسلامية شرعية إلا إذا تحددت بالاسلام وامتلأت بمضامينه الفكرية، وإلا فهي أماني وأوهام وخيالات وأبخرة يغر بها الشيطان من أراد الله إضلاله ويسرعهم بها في مهاوي الانحراف والجهل.
خالد المرسي

تعليقات

المشاركات الشائعة