لماذا ألح دائمًا على تخصيص شيوخي الأربعة؟ (2)

كتبت هذه الخاطرة ثم ورد حولها سؤال فجاوبت عليه.
نقحوا عقولكم قبل تنقيح التراث! لأن التراث لا يمكن تنقيحه! وقد أعجبتني د. هبة عزت لعلمها بهذه الحقيقة!. التراث مورد ثقافي كالموارد الطبيعية من جبال وبحار وصحاري، لا يمكن تنقيحها وإزالة المخاطر منها، ولكن يمكن باستعمال المورد البشري استغلالها أحسن استغلال والحذر من مخاطرها فقط! المشكلة في عقولكم أنتم! بل عقولكم ستنتج للأجيال القادمة تراثا يُضاف إلى جملة مشكلات التراث! السؤال: قولك ” ولكن يمكن باستعمال المورد البشري استغلالها أحسن استغلال والحذر من مخاطرها فقط!“
أوليس ذلك يعتبر تنقيحا ؟
جوابي: لدينا حاليا تيارات مسيطرة على ساحة الفكر ( مع تناقضاتها في بعضها) ترى أن مشاكلنا الدينية والفكرية ترجع إلى أخطاء التراث، فينشغلون بتصحيحه، وهذا المذهب منهم ناتج عن تشبعهم بألوان شتى من التفكير الخرافي، رصدتها دراسات غربية واسرائيلية وأرجعت سبب تخلفنا إليها، وهو عجز مفكرينا عن ممارسة التفكير التفصيلي والتجريدي والمركب، ولكنهم يفكرون تفكيرا بسيطا وشموليا وارتباطيًا. هم مدفوعون إلى ذلك المذهب بلا وعي كعادة أهل التفكير الخرافي يكونون على غير بينة بميتافيزيقا التفكير، ميتا تفكير، لا يقدرون على التفكير في التفكير. والفرق بين ذلك المذهب الخرافي وبين المذهب العلمي الذي تسبب في سؤالك، هو أن أهل المذهب العلمي لقدرتهم على ألوان التفكير العلمي وميتا التفكير، ينظرون إلى التراث في عيوبه وميزاته بوعي، فهم لا يبذلون جهدا ووقتا في قبول (أو إعادة إحياء) أو رفض أو إماطة اللثام عن أخطاء موهومة ....إلى آخر العمليات التراثية؛ إلا بوعي ميتا تفكيري في أهمية تلك العمليات للواقع المعاصر، ولو احتجت تطبيقا عمليا لكلامي التجريدي ودعواي هذه فاقرأ الأئمة محمد عبده ورشيد رضا ومحمد دراز وابن باديس في التفكير المعاصر وحاتم العوني وابن عاشور في دراسات التراث. ولذلك تجد أحيانا في كلام ومشاريع أهل المذهب الخرافي خفة وسفه عقل تدلك على أن صاحب هذا المشروع أو البحث يرى أن مشروعه أو بحثه وحده هو الذي سينتشر مطبوعًا في الكرة الأرضية وسيتسبب في فناء ما يخالفه مما هو موجود في التراث من عالم المطبوعات ليتحول إلى مخطوط أو يختفي عن أعين البشر أو أنه سيظل موجودا لكن الله سيصرف أنظار البشر يومًا ما عنه إلى المشروع الفكري أو بحث الإمام المجدد إمام الأئمة في التفكير الخرافي! وهو في الحقيقة لا يرى ذلك ولكن الخرافة والحمق تذهب بأصحابها إلى حيث لا يقصدون ولا يريدون

تعليقات

المشاركات الشائعة