تعليق على فيديو ناس كفار.

هذا فيديو يقدم مضمونًا خطيرًا وهو مساعدة القادر لا بالمال للطفل والغسالة لحفيدته فقط (فتلك أشياء كمسكنات للألم لكن لا تعالج مرضًا ولا تحل مشكلة) فكان مساعدة الطفل بتمكينه من مواصلة التعليم هو أخطر ما حرص الفيديو على تقديمه كمعنى مُستنبط عقليًا وواجب على القادرين الأفراد لا يُتهاون فيه انتظارا لدعم الحكومة أو المجتمع المدني.
ذكّرني هذا الفيديو بحدث حقيقي منذ فترة بين شاب كان متجهًا بسيارته إلى محل عمله، وبين طفل سوري في مصر يبيع مناديل عند إشارات المرور ، حاول الشاب أن يعطيه مالاً زائدًا عن حقه فرفض الطفل المال الزائد في عزة نفس، وسعد به الشاب والتقط معه صورة وبدا الطفل سعيدا جدا وكانت تبدو على وجهه أمارات العز لا الذل والفاقة، وأنزل الشاب الصورة وحكى القصة على صفحته الشخصية وشاركها أحد المفكرين الإسلاميين واحتفى بها أعداد غفيرة علقت عليها، لكني كانت لي رؤية خاصة اشتممت منها رائحة دناءة تحزن لا رحمة واستقامة تفرح، هذه هي دناءة المسلم المتدين والمسلم الصالح الوطني الإنساني، إنه عقد عزمًا أكيدا على الالتزام بالإسلام والعمل به، أو على الالتزام بالوطنية والحداثة والعمل للصالح العام، لكن لسوء حظه لم يكن يتمتع بمعدن أصيل يعينه على الالتزام الطويل النفَس بما عقد عليه عزمه في لحظة، ولما كان غير ممكن بالنسبة له حل عقدة ما التزمه لتعذر الوفاء به؛ أنتج لا وعيه حيلَ متعددة ليرتاح ضميره ويتوهم الالتزام بما ألزم نفسه به ولا يضطر إلى حل العقد.
بهذه الحيل يهتم ويبذل جهدا في الشكليات التي لا يلمس المجتمع لها أثرًا أو انتاجًا حقيقيًا فتجده مثلا يطلب العلم الشرعي ويؤلف الكتب الشرعية والفكرية أو يؤسس مع أقرانه تنظيمات وتجمعات أو أحزاب سياسية للعمل الصالح العام باسم الإسلام أو باسم الوطنية الحداثية، وتجده يفتعل تبريرات متعددة من نصوص الدين وقصص التاريخ الإسلامي الجميل والصور المعاصرة العابرة السطحية ليحرف بها حقائق ما يحفه من واقع مأساوي، لينزع عنه مأسوايته أو يهبط بها إلى أدنى المستويات فيُشعر نفسَه أنه فاعل ومنتج وأن الأمور تسير إلى الأحسن بفعله وفعل من يرتقبهم إلى صفه في المستقبل.
وهكذا تظل الأمة في حلقة مفرغة من التخلف لا يُدرى أيهما أسبق ألتخلف الذي أنتج هؤلاء النشطين في المجتمع أم هم الذين يعيدون إنتاج التخلف في ثوب تقدمي؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة