مواصلة الرد على الشيخ القصاص بخصوص ماكتبه عن العقاد

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد :

جزاك الله خيرا ياشيخ على اتاحتي الفرصة للحوار معك
وأذن لي أن أقول ماأعتقد وأبين رأيي مكشوفا غير مكفن مع اعتباري للأدب اللائق بك.
بخصوص قولك أن ردي السابق ليس نقدا علميا لدراستك العلمية:
أنا رأيت أنك بنيت نقدك على أسس غير صحيحة ولذلك فأنا في ردي السابق والحالي أنتقد كلامك في أساسه لافي ذاته، وسأقرأ كتابك ان شاء الله لأنقده مرة أخرى في ذاته وأحب أن أنبه الى أن تشكيكي في قيمة كتابك وجهدك طيلة الثمانية أشهر لايعني تشكيكًا في قيمتك العلمية، كماحدث مع الدكتور عبد الصبور شاهين لمّا أخرج كتابه الساقط الذي ظل يحضر له فيماأظن 20 سنة فأسقط العلماء الكتاب والرجل لم يسقط ومازال قيمة علمية واسهاماته تملأ الدنيا.


ولايفوتني هنا أن أقول أني لاأستطيع ادعاء أن فضيلتك من أصحاب الاسهامات العلمية أو القيمة العلمية وكذلك لاأدعي أن فضيلتك ليس كذلك، لأن مجال هذا التحديدلأهل العلم والفكر الكبار الراسخين.


ونظرا لأن في كل زمان ومكان كان العلماء يشتكون من وجود طلبة علم وعلماء متبلدين الطبع والعقل (بنص كلام المسعودي) "ج1 العبر ص4"،وكان ابن تيمية يُحمِّل المنتسبين الى السنة في زمنه مسئولية انتشار الأشاعرة لأن هؤلاء المنتسبين للسنة كانوا (تارة يروون مالايعلمون صحته وتارة يكونون كالأميين الذين لايعلمون الكتاب الاأماني ويعرضون عن بيان دلالة الكتاب والسنة على حقائق الأمور)"فتاوى ج12 ص 23".


وخاصّة في هذا الزمان الذي أقبل فيه الشباب على طلب العلم الشرعي من كل صنف ولون ، فوجدنا منهم من حفظ الكثير وقرأ وثابر، لكنه لايتعدى أن يكون من أهل الحفظ أو هو أقرب لهم من قربه لأهل العلم، علما بأن الانضمام لأهل الحفظ متيسر لكل من يثابر على الحفظ والقراءة، أما الانضمام لأهل العلم والفكر فهو لايتيسر الا لعقول معينة لها امكانيات معينة في ذاتها وفي طريقة ادارتها لنفسها ولأنواع معينة من الطبع والوجدان مما يجعل الانسان قادرا على بناء ثقافة ناضجة وفكر ثاقب في تقدم مستمر ، ولايجوز ياشيخنا الفاضل أن يصرح علماؤنا في هذا الزمن ويميزون بين أهل الحفظ وأهل العلم والفكر بالأسماء في زمن عز وقل فيه النصير، ولذلك نحن نشكر كل من له مساهمات في الدعوة الى الله تعالى . ولكن ياشيخ اذا أقدم أحد على نقد وتحليل لكلام أحد اهل العلم والفكر ثم بعد ذلك قام يرتب نتائج وتقييم خطير وفظيع يخالف به علماء جيلَين بتمامهم.


فهذا إما أن يكون رجل ممن عرفناه معرفة ضرورية بأنه من أهل العلم والفكر فنقول هذا رأيه (ككتاب عبد الصبور شاهين كمثال)، وإما أن يكون ممن لانعرف أنه كذلك – بهذه المعرفة الضرورية- مثل فضيلتك ياشيخ، فنحن لانعرف أفضيلتك أقرب لأهل الحفظ أولأهل العلم والفكر ،ولذلك ياشيخنا فنحن نجلك لكن المنهج العلمي يُوجب علينا أن لانلتفت لدراستك ونقول لك (لقد كُفيت ) ورحم الله زمانا قال فيه الامام الحجة "مالك" رحمه الله – تعالى - ( وددت أن لو خرجت من الدنيا كفافًا لالي ولاعليّ) وهو من هو الامام مالك صاحب المذهب! قد كُفيتّ بعلماء جيلين، وكُفينا نحن بهم وليس لك إلا ان تنتقد في حدود مانتقدوا وليس لك أن تغلوا بهذا الشكل مما يجعلك أيضا تخلع على هؤلاء الأجلة بشئ من أوصاف المهادنة في الدين أو الغفلة والتقصير عن جهاد الدعوة!.


والآن انا رأيت فضيلتك بنيت نقدك على أسس غير صحيحة، كقولك في احدى مشاركاتك - مامعناه - بأن العقاد بذل سنين كثيرة من عمره في السياسة مما شغله عن التحصيل العلمي والفكري والأدبي أو بنحو ماقلت، وهذه جرأة منك عجيبة وكأنك شاهدت بل عايشت هذا الواقع! رغم أن العلامة محمود شاكر ثبت ماننقض به كلامك فيقول (فالرافعي والعقاد أديبان قد أحكما أصول صناعتيهما، كل في ناحيته وغرضه، وأفنيا الليالي والأيام والسنين في ممارسة ماهو فيه واليه، وكلاهما يعلم عن عمل صاحبه مثل مايعلم عنه، ولايظن بأحدهما أنه يجهل قيمة الآخر) جمهرة مقالاته ص127 ، ثم إنك ياشيخ تتجاهل كلام علماء الجيل السابق والحالي الذين ردوا على العقاد وبينوا أخطائه كأي عالم أو مفكر من مفكري الأمة ولم يتلفظ أحد منهم بشئ مماتلفظت به من تهم دينية وأخلاقية وفكرية وأدبية بمثل هذه الشناعة والفظاعة دون أية أدلة أو بينات مُعتبرة شرعا بل هناك من الأدلة المُعتبرة ماينقض أدلتكَ المُدعاة! فعندك محمود شاكر في كلامه الذي نقلته لكم في المقال السابق كان هذا الكلام مقتبسا من رد شاكر على سيد قطب بعد أن كتب "سيد قطب" في مجلة الرسالة متنقصًا من أدب "الرافعي" ليُرضي أستاذََه" العقاد" وكان "سيد" وقتها (قبل أن يتجه للاتجاه الاسلامي) تلميذ في مدرسة العقاد الأدبية فلو كان العقاد يصدُق عليه رُبُع ماتزعم أنت لكان حريٌ بمحمود شاكر أن يتعرض لشئ من تلك الفظائع عن العقاد في رده على سيد قطب، ولكن "محمود" لجأ للرد العلمي الأدبي ثم أثنى على العقاد كما نقلت لكم وهو ثناء في مثل هذا الموطن له دلالته الواضحة لكل ناظر وخاصة أن محمود شاكر(يتبين من كتاباته أنه شديد القسوة شديد الهجوم، يلاحق من يخالفه بالرأي ملاحقة شديدة بلارحمة بلاهوادة ولكن في مثل هذه المعارك الأدبية يجب أن نغتفر له، بل هذا توفيق من الله) قاله صديق عمره وأخيه الأستاذ يحي حقي"مصدر كلامه سأذكره في أخر الرد"،كماأن محمود شاكر معروف برده أيضا على المشهورين وغير المشهورين. بل و"سيد قطب" نفسه بعد أن ترك مدرسة العقاد واتجه الى الاتجاه الاسلامي رد على العقاد في الظلال في كلامه على سورة هود(في تعقيبه على قصة نوح – عليه السلام –( ردًا هادئًا جميلا، وكذلك العلامة على الطنطاوي المعروف بجرحه الشديد للعقاد حتى قال لما سُئل عن كتاباته ( كتاباته اسلامية وهو ليس باسلامي) ويقصد ليس باسلامي أي ليس في التدين والتنسك كاأبي الحسن الندوي والطنطاوي وغيره من مشايخنا، ولكن العقاد لم يرتاض على العبادة وعلى صبغ نفسه بالدين منذ الشباب أي يقصد أنه مسلم لااسلامي، وفي الحقيقة جرح الشيخ الطنطاوي هذا يسقط القيمة العلمية لكتاب الشيخ القصاص نهائيا لأنه لو كانت كتاباته كما يصورها لنا الشيخ القصاص لكان الطنطاوي تكلم بهذا، أم أنه داهن في الدين وتصرَّف بدبلوماسية السياسيين ! وأي دبلوماسية في وصفه له بأنه ليس اسلامي؟!، وللعلامة "مصطفى حلمي" في كتاب (المخاطر التي تواجه الشباب المسلم ص 35 يقول(ولاأظن أنه يمكن إضافة الجديد للأبحاث المستفيضة التي ساهم فيها جهابذة الرعيل الأول في الفكر الاسلامي المعاصر من حيث الشبهات حول قضية المرأة أمثال الأساتذة: المودودي والعقاد وسيد ومحم قطب وانور الجندي وغيره)، ووالله ياشيخ أن شهادة مثل هذه لهذا العَلَم لكفيلة باسقاط كتابك نهائيا! وأستأنس بأني سألت شيخنا ياسر برهامي عمن رمى العقاد بانكاره للوحي وللنبوة فقال لي لايوجد شي من هذا في كتب العقاد فيما أعلم.


- ثم إنك ياشيخ زعمت أن العقاد ليس أديبا وتقول لي إنك بينت قصدك وأنك لم تتناقض! فهل تقصد بقولك أنك بينت قصدك - توجيهك لرأي الشيخ علي الطنطاوي في أسلوب العقاد؟ توجيهك هذا الملئ بأقبح الأوصاف للعقاد ومن ضمن ماقلتَ كما في الرسالة رقم 1870 (فأهل الذوق من أصحاب الروحانيات لا يطيقون الجلوس بين حسناوات العقاد وهن ثقيلات الدم عفنات ينطقن بغير الجميل . من يتحمل الجمال وهو ثقيل الدم بذيء عفن الرائحة )! نعوذ بالله ياشيخ مماقلتَ والله يسامحك، هذا ذوقك أنت ورأيك ياشيخ لاتنسبه لأهل الذوق والجمال، فمن أين لك بمعرفة ذوقهم أسألتهم أجمعين؟! ومن يقرأ للعقاد بالملايين وأنا منهم لاأجد شيئا من هذا بل أستعذب كلامه جدا ويتبقى أن لكل كاتب روحه وطبعه الخاصين به كسائر البشر وكلام الكاتب صورة من روحه.


ومع ذلك فكلامك في غاية التناقض ، فأنت قلت في الرسالة رقم 1870 أن (المعتدلون يقولون بأن شأن العقاد في الناحية الأدبية شأن كل مبرز في فن من الفنون تجد حوله من يرفعه ومن يدفنه ويبقى العقاد أديبا) رغم قولك في الرسالة رقم 1858 (فلم يكن العقاد أديباً كما يزعم الناس ، كان سياسياً ثم مفكراً . قدم للناس فكراً في ثوب أدبي ، ولم يقدم أدباً صرفاً . والذين اعتنوا بكتابات العقاد لم يقدموه لنا كأديب . جاء ذلك في أكثر من موضع ، وقد رصدته في بداية كتابي .


فلم يكن العقاد أبداً أديباً ... أعي ما أقول جيداً ... قدم فكراً)ولاأدري كيف وبأي عقل أومنطق يُفصَل بين الفكر والأدب في حق الأديب المفكر، وفي احدى تعاريف الأدب "أنه حكاية تجارب ذات أبعاد انسانية عميقة"! وقلتَ في رسالة أخرى أن العقاد أفضل من خط نثرا! وعجب والله حيث نعلم أن النثر من مجالات الأدب! فكلامك في غاية التناقض ويضرب ببعضه البعض، وعموما ياشيخ هذا ليس مجالك فقد قال العلامة محمود شاكر في العقاد مانقلته لكم وقرنه بالرافعي وانتهى الأمر.


وأنت أيضا قد ذكرت في مشاركة لك أنك نفيت عن العقاد صفة الأدب حتى لايرد أحد كلامك بدعوى أن أسلوب العقاد أدبي فلاينبغي تحميله فوق طاقته أو الوقوف عنده كثيرا! أليس هذا ياشيخ اتباعًا لأسلوب(الغاية تبرر الوسيلة) وكذلك قولك أنك قررت أن تبين حقيقة العقاد لأن النصارى الذي ترد عليهم يستدلون بكلامه! أليست هذه أيضا اتباعًا لأسلوب(الغاية تبرر الوسيلة)؟ وكم رأينا ياشيخ من اهل العلم من أخطأوا وزلوا واستدل بكلامهم أهلُ الكفر والضلالة، فهل نلجأ كمالجأت أنت الى اثبات أن هؤلاء العلماء والمفكرين كانوا يحملون في صدورهم حقدا على الاسلام وبالتالي لم يكونوا يدافعون عنه في الحقيقة؟! أم أن الأسلوب الأصحيح ان نرد كلام من أخطأ! وهل النصارى الذين لم يسعهم كلام الله ورسوله ثم كلام علمائنا والحجج العقلية سيسعهم كلامك عن العقاد ويغيرون رأيهم عن الاسلام؟!


فإذا كنتَ ياشيخ بنيتَ نقدك المًسمى بالعلمي على هذه الأسس الواهية(أو الفاسدة) بما فيها : نفيك لأكبر وظيفة وخصيصة امتاز بها العقاد وهي الأدب أو تناقضك العجيب في هذا! فكيف يتأتى لأحد أن يثق في فهمك لكلام واحد ممن اتاهم الله موهبة أدبية فذة وعقل ذكى حاد وثقافة موسوعية وفكر ثاقب، قلَّ أن يؤتََى أحد مثلها على مر العصور الانسانية فضلاً عن فهمك له غيرَ فاصله عن بيئته الزمانية والمكانية ومعرفتك لخلفيته الثقافية ولهذه الطبائع مجتمعة؟!، وكيف نثق أيضا في أنك لن تحمل الكلام على أسوأ محامله أو انك ستحمله على أقل الوجوه خطأ بدلا من حمله على أكثرها بدون مسوغ مقبول،؟ بل من قدم لك كتابك صرح بأنك فعلت ذلك في الكتاب!.


وإذا كان ياشيخ هذا نقدك المُسمى بالعلمي على هذه الأسس الواهية بمافيها من رجمك بالغيب وبالظن الخاطئ للمدة الزمنية التي حصل فيها العقاد علمه(وقطعك بذلك) ثم اتيت لك بكلام محمود شاكر الذي ينقض كلامك، فكيف يتأتى لأحد أن يثق بكلامك واثباتك أن كفريات العقاد كما تزعم تمادى فيها الى مماته؟! في حين أنه نقل لك أحد الرادين عليك في مجموعة قاسم قولُا لواحد ممن كتبوا عن العقاد بمثل ماسأنقله لك الان، (فقد استعرت كتابُا منذ فترة من أحد أصحابي لاأذكر منه الان الاأنه تأليف دكتورة تُسمى نعمة.. طبعة مهرجان القراءة للجميع تتكلم فيه عن مؤلفات العقاد أو عن موضوع معين من مؤلفاته ومما قالته الدكتورة في المقدمة أن العقاد مر بمرحلة شك في بدايته ولكنه تاب منها، وهذان ياشخ محمد ليسا من السلفيين اوالاسلاميين أصلًا حتى نتهمهم بالتعاطف مع العقاد، وهذا ايضا متواتر ومعروف .


والآن وبعد بيان فساد هذه الأسس المبني عليها نقدك: لك أن تقتنع بأن كتابك دراسة علمية ، لكن لايلزم غيرَك أن يقتنع بذلك، واذا قلتَ أنك جمعت أدلة وماشابه ذلك، نقول لك أنه مامن انسان الا ويستطيع أن يستدل على مذهبه بأدلة ويذهب يشقق الكلام ويفرع حولها مهما ان كان مبتدعا أو كافرا أو غيرهم، فكون الكتاب مليئ بالنقول التي تسميها فضيلتك أدلة مُعتبرة لايكفي أبدًا لأن نعتقد أن الكتاب دراسة علمية، والذي يحدد كونه كذلك أو لا، هم أهل العلم والفكر الذين وصفت حالهم في اول هذا الرد(وخاصة في تقييم الدراسة التى تُعنى بكلام أرقى المفكرين والأدباء) ولايفوتني أن أقول: أنه يلزمك ياشيخ أن تكفر عين العقاد، لأن كل من يقول وينسب مانسبته للعقاد ثم هو لايكفره فهو ضال ضال، وتكفير العقاد هنا لايحتاج لاقامة حجة كماهومعلوم ولايجوز لك الترحم عليه كما ترحمتَ، ولايجوز لك أن تقول أن العقاد مسلم، فيلزمك اذًا تكفيره اذ هما صنفان لاثالث لهما مسلم أو كافر، وإلا تناقضت أشد التناقض.


وبخصوص قولك:


وعجيب والله أن يغضب هؤلاء للعقاد ولا يغضبون لما فعل العقاد بصحابة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ !! .


أقول: نحن لسنا شيعة ولاكفار حتى تصفنا بأننا لانغضب لسب صحابة النبي أنا مسلم وكل من رد عليك مسلمون ،وفوق ذلك دعاة الى الله فلايحق لك أن تصفنا وتتكلم علينا بهذا الشكل، نحن نغضب للصحابة ولكننا في الوقت ذاته نعتذر عن العقاد وندعوا أن يغفر الله له (ان ثبت عنه ماتقول) كما يقول شيخنا المقدم (اننا نعتذر للأفغاني ومحمد عبده نظرا لظروف بيئتهم الزمانية والمكانية ولوكنا في مكانهم لاندري ماذا كنا سنفعل) والعقاد أولى من محمد عبده وهو العلامة في العلوم الشرعية!


وبخصوص قولك:


السؤال هل كان العلامة محمود شاكر ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ يؤيد العقاد على هذا ؟ أوْ هل تكفي استضافة العلامة شاكر للعقاد لتمرير كل هذا ؟؟


ثم إن أثنى العلامة شاكر ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ فغير من قرنائه قد قال بالضد !!أقول ان لو كان في العقاد شيئا مما صورته لنا بهذه الصورة(الشنيعة القذرة المليئة بانحطاط يشمل كل جوانب حياته يتبرأ من مثله أرذل الناس!) لماجاز لشاكر أن يستضيفه بشكل دائم في صالونه الأدبي الفكري بل هي منقصة وعيب في حق شاكر ناهيك أن يكون العقاد يجد في صالون شاكر مأواه ومستراحه وأن يشعر فيه بكل سعادة كما حكى الأستاذ يحي حقي قائلا ) وأشهد أن العقاد رغم مايُحكى عنه من تجهم وقسوة كان يضحك في بيت محمود محمد شاكر ضحك الأطفال ونقهقه معا( والأستاذ يحي حقي بشخصه هو قائل هذا الكلام من مقال له بعنوان(محمود شاكر أديب العربية ومحققها) منشور بمجلة الهلال عدد مارس سنة 1985 وجدت هذا العدد عند أحد الباعة على الرصيف فاستعرته منه لأنقل المقال وأرده له مرة أخرى وقد نقلت المقال بنفسي من هذا العدد ونقلت معه ثلاث صور من المقال نفسه ثلاثتهم في بيت محمود شاكر صورة منهم لمحمود ويحي منفردين وصورة لهما في مكتبة محمود شاكر وصورة لعائلة شاكر بزوجته مع عائلة حقي وزروجته ونقلت هذه الصور بالسكربت وسأنشرها على النت ان شاء الله تعالى،


وكتب محمود شاكر حين وفاة يحي حقي مقالا بعنوان(يحي حقي صديق الحياة الذي افتقدته) ومن عجيب ماذكر فيه أن يحي حقي كان صديق حياته وأخيه لدرجة أن "يحي" أقام مع محمود في بيته لمدة عشر سنوات لايفترقا فيها قط.


"من الجزء الثاني من جمهرة مقالاته ص "944


ومعلوم أن من هذا شأنه مع محمود شاكر لن يكذب فضلاً عن أن يكذب ويتقول وينسب لمحمود مالم يفعله أو يقره ، ولم نعلم أن شاكر أو غيره من اهل العلم وصف العقاد بشئ مما وصفته به. وغيرُ شاكر الذي قال بالضد فيه ادانة لك يا شيخنا الفاضل(لأنهم في سياق جرحهم للعقاد لم يتفوهوا بذرة مما تفوهت وقطعت بنسبته للعقاد.


وبخصوص قولك:


وبينت أن العقاد لم يكن ذاك الجاهل بالدين الذي أتي من جهله ..بل كان يعرف ما يتكلم به ابن القيم معرفة من قرأ طويلا وكثيراً في كتابات ابن القيم ، وكذا ابن تيمية ويعرف السلف الصالح جيداً


طبعا أنت ترد على ماقلته عن الواقع الذي عاش فيع العقاد، أقول أن كثيرًا مما نسبته للعقاد رغم أني لم أقرأ كتابك بعدُ، لايحتاج لعلم شرعي حتى نكفر قائله ولايُتصور فيه جهل في هذا الزمن أصلا، وأقول بخصوص بعض ضلالاته الأخرى التي يُتصور فيها الجهل بالحق أقول:


فرضنا أن كلامك صحيح فهو غير كاف لتقويل العقاد مالم يقل أوالزامه أو القطع بنسبة عقائد ضالة له وعلى لسانه، ومن المعلوم ان العالم قد يتوسع في العلوم ولايصل الى الحق المعلوم لدى عوام الناس في أزمان أخرى كما قال الشيخ حاتم العوني(قد ذكر الامام الذهبي في تذكرة الحفاظ - فيما أذكر - أن بعض متكلمي القرن الثالث أعلم بالحديث من كثير محدثي زمانه) بل ونعلم أن بعض الأئمة الأربعة عاشوا وماتوا وهم لايعرفون صفة صلاة النبي – صلى الله عليه وسلم – على التمام كماصلاها، وهذا لأنهم أخطأوا الاجتهاد في كثير من صفات الصلاة ثم اتضح بعد مماتهم خطئَهم كما هومعلوم، فهؤلاء الأئمة أعلم اهل الاسلام بالدين ورغم ذلك فاتهم كثير من العلوم التي يعرفها عوام الناس الآن وقبل الان! وماذاك الا لتشقيق الكلام وتفريعه حول الحق فصار على طالب الحق أن يقطع رحلة طويلة يغوص فيها الى أغوار الكلام والحواشي ليلتقط الحق صافيا من كل هذه الشوائب وهذه رحلة مليئة بالأهوال والمخاطر كما نعلم، فلايستقيم اذًا أن نقول أن كل من سلك هذه الرحلة وتعمق فيها قد صار قطعا عالمًا وملتقطًا للحق من بين هذه الظلمات المحيطة به.


وبخصوص قولك :


إن كتابتي عن العقاد لقى ترحيباً واسعاً ممن لهم دراية بحال العقاد ، وأحتفظ بثناءات نفرٍ منهم


نريد أرائهم


نريد أراء من تعرف الأمة معرفة ضرورية أنهم من اهل العلم والفكر!_ ولايدخل فيهم المختلف فيهم الذين يقول عن جهودهم الشيخ محمد حسين يعقوب (هذه الجـهـــود الانعزالية المنتسبة إلى المنهج السلفي، وهي في حقيقتها لا تتعدى الصورة الجديدة للمـنـهـج الصوفي الانعزالي القديم، الذى عزل الدين عن الدنيا وهموم المجتمع ومقتضيات الاستخلاف في الأرض، قبل أن تأتي العلمانية لتستثمر هذا الانحراف وتؤسس عليه تخريبها الكبير في ديار الإسلام.) ولايدخل أيضا فيهم الذين ثبت عنهم احتقارهم للفكر ولفقة الواقع وللبناء المعرفي والاطلاع على مختلف العلوم الحديثة


يعني عندك كثير من متنوري هذا العصر كمحمد اسماعيل المقدم ومصطفى حلمي وغيرهم كثير كثير


ثم ان رجل كالعقاد اسمه وكتبه تملأ الدنيا منذ أوائل القرن السابق ولم ينبه أحد من علمائنا على حقيقته التي صورتها لنا الان ، والله ان سكوتهم الى الان لطعن فيهم وفي مصداقيتهم! غير أنههم وحاشاهم أن يسكتوا فقد بينوا الأخطاء ووفوا جزاهم الله عنا كل خير ونفعنا بعلومهم الزاخرة .


وبخصوص قولك:


أدعو كل محبين العقاد ممن كبر في حسهم ما تكلمت به عن العقاد
نحن لم نحب الرجل لتعاطف مع شخصه وفقط، بل للرجل اليد الطولى في المجال الثقافي العام والاسلامي والفكري والأدبي، ونظرا لعلمي بوجود من يحتقر هذا المجال فأود أن أقول
أن الجهل بهذه المجالات من قِبَل طلبة العلم ومشايخ كثيرين أودى بهم الى أن صاروا مُهَمّشين عن واقعهم ومنعزلين عنه فهمًا وتأثيرا وصار أيضا بينهم وبين من يستمعهم حواجز نفسية وزمانية" كما يقول الشيخ أحمد الصويان في مقال بعنوان – المستشرقون الجدد –) هذا الجهل منهم جعل واحدًا من علمائنا وهو العلامة محمد رجب بيومي يكتب مقالا طويلا في مجلة الأزهر وينقل فيه ما يؤيده من كلام أهل العلم ثم يقترح بأن لايعطوا شهادة الدكتوراة للطالب وان نجح في المناقشة الا بعد أن ينجح في اختبار الثقافة العامة! والمقال اسمه" الدكتوراة الى أين - قولوا الحق ولو على أنفسكم ). هذا لمن لا يعرف شأن كتب العقاد وأمثاله
هذا نقد لكتابك من أساسه كاف في بيان زيف هذا الكتاب، ولكني لن أكتفي وسيكون لي عودة لنقد كتابك في ذاته مع بيان أنه فاسد أيضا من وجه الحكمة الارشادية
والحمد لله رب العالمين
كتبه/خالد المرسي

تعليقات

المشاركات الشائعة