فائدة عن أمارات الساعة للدكتور محمد دراز

فائدة عن نوعي أمارات الساعة الكبرى أو القريبة، والصغرى أو البعيدة يقول الدكتور محمد دراز:" وكلا النوعين يرجع إلى أصل واحد، وهو انعكاس الأمور وانقلاب النظام. غير أنه في النوع الأول انعكاس فجائي مادي يتغير بعده نظام الكون كله أرضه وسمائه. وفي النوع الثاني انعكاس معنوي تدريجي تتغير فيه قواعد الاجتماع ، وصور الأخلاق، واتجاه العلوم، فترى الأمورَ مسندة إلى غير أهلها يتولاها شرارُ الناس وأراذلها، ويتحكم في أعاليها أسافلُها، وتنتشر ألوان الفسق وفنونه، وتتطاول أعناق الكفر وقرونه وتندرس العلوم النافعة فيفشو الجهل بالله وكتابه وحلاله وحرامه، وتتقدم علومُ الدنيا حتى يظن أهلها، أنهم قادرون عليها، فيزداد ركونهم واطمئنانهم إليها. ثم إن هذا الإنقلاب المعنوي قد لا يسير حثيثا ولا يأخذ خطا مستقيما، بل يقع فيه المدُّ والجزر فتهُبُّ ريحُ الحق حينا ثم تركد، ويبدو نور الاستقامة ثم يختقي، وتنزل بالناس العِبَرُ ثم تنكشف عنهم. وتمضي القرونِ، والأحقاب على هذه التقلبات، والدنيا على حالها كأنها ليست إلى زوال. فمن هنا، يطول، بالناس الأملُ في عمر هذه الحياة، ويستولي عليهمُ الغرورُ والأمنُ من مكر الله، بل يعتريهم وساوسُ الشك في وعد الله، فيقولون : { قَدْ مَسَّ آَبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ } وهذه سنة الأولين، وليس على وجه الأرض من جديد، حتى يفاجئهم الوعدُ الموعودُ في الوقت المحدود: { وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ } " المختار من كنوز السنة ص 296

تعليقات

المشاركات الشائعة