حوار بيني وبين شيخي الدكتور حاتم العوني، حول مرتبة الشيخ الشعراوي.



حوار بيني وبين شيخي الدكتور حاتم العوني، حول مرتبة الشيخ الشعراوي.
أرسلت للدكتور حاتم العوني هذا التعليق لي على هذا افيديو للشيخ الشعراوي وهذا رابط الفيديو
وهذا تعليقي: وفي نهاية الفيديو يكفر من يخالف جهله وحمقه!!!
وإذا خرج علينا شباب أبرياء يعلنون التبرم من جهالاته، أو مفكرون ينتقدونه بعنف، ظهرت ضدهم موجة من التكفير من بسطاء الناس، بسبب أن الله ابتلانا بكبار يجاملون بعضا بأوصاف العلم، ولا يدركون أن وصف من ليس بعالم أنه عالم، يعود على دين الإسلام ذاته بالضرر، لأن لو الإسلام دين الله حقا وأمثال هذا السطحي المخرف يصح أن يوصف بالعلم الاسلامي لكان معنى ذلك إما أن الإسلام خرافة، أو أن المنسوب للعلم الاسلامي هو المخرف، فليتخير الانسان منهما، العقلاني سيختار الثاني ويتمسك بإيمانه بالاسلام، والعاطفي سيصر على أن المخرف عالم ولن يرى تناقضا، فيعتقد بالمتناقضات ولا يبالي، بل يعظم النقيضين!.
فرد الدكتور حاتم وقال: الشيخ الشعراوي رجل أزهري شديد الذكاء قوي البديهة شديد الملاحظة . لكن تجذبه مرات مجاذيب التصوف ، ويقع في أخطاء فكرية فاضحة . وظني أن سبب ذلك هو كثرة ممارسته للتعليم الوعظي ، وعدم تعمقه في البحث ، ولذلك لا تكاد تجد له كتابا علميا ؛ إلا دروسة المنسوخة ! والوعظ يقوم على العاطفة . ولذلك غالب من اشتغلوا بالوعظ قديما وحديثا لا يخلون من شذوذات ومن اختلال في التصورات كبير . ولكن هذا لا ينافي علم الشيخ الشعراوي ، ولا يلغي جهوده الكبيرة في خدمة الدين .
وهذا تعليقي على كلام شيخي: يمكن أن نعبر عن ثناء فضيلتك له بتعبير آخر وهو أن له استبصارات عقلية جيدة، وهذه الاستبصارات قد نجد لها أصلا عند كثير من العوام عند النقاش الفكري معهم، وهي لا تثبت لهم علما، فهي كالعلم المجمل الذي يشترك فيه أغلبية الناس، ثم يفترقون إلى عالم وجاهل عند خوضهم في التفاصيل، فلو كان الشيخ الشعراوي عنده الاستعداد للعلم ولديه ذكاء عالي أو متوسط، وهو ما مكنه من الاستبصارات الذكية الجزئية الطائرة السريعة هذه، فيكون سبب عدم وصوله لمرتبة العلم القائمة على الاستبصارات المتواصلة ذات الوتيرة البطيئة وذات الطبيعة الشاملة، يكون سببه هو أنه (كعادة أغلبية رجال الدين اليوم) لم يلحظ فرقا بين تخصصين أو عالَمَين هما 1- التخصص في التراث بإعطاء أغلبية وقته وجهده له، وهامش جهده للعلم الانساني الحديث (هامشَا كميًا وكيفيًا) و2- التخصص في العلم الانساني المعاصر مضافا الى التخصص في العلم الاسلامي بمعنى تخصيص وقتا وجهدا أكبر له (كميا وكيفيا) فيعطيه وقتا ليس هامشيًا (هذا كميا) ويستمد العلم به من كتبه الأمهات ككتب المفكرين الأوروبيين الكبار وتلامذتهم (هذا كيفيًا) بعكس الاكتفاء على كتب من نراهم بالخطأ (يفهمون الفكر الاوروبي) كمحمد عمارة ومصطفى محمود وعباس العقاد وأمثالهم، ومثال من انتبه للعالَمَين مثلا الدكتور محمد دراز، وبالطبع لا يجب على كل عالِم أن ينتبه ويتخصص هذا التخصص المزدوج، ولكن يجب عليه لو اكتفى بالتخصص في التراث الاسلامي (كالطاهر ابن عاشور ) مثلا أن يعرف حدوده ويعرف أنه كذلك (أي يعرف نفسه وحدود تخصصه حق المعرفة) وهذا ما توفر في الطاهر ابن عاشور، أعتقد أن هذه المعرفة بالنفس وبالتخصص وعدم خلطه بغيره، تكون سياجا للعقل تجعل من صاحبه رجلا يستحق الاحترام علميا في حدود انشغاله العلمي، وتمنع عقله من الوقوع في الزيف والتخريف الكلي، ومن لا ينتبه إلى هذين العالَمين كأغلبية رجال الدين ورجال الفكر الاسلامي، يجعلهم يتخصصون في التراث تخصص المنفصل عن معرفة حدود زمنه، فيعيش هنا ناقص الإنسانية والعقل، وبالطبع يعيش في الزمن الماضي أيضا ناقص الانسانية والعقل (لأن الماضي أمضا الله ناسه وحوادثه وأفناهم) وهذا أيضا ما يفسر عدم ظهور علماء متعمقين في التراث الاسلامي كتعمق الطاهر ابن عاشور، لأنهم لعدم معرفتهم تلك الحدود بين العالَمين كانوا لا هم ممن هنا ولا ممن هناك، لا من أهل الحاضر ولا من أهل الماضي، فهم ناقصوا الانسانية والعقل، هؤلاء في الحقيقة هم أكبر عائق عن النهضة في بلادنا، وهذا من شؤة دخول العناصر الخرافية على العقل، فكما يقول دور كايم ما معناه "إن الفكرة لها ذيولها التي تضمن لها بداية النشاط الذي يجعلها تتحقق في الواقع" فللفكرة العلمية أو الخرافية ذيول فاعلة ومؤثرة لا ينتبه لها المنفعل والمتأثر بها، وهذه الذيول هي الجزء الذي لا يركز المفكر المستنير فيه كتركيزه في الجزء الواقع تحت وعيه وإرادته وتصرفه العلمي، وهي القسمة التي حددها علماء الاسلام كالإمام الغزالي حين قال ما معناه إن طريق العلم أو النهضة الواقعية ينقسم قسمين أو نصفين بين الله تعالى والإنسان المفكر، وليسا نصفين متساويين تمامًا ك 50% و50%، وقد صدق في ذلك طبعا فكلامه تؤكده النصوص القطعية التي تثبت لله أفعالا وتفاعلات هي رد فعل على أفعال البشر وتفاعلاتهم في كافة أنشطتهم الفكرية والعملية (من تقرب اليّ شبرا تقربت إليه باعا...) {فقيضنا لهم شركاء..} وهكذا .
للأسف، رجال الدين (وكل الدارسين) حين شرعوا في دراسة الاسلام والفكر لم يجدوا من يخبرهم بأسماء العلماء المعاصرين الحقيقيين الذي عرفوا حدود هذين العالَمين والتزموا بتلك الحدود فجمعوا بينهما كالدكتور محمد دراز، أو وقفوا على العالم التراثي بعد علمهم بما تفصله من حدود عن العالم الواقعي المعاصر الحديث كالطاهر ابن عاشور

تعليقات

المشاركات الشائعة