مقال: إنهم يعذبون المجاهدين... ياسر الزعاترة

http://www.alzaytouna.net/arabic/print.php?a=116405


/

19-05-2010

مقال: إنهم يعذبون المجاهدين... ياسر الزعاترة

ياسر الزعاترة





لا نتحدث ها هنا عن تعذيب المجاهدين في سجون الجنرال دايتون، فتلك حكاية صارت معروفة، بدليل الأربعة الذين استشهدوا خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وبدليل عشرات الروايات التي سجلتها مؤسسات تُعنى بحقوق الإنسان لمن قرروا كسر جدار الصمت وتحمل تبعات ذلك.



نتحدث ها هنا عن تعذيب يمارسه عرب آخرون (مصر تحديدا)، والاتهام هذه المرة لم يأتِ من حركة حماس، أو بعض "متطرفيها" الذين لا يريدون "المصالحة خوفا على سلطتهم في قطاع غزة" بحسب ما يردد أركان في الحزب الحاكم، بل جاء من الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي التي لم تشارك في الانتخابات ولا في السلطة.



لم يكن ثمة شهيد سقط تحت التعذيب هذه المرة، كما هو حال يوسف أبوزهري الذي قتل لكي يكون عبرة لقادة حماس الآخرين كي لا يتجرؤوا على الشقيقة الكبرى في تصريحاتهم كما كان يفعل سامي أبوزهري (شقيق الشهيد).



في حواره مع الجزيرة قبل أيام لم يؤكد الدكتور رمضان شلح رواية حماس حول التغييرات التي أجريت على مبادرة المصالحة المصرية فقط، بل قدم رواية بالغة الأهمية حول قصص التعذيب التي يتعرض لها المجاهدون من حركته في السجون المصرية، فيما لا يحتاج المرء إلى كثير ذكاء كي يتأكد أن ما يتعرض له مجاهدو حماس هو أكبر بكثير، ليس بسبب العدد فقط، وإنما بسبب التناقض الذي تشعر به القاهرة مع الحركة التي تقيم "إمارتها الظلامية" على الحدود المصرية!



ببلاغته المعهودة، وبصراحة غير مسبوقة في هذا السياق تحديدا، تحدث الدكتور رمضان عما يجري للمجاهدين، فقال إن من "خرجوا جرحى للعلاج في بلدان عربية وإسلامية، وبعضهم قطعت أطرافه بطائرات أف 16 الإسرائيلية، قد اعتقلوا في مصر لمدة 50 يوما وعذبوا أشد تعذيب وتعرضوا للإهانات وتمت تعريتهم". وأضاف أن أبناء حركته قد أخبروه في رسالتهم إليه بأنها "غوانتانامو أخرى"، ثم تساءل "ماذا يمكن أن أقول للإخوة في مصر؟ أأشكرهم على ذلك؟ لماذا يفعل بنا العرب ذلك؟ هذا لا يليق بمصر".



بعد هذه التصريحات، ولأن بعض المتحدثين المصريين قد تحدوا بأن يؤتى بأحد هؤلاء المجاهدين المعذبين، كان لا بد أن يخرج أحدهم ويقدم شهادته، الأمر الذي سيكلفه عدم الخروج من غزة مجدداً كما هو معروف، إلا إذا تغير الحال بالطبع.



جاءت الشهادة من درويش الغرابلي، وهو قيادي في الجهاد قدم رواية تقشعر لها الأبدان، ليس من حيث طرائق التعذيب فقط، وإنما من حيث طبيعة التحقيقات والمعلومات التي سعى المحققون إلى انتزاعها منه ومن رفاقه الخمسة الذين كانوا معه في ذات الجولة "السياحية"!



من الصعب علينا نقل الشهادة التي قدمها الرجل، فهي طويلة ولا تحتملها هذه السطور، وتكفي الإشارة إلى أنها تتحدث عن رحلة عذاب استغرقت 51 يوما بدأت بتعصيب العينين والشتائم واللكم والضرب، ومن ثم التعرية وحفلات التحقيق المصحوب بتهديد الكلاب، والأهم باستخدام الصعق الكهربائي المتواصل، خصوصا للمناطق الحساسة من الجسم، فيما كانت أسابيعها الثلاثة الأولى هي الأبشع، لأنها مرت دون نوم بسبب الشبح والتعذيب المتواصل. وكانت النتيجة هي قول الرجل إن ما شاهده هو "غوانتانامو عربي".



الغرابلي خرج مقتنعا بارتباط ما جرى بأجهزة المخابرات الأميركية والإسرائيلية، لاسيَّما حين سألوه "عن تحركات الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، ورقم ولون سيارته، وطلبوا معلومات عن قيادات سياسية وعسكرية من الحركة وأماكن وجودهم وبيوتهم ومرافقيهم وأماكن سكناهم وأماكن تصنيع وتخزين الصواريخ والمعدات العسكرية في غزة"، فضلاً عن سائر المعلومات المتعلقة بالجناح العسكري للحركة، إضافة إلى سؤاله عن معلوماته حول مكان وجود الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط ورأيه في عملية أسره.



هذه شهادة نرجو أن لا يقابلها البعض بمنطق التعصب، فما جرى لا يعبر بحال عن المصريين الذين يحبون المجاهدين ويحبون فلسطين وأهل فلسطين، بقدر ما يعبر عن وضع سياسي له حساباته الخاصة التي باتت معروفة ومكشوفة. هل رأيتهم كيف وصف وزير إسرائيلي رأس هذا الحال بأنه "كنز استراتيجي"؟!



العرب (قطر)، 19/1/2010



تعليقات

المشاركات الشائعة