إيفلين السويسرية حجة على كل مواطن وجماعة ومسؤول في مصر


تزامنت قراءتي تصريحا للأستاذ وائل غنيم مع قراءتي عن إيفان السويسرية .
صرح الأستاذ وائل غنيم" أن أحمد ماهر هو واللي زيه الأمل والأمل في مصر محبوس".
والحقيقة هي أن الأمل باق في مصر ولكنه ينتظر بشر من طراز خاص ليلتقطوه وينموه، والمسيطرون على ساحتنا حاليًا من ثوار ورجال أعمال وساسة ورجال دين وإعلاميين وغيرهم ليسوا من هذا الطراز، ولكنهم طراز آخر يُستخدم في خراب بلاده باسم الفضيلة والحرية والرخاء (وآثارهم خير دليل لمن يبصر) هؤلاء أبناء البلد بممارساتهم يقتلون الأمل في مصر (بحسن قصد أو بسوء نية) ويتحقق لكثير منهم مزايا مادية واجتماعية وسياسية.
ومن أشهر الأدلة على أن الأمل باق ينتظر من يحييه قصة "إيفلين" السويسرية ونشاطها في تنمة احدى قرى مصر الفقيرة التي تسمى قرية "تونس" بمحافظة الفيوم، قصتها متداولة في الكتب العلمية والأكاديمية المتخصصة في رصد تجارب التنمية في دول العالم المعاصر، وهذه احدى النصوص عنها من مقرر "المشروعات الصغيرة والتنمية" الذي يُدرس بأقسام العلوم الاجتماعية بجامعات مصر: "تعد قصة ايفلين السويسرية ضمن أسباب شهرة قرية تونس حيث لم تأبه بأرقى مدن العالم سويسرا وأغلى مستوى معيشه بها فتركتها وتخلت أيضا عن لغتها الأصلية، وبدلا من أن تعيش في قصور وشقق سويسرا الفارهة، أدارت ظهرها لذلك كله، وجاءت في عام 1965، وزوجها في ذلك الوقت الشاعر الغنائي الشهير "سيد حجاب"، ومنذ ذلك الوقت وهي تعيش بتلك القرية الخلابة، لمدة قاربت من 48 عاما، حيث تقيم في الفيوم داخل منزل ريفي بسيط يحيط به سور من الحجر والطب اللبن يطل على بحيرة قارون.
وتحولت ايفلين إلى فلاحة سويسرية على أرض الفيوم وأنشأت المشروع الأهم بالقرية جمعية "بتاح" وهو اسم فرعوني يعني المحب، لتدريب أولاد الريف والحضر على صناعة الخزف والذي يقوم بتدريب 15 تلميذا وتلميذة من أبناء القرية سنويا على فنون الخزف لينضموا إلى كتيبة الفنانين الذين تم عمل معارض لهم في مصر وفي العديد من الدول الأوروبية. وتؤكد إيفلين أن منتجات صناعة الفخار والخزف بالقرية تم تصديرها إلى مختلف دول أوروبا وتقام معارض بالقرية ويحضرها فنانون من مختلف دول العالم، وتشير إلى أنها تقوم بتعليم أبناء القرية فنون صناعة الخزف والفخار. ويُذكر أن الاتحاد الأوروبي يدرس تنفيذ مشروع سياحي كبير بالقرية بالتعاون مع وزارتي الاسكان والسياحة بالقرية على مساحة 5000 فدان لإقامة مشروعات الخزف والحجر الفرعوني وارخام ودراسة إنشاء مشروع لإنتاج السماد العضوي" انتهى النص.
ليس انبهاري بايفلين كانبهاري بأهل المواقف المحترمة الذين يعملون بالقطاع الخيري والخدمة والسياسي وغيره من القطاعات، ولكنه انبهار بأهل التفكير الاستراتيجي الذين يعملون بالقطاع التنموي ولا يقصرون جهدهم على ما هو خدمي خيري فقط (على أهميته)، لأن الذي يميز التنمويين عن الخدميين فضلا عن قاتلي الأمل من الحمقى والمغفلين المذكورين في أول المقال، إنما هو امتياز في التكوين العقلي والذهني والنفسي الكلي الذي يمنح صاحبه انتباهًا جيدا لعلوم ومعارف وأبحاث ومواقف وسياسات لا يجد غيره دافعًا نفسيا أو عقليًا للانتباه لها فيتوجه انتباهُه السقيم إلى معارف وأبحاث وسياسات أخرى يبذل جهده وطاقاته فيها، ولا يمكن لمجتمع أن ينهض من تخلفه إلا بأمثال هؤلاء التنمويين لا الخدميين أهل المواقف الجيدة فضلا عن قاتلي الأمل، وهذا التميُّز في التكوين العقلي والنفسي والذهني هو وحده الذي يسر لصحابة رسول الله(صلى الله عليه وسلم) أن يختلفوا عن غيرهم وينجحوا في النهوض بمجتمعهم ومجتمعات أخرى في العالم كله، وهو هو التميز ذاته (مع اختلاف عظيم في النوع والدرجة لا في الجنس) الذي جعل مفكري النهضة الأوروبية والآسيوية واليابانية وغيرهم من المعاصرين ينجحون في النهوض ببلادهم في مجالات عديدة حتى رأى الإمام محمد رشيد رضا (رحمه الله) أن أهل الحق والفضيلة من هؤلاء أمثال "هربرت سبنسر" فيلسوف الاجتماع الانجليزي من بقية الناس الذي مدحها الله (تعالى) بقوله {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ}
بمثل هذا التميُّز تنهض الأمم لا بالاقتصار على تميز أهل العمل الخدمي الخيري فضلا عن التميز السقيم لقاتلي الأمل من المؤدلجين غير الراشدين السابق ذكرهم في صدر المقال.
فكيف نتميز كتميز التنمويين؟
 https://www.makalcloud.com/post/b69bl6mip

تعليقات

المشاركات الشائعة