تاريخ التخلف

تاريخ التخلف في كل دول العالم بما فيها دولنا الإسلامية كان في تشوه طبيعة العلم في نظر علماء القرن، ولذلك ابتلي أئمتنا المسلمون وغيرهم من الكفار أهل الحق ابتلوا من علماء زمانهم الذين لم يفهموا طبيعة العلم بدقة. وفي علوم الاجتماع يعبرون عن ذلك بقولهم " تشوه أدوار العلم وميكنزماته" ولذلك ألح منذ سنوات على ضرورة الاعتماد الأساسي على الأئمة الإمام محمد عبده و محمد رشيد رضا - Muhammad Rashid Rida و الدكتور محمد عبد الله دراز وأضفت مؤخرا أ.د. طه جابر العلواني وأمثالهم ممن لم أعرفهم بعد فالأمة فيها الخير ولكن هؤلاء من عرفتهم بالتعمق في نتاجهم.
من يريد أن ينهض بالأمة بالدين فليعتمد على هؤلاء الأربعة كاعتماد، أما غيرهم من الأفاضل أهل العلم فنستفيد بما عندهم من اضاءات فكرية وعلمية رائعة. ولكن العلم الذي يُعتمد عليه ينهض على التواليف لا مجرد الإضاءات - مع أهميتها للعلم -
والتواليف هي (العقلية/الشرعية) طالما أنك تريد النهوض بالدين. لا التواليف العقلية فقط كما هي عادة من يريد النهوض بالعقل وحده.

------------------------------------------

هذه خاطرة فيس بوك ولا تحمل كل التقييدات الازمة والواجب على القارئ أن يفهم ذلك. أعلم أن التنمية أو النهضة تقوم على النهوض بميادين مستقلة في مفردها بالموازاة مع ربط كل ميدان مستقل بغيره من الميادين المستقلة الأخرى في خط متكامل لتتناسق الجهود في الميادين والمجالات المختلفة. وهذه المجالات المختلفة تتناسق فيما بينها في كل واحد، يحتل كل ميدان من هذا الكل الواحد نسبة أعلى أهمية من نسب غيره من الميادين - أي: كلها تتساوى في الأهمية وتختلف في درجات الأهمية -. وخاطرتي في ميدان معين وهو الميدان الفكري ( العقلي/الشرعي) فقط باستقلاله أو الميدان الأيديولوجي - بتعبير البعض - الذي هو حجر الزاوية بالنسبة للميادين المختلفة حين يدخل معها في تفاعل ليتشكل منهم كل واحد لا تنهض الأمة إلا به ككل واحد متفاعل في تناسق وتكامل. وأضيف كذلك:كلامي لا يلزم منه أن هؤلاء الأربعة قدموا كل ما يلزم للنهضة! في ذلك الميدان المستقل المعني بخصوصه، ولكن قدموا ما بجهدهم ووضعوا البذور في الطريق المطلوب الصحيح بعد أن حددوا ذلك الطريق بدقة متناهية والواجب على من بعدهم أن يكملوا ما بدأوه وينموه وينقحوه ويخلصوه من شوائبه سائرين على ذلك الطريق المُحدد بدقة، وكذلك سيفعل من بعدنا وهلم جرا. وأضيف كذلك: أن هناك ميادين فكرية أيديولجية أخرى غير هذا الميدان المخصوص بكلامي كميدان تجديد العلوم التراثية وهذا الميدان من رواده الدكتور حاتم الشريف العوني في السعودية وكذلك الأربعة المذكورين لهم جهود فيه. ولكن جهد الأربعة شكّل - في نظري - ميدانًا مستقلاً يحتل من الكل الواحد - السابق ذكره - الذي لا يمكن النهوض غيربه مكانًا أكثر أهمية من المكان الذي يحتله ميدان تجديد التراث الذي يتقنه أمثال الدكتور حاتم العوني. ميدان هؤلاء الأربعة احتل هذه المكانة الأعلى من مكانة ميدان تجديد التراث - في الكل الواحد - لأنه وصل إلى توليفة غاية في الدقة بين ( العقل والشرع) بما يلائم العصر الحاضر. وهذه الدقة في تلك التوليفة هي التي أعطته هذه المكانة العُظمى في ذلك الكل الواحد بميادينه الفكرية المختلفة وبميادينه الأخرى التكنولوجية والاقتصادية وغيرها من ميادين تحتاجا النهضة.
----------------------------------
 

أحد الإخوة علق قائلا: " سبب مداخلتي اصلاجملة:من يريد أن ينهض بالأمة بالدين فليعتمد على هؤلاء الأربعة كاعتماد..وهذا ماجعلني اصفها بانهاوجهة نظر قاصرة ووصاية فارغة.لان هؤالاء الاجلة لم يجعلوا انفسهم اوصياء علي الخلق في سلوك سبيل النهضة وما استباحوا لانفسهم هذا الحمي ولا يجرؤون عليه اصلا..وكونك تجعل شرط تحقيق المدخل العلمي في النهضة هؤلاء دون ان تقدم مايفيد انها وجهة نظر =ماجعلها تأخذ منحي القوانين الشرطية ومع احترامي الكامل لرايك =فان هذا قول مدخول."
وهذا ردي:"
وهل كلامي قرآن كريم حتى تشترط أن أُقدم ما يفيد أنها وجهة نظر؟ نعم هي وجهة نظري وهذه الثقة البادية بكلامي ناتجة عن بحث علمي. وهناك ثقة قد تنتج من جهل أو من تعصب مقيت للشيوخ. وأنا أرى ثقتي ناتجة عن بحث علمي. وللآخرين أن يروا ثقتي ناتجة عن شيء آخر يعلموه هم. وأنا مستعد للحوار والبيان بأكثر مما بينت لو وجدت من يناقش في تفاصيل الكلام ذاته.

وقد رأيت في تعليقك الأخير ما يستحق هذه الإضافة مني: أقول إن فهمتَ من كلامي أنه تنقص لمن قد يكون ممن يضحون من أجل هذه الأمة، ولكني بينت أني حكمت بمن أعرف فقط حتى أن رابع المذكورين طه العلواني لم أعرفه إلا قريبا جدا وأضفته مؤخرًا. ولكن هناك لا شك آخرون أفاضل يعملون في النهضة ولو أعملنا فيهم النقد العلمي لوجدناهم حجر عثرة في نهضة هذه الأمة - من الإسلاميين وغيرهم من المفكرين من الاتجاهات الأخرى - والأمة التي تجدّ في النهوض يجب أن يُمارَس فيها النقد من حيث هو "أداة معرفية" بحرية، ويكون نتاج بحث علمي ويجب على المخلصين أن يقبلوا نتيجة البحث العلمي ولو ضايقتهم. وأنا أعلم عن ناس مجاهدين مخلصين قدموا للدين وللفكر من أرواحهم ومن فكرهم ومن جهودهم الأخرى ما لم أقدم ذرة منه، أعرف عنهم أنهم حجر عثرة في سبيل نهوض الدين والأمة!! ولا أمتلك الحرية الكاملة لقول كل ما عندي وما أعتقده نتيجة بحثي. ولربما كانت هذه الحرية الكاملة غير مطلوبة علميًا أصلاً! فليكفي تنبيهات لا تصرح بأسماء من أعرف وتنبيهات أخرى تفيد بوجود أئمة لم أعرفهم. لأن " محاولة تغيير واقع غير علمي؛ بالعلم، هي محاولة غير علمية" وهذا من رحمة الله بأئمة التخلف حتى لا يعصف بهم أهل التقدُّم مرة واحدة فتطيش مكانتهم مرة واحدة رغم أنهم أهل إيمان وصدق وإخلاص عال جدا جدا جدا - للدين كالإسلاميين - وللوطن والفكر كغير الإسلاميين -، فالتغيير الفوري الذي يخسف ببعض الأئمة الأحياء الأرض مرة واحدة هذا التغيير الفوري لا يأتي به الإسلام، ولكنه التغيير التدريجي الذي يُفقد مكانات أهل التخلف بمرونة وبرقة يتحملها أهل الإخلاص منهم تقديمًا للمصلحة العامة عن الخاصة ويتحملونها بعد أن يتضح مكامن تخلفهم لأنفسهم أو لأتباعهم كنتيجة للتدرج الذي سمح به التغيير وما يتيحه من وقت للتفكر والمراجعة، وهنا تأتي دور " المحاولة العلمية" لتعيد الواقع غير العلمي إلى حالة العلم بالتدريج، فالعلم يفعل في الواقع غير العلمي فعلا تدريجيًا، وبذلك نكون ممن يغيرون واقعَهم غير العلمي بالعلم، وهي محاولة علمية. إذن فمقولة القائل:" تغيير الواقع غير العلمي - أي الذي شكله متخلفون مخلصون - بالعلم هي محاولة غير علمية" هي مقولة صحيحة لو حاول العلمُ الإحلال الفوري، وهي خطأ ولا يقصدها قائلها لو فُهمت على أن العلم والمحاولات والجهود العلمية لا فائدة لها في واقع سيطر عليه المتخلفون المخلصون بكتبهم وفكرهم وتنظيماتهم ومؤسساتهم

تعليقات

المشاركات الشائعة