من الأسئلة الواقعية الضرورية الهامة لكل متدين تنويري وكل متدينة تنويرية.

السؤال: هل يجوز أن نضحك حينما نرى رسومات كاريكاتير من العلمانيين وأشباههم كرسومات عمرو سليم التي تنتقد سياسات الاسلاميين ومناهجهم؟ كما رسم عمرو سليم كاريكاتير لرجل ملتح ذي كرش وهو يرقص ويغني بهذه الكلمات " الدنيا ربيع ومرشدنا بديع.. أخوّن لي على كل المشاريع" وكذلك باقي رسوماته على السلفيين  وغيرهم، أم أن ضحكنا في هذا الوقت دليل نفاقنا أو هو تقديم لمقتضيات حياتنا الجاهلية القديمة على استحقاقات تديننا وسلفيتنا؟

الإجابة: قبل الإجابة أنبه إلى أن هذا السؤال يلزم السلفيين المتعمقين - وهم غير موجودين الآن - ويلزم السلفيين الذين يمتلكون استعدادات التعمق ولم يتعمقوا بعد - وهم كثر بفضل الله - وكذلك هذا السؤال لا يلزم أغلبية الجمهور السلفي أو قل الجمهور المتدين عموما وهو الجمهور الذي يرى "الأمور أُنُفا" أي يرى الأحوال مستأنفة أصالة - أو كأنها كذلك - لم تُسبق ببواعث أو بأسباب مرتبطة هي بها وأنه يجب علينا أن نبحث فيها إذا أردنا تقييم الأحوال والأفعال الحاضرة او النظر فيها .
الإجابة: يجوز الضحك وهو ليس نفاقا ولا هو من رواسب الجاهلية أو تقديمها وإظهارها حين تتعارض مع استحقاقات التدين، والدليل هو أننا نضحك على واقع حدث وانقضى لايد مباشرة و لا قصد لنا في إيجاده وهذا الضحك لا يمنعنا من بغض هذه الوضعية الآثمة بذاتها أو بآثارها ومن الأدلة على ذلك الحديث الصحيح الذي أخرجاه البخاري ومسلم من حديث أبي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : بَيْنَمَا نحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ
جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ . قَالَ : مَا لَكَ ؟ قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتي وَأَنَا صَائِمٌ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ تجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَينِ ؟ قَالَ : لا . فَقَالَ : فَهَلْ تجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَمَكَثَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا نحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتيَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تمْرٌ ـ وَالْعَرَقُ : الْمِكْتَلُ ـ قَالَ : أَيْنَ السَّائِلُ ؟ فَقَالَ : أَنَا . قَالَ : خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ . فَقَالَ الرَّجُلُ : أَعَلَى أَفْقَرَ مِني يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَوَ اللَّهِ مَا بَينَ لابَتَيْهَا - يُرِيدُ الحَرَّتَينِ- أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتي . فَضَحِكَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ , ثمَّ قَالَ : أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ .
وهو يجوز بشرط أن نكون ممن يسعون في رفعه عن الأمة وإصلاح مواطن الخلل التي سببت هذه الوضعيات، فهو ضحك انفعالا طبيعيا بشيء قدري بحت لا يدل على رضا بهذا القدر بدلالة سعينا الحثيث إلى تغييره.
والله الموفق

تعليقات

المشاركات الشائعة