رسالة إلى جمهور الاخوان المسلمين

نعلم الآن أن ملتقى الإخوان يسعى في ترميز وتعظيم الدكتور/ عبد الرحمن البر بسبب تصريحاته التي تناقض أصول الاسلام وحقائقه وقد رد عليه الشيخ وجدي غنيم حفظه الله، والدكتور البر ليس من أهل العلم أو من أهل الذكر الذين أمرنا الله بسماع كلامهم، ولو أتى لي أخ فاضل بدليل على كونه من أهل العلم أعتذرت عما قلت في حقه . أما بعض أهل الفضل من الجماعة كالدكتور عصام العريان وغيره فهؤلاء لهم خطابان ، خطاب سياسي وأخر إعلامي. الخطاب السياسي يتوجهون به للحزب الحاكم ويتفوهو به بالكفر الأكبر المُجمع على كونه كفرًا كقولهم نحن نوافق على مشاروة الناس في تحكيم شرع الله ونسير على رأي الأغلبية وعليه يجوزون الديمقراطية في أمثال هذه المسائل وإقرار التدرج في تطبيق أحكام الشريع ةوغير ذلك وهم في ذلك متأولون لا في صدورهم حقد على الاسلام ولكنهم متأولون تأويلا باطلا لايعذرهم عند الله ولا عند الناس لأن البينات في هذه المسائل واضحة وضوح الشمس. وإذا خاطبوا الجمهور خاطبوهم بخطاب إعلامي يراوغون فيه ويلفّون ولايصرحون بما يصرحون به الى العالمانيين.


وحتى أن العالمانيين حينما يقولون للاخوان احذفوا شعاركم – بعد أن تنازلوا لهم عن جوهر الدعوةوصرحوا بما صرحوا به – أي شعارهم المعروف الذي فيه سيفين وكلمة الاسلام هو الحل ) رفضوا حذف الشعار مما جعل الشيخ عبد المنعم الشحات يقول أن هذه الوضعية حريّة بأن تُدخل على العالمانيين شُبهة أن الاخوان يسعون للسلطة كشأن أي حزب غير ديني وأنهم يمتطون مطية الدين ويلعبون على الوتر الديني ليلهبوا مشاعر الناس ويكسبوهم. وفي تاريخ الجماعة ما يؤكد وجود حالات كهذه قبل ذلك بل أحد كبار الاخوان ونسيت اسمه كتب كتاباً بعنوان " أضواء على شعار الإسلام هو الحل" وهو كتاب مُصور حديث وجدته في سيارة شيخنا ياسر برهامي فطلبت استعارته منه، ويحكي تاريخ نضال الجماعة ومؤلفه يربو عمره على الثمانين سنة وأنقل لكم كلامًا من حاشية المقدمة يقول فيه .


( من المفارقات ذات الدلالة في هذا المجال أن يكون " جمال عبد الناصر" هو أول من رفع شعار ( الاسلام هو الحل ) وهو عنوان مقال تصّدر العدد ( 5) من سلسلة ( اخترنا لك) الذي صدر في أول يونية 1945 م ، وقد تناول هذا المقال ( مشكلة الفرد والمجتمع) وقد كتبه عبد الناصر بقلمه وكان في ذلك التاريخ عضوًا في جماعة الاخوان المسلمين !!) نقلاً عن مقال للشيخ سعد الفقي ص 14 من جريدة العربي العدد 1098 في 9 مارس 2008 ) انتهى النقل ويوجد أشياء كهذه كثيرة من تاريخ طواغيت معاصرين كانوا في تنظيم الإخوان قبل أن يظهر نفاقهم وطلبهم الدنيا على حساب الدين،


فالشواهد موجودة وتؤكد شبهة كهذه في أذهان العالمانيين، مما يعطي لتصريحاتهم هذه أهمية وخطورة تزيد عن كونها ضلال في الدين واتباع غير سبيل المؤمنين والدعاة الى الله في كل عصور الاسلام .


والآن نصيحتي للعوام بخصوص تصريحات كتصريحات عبد الرحمن البر أو غيره – سواء كان جاهلاً أو من أهل الفضل – التي تخالف حقائق الاسلام وثوابته، أن كل هذا التزويق والتطبيل حول هذه التصريحات لايُعفي العوام من المسئولية أمام الله – تعالى – إذا هم سمعوا لهؤلاء ولم ينكروا أقوالهم وخاصة مع وجود علماء أفاضل يتعقبونهم ويردون عليهم بميزان الوحي الالهي.


وإليكم هذا المقال الذي يؤكد فيه منهج الوحي المطهّر الذي فيه أنكم لستم معذورين عند الله إذا سمعتم لهذه السخافات والضلالات – وإن كان قائلها عالمًا فضلا عن أن يكون جاهلاً كحال أكثرهم - ، المقال يوضح الأدلة من القرآن والسنة على ذلك وبالاضافة لذلك أنه كاتبه ليس من علماء السلفية المعاصرين – المُشوه صورتهم لدى أتباع الجماعة – ولكنه للعلامة الدكتور الأزهري وخريج السروربون / محمد عبد الله دراز، المُجمع على امامته في الدين لا مجرد كونه عالمًا وفقط


والمقال مُقتطف من سلسلة سأنشرها تباعًا في قسم الدكتور في مدونتي


- 3-مسئولية المُغرّر بهم(أُذيع في 15/2/1957م)


- بينما يتدارس التلميذ والأستاذ قضية المسئوليات الخُلقية في نظر القرآن..


- قال المربي لتلميذه: هل بقيت لديك يابني شُبهة في أن تَعلُّل الجاني بأنه ارتكب جريمته مُكرهًا، تحت سلطان الأمر من رئيسه، تعلل غير مقبول، لافي دساتير الأرض ولا في دستور السماء؟


- قال الطالب:اني لأعتذر الى الله ثم اليك، ان كنت جادلتك عن أولئك الذين يختانون أنفسهم وهم يعملون طاعةً لسادتهم وكبرائهم، وائتمارًا بأمر رؤسائهم.. لقد كنت أراهم في وضع يجعل اقترافهم للإثم ليس عن طوع واختيار، ولكن عن إلجاء واضطرار. فالآن كشفت الغطاءَ عن عيني في هذه القضية، فتبينت ماهو إكراه، وما هو شبه اكراه، وماليس باكراه، وعرفت أن أمر الرئيس لمرؤوسه بغير الحق لايُبرئ المرؤوس من مسئوليته أمام الله وأمام القانون، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق..


- غير أني قد بقيت عندي شُبهة قوية، لاأستطيع دفعها عن نفسي بشأن فريق آخر، لايقترفون الإثم عدوانًا عن علم وعمد، ولكن عن غفلة وحسن قصد. إنهم يفعلون السيئة وهم يحسبونها حسنة، ويعتنقون الباطل وهم يظنونه حقًا.. لقد وقعوا فريسة للدعايات الكاذبة، والأقاويل الخادعة والمضللة .. صدقوا ماسمعوا، فامتثلوا واتبعوا.. أليس هؤلاء جديرين بأن نرفع عنهم كل مسئولية ومؤاخذة، وأن نجعل وزرهم كله على الذين ضللوهم وخدعوهم.


- قال المربي: هيهات هيهات! إنه لو كان الأمر كما تظن، لقال الله عن رؤوس الكفر والضلالة أنهم سيحملون أوزار أنفسهم وأوزار أتباعهم كاملين، ولكنه يقول: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} النحل(25)، فترك على المخدوعين المضللين وزرًا باقيًا. ولاتحسبن أن كلمة : "من" ها هنا معناه التخفيف عن هؤلاء التابعين. كلا، بل المعنى أن ذنوبهم ستكون سببًا في أن يحمل مثلها على متبوعهم من غير أن ينتقص عنهم شيئ منها. بهذا صرحت الآيات الأخرى: {وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ}. {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} العنكبوت(12). بل في القرآن ماهو أصرح من ذلك ، ألم تستمع اليه وهو يقول: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38)} النحل .


- قال الطالب: { لِكُلٍّ ضِعْفٌ }؟ كيف هذا؟ قد أفهم أن يكون للمضللين عذاب مضاعف؛ عذاب الضلال وعذاب الإضلال. أما المضللون ففيم يضاعف لهم العذاب؟!


- قال المربي: لأنهم بعد ضلالهم جعلوا أنفسهم آلة لترويج الضلال، وأداة لنشر الفساد.


- قال الطالب: الذي لم أفهم بعد، هو تلك المسئولية التي نحملها لهذا المسكين، الذي أُتخذ معه من وسائل الإقناع، وأساليب التغرير، ما أصبح به سقيم الفكر، مبتور العزم، لايرى بعين واحدة، ولايسمع إلا بأُذن واحدة. بل لايرى بتلك العين إلا لونًا واحدًا، ولايسمع بتلك الأُذن إلا صوتًا واحدًا، بقدر مايأذن له سيده أن يرى ويسمع . أما ماوراء ذلك فقد أصبح عنه غافلاً كالنائم. أليس الله أرحم من أن يكلف مثل هذا العاجز الغافل؟!. { ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131)} الأنعام.


- قال المربي: بل إن الرجل الذي يَصِلُ التغرير به إلى الحد الذي وصفت، مسئول عن هذه النهاية، لأنه هو الذي جرّها الى نفسه باستنامته واستسلامه منذ البداية. لقد جعل الله لنا أسماعًا وأبصارًا وأفئدة، ومابَرِح كتاب الله يهتف بنا: { أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) } القصص،{ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) } القصص،{ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50)} الأنعام. ولكن الرجل ألغى تفكيره وعطل مشاعره، فلم يبذل جهدًا في استبطان الأمور، واستباط الحقائق، بل سلّم زِمام رأيه لغيره، فجعل يصدق كل مايسمع، ويثق الثقة العمياء بكل مايُروى ويُدعى، حتى فسدت فطرته وانتكست فكرته؛ فلو أن السواد الحالك سُمي له بياضًا ناصعًا لاتهم حاسته ووجدانه، ولو أن الشر المحض صُور له خيرًًا خالصًا لقال: لعل صاحبي يرى أعمق مما أرى.. فمثل هذا المخدوع الإمعة، في احتماله تبعة أعماله كمثل السكران الذي يصل به السكر إلى العبث والعربدة، فهو مسئول عن عبثه وعربدته في حال سُكره لأنه هو الذي أدخل على نفسه السُكر باختياره.


- قال الطالب: هب هذا المضلل المسكين يعيش في بيئة كل الناس فيها يسمعون مايسمع، ويرون ويفكرون كما يرى ويفكر.. ألا يكون هذا عذرًا له في الإستمرار على خطئه وغفلته؟ إذ من ذا الذي يخطر بباله أن يتهم قومه كلهم بالاجتماع على ضلالة؟


- قال المربي: قد يكون هذا عذرًا ما للعامة والدهماء المستضعفين الذي لايجدون حيلة ولايهتدون سبيلاً.. ومن هنا بعثت الرسل منبهين ومذكرين، لئلا يقول الناس إنا كنا عن هذا غافلين..


- قال الطالب: وهل يكفي التذكير والتنبيه لتحرير العقول واطلاقها، وهي حبيسة في حظيرة العقلية الجماعية؟ ألست ترى أن الفرد في الجماعة لايفكر بملء حريته واستقلاله، ولكنه ينساق انسياقًا في تيار الفكر الجمعي؟.


- قال المربي: صدقت يابني. وان القرآن الحكيم لم يغفل هذه الحقيقة، ولم يهمل علاجها، فقد دعا كل واحد منا أن يخلو بنفسه ويتساءل في هدوء وطمأنينة، عن حقيقة الأمر في كل ما حوله من أفكار وعقائد، وأخلاق وعوائد، ليخرج منها برأي مستقل، يتحمل هو مسئولياته وتبعاته. هكذا يقول – تسامت حكمته - : { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ} الروم(8). غير أنه لما كان تمحيص الرأي الفردي لايتم أحيانًا إلا بمعونة الغير، حصر القرآن هذه الرخصة في أضيق حدودها، ولم يأذن بأن تدور هذه المحاورة بين أكثر من اثنين اثنين، حتى لايتشعب الرأي ويتبدد، حتى لايقع الفرد تحت سلطان العقلية الجماعية. فذلك هو أساس الحكمة التي دعا اليها القرآن وجعلها هي الوصية الوحيدة لطلاب الحق : { قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} سبأ(46)


خالد المرسي
http://www.forsanelhaq.com/showthread.php?t=185650

تعليقات

المشاركات الشائعة