بل ماذا تريد أنت يا أستاذ فهمي هويدي؟

بل ماذا تريد أنت يا أستاذ فهمي هويدي. قرأت مقال" ماذا يريد السلفيون؟ " للأستاذ فهمي هويدي، فزادني مافيه عجبًا على عجبي السابق. وسأتكلم عن سبب عجبي من هذا المقال لا لكونه الوحيد المُثير للعجب، ولكن لكونه يصلح مثالاً على النمط السائد في طريقة التفكير وحل المشكلات في العالم العربي الاسلامي.



المنشغلون بالتغيير في العالم العربي في جملتهم ينظرون لأعراض المشكلة فقط، ويغضون الطرف عن المشكلة ذاتها، وهم فوق ذلك يتكلمون عن الأعراض باعتبار أنها المشكلة! مما يجعلهم دومًا لايصيبون الحلول بكلامهم ويظلون يدورون داخل حلقة مفرَغة لا نهاية لها، وهذه الطريقة في التفكير تُشبه ما يسمونه ب" حوار الطرشان" الذي لا تسمع فيه الأطراف بعضها، وإن ظللنا نتبع هذه الطريقة في التفكير فسنظل نجتر صراعات مُفتعلة ولا يدري العقلاء المتابعون للساحة في أي شيء بالتحديد يتصارع المتصارعون. فالأستاذ فهمي في مقاله يقول: (لم أفهم تدخل السلفيين بالشكل الحاصل الآن في ملف كاميليا شحاتة، رغم أن اختفاء مواطنة مصرية أمر يخص الأجهزة الأمنية ويتعلق بأعمال القانون وهيبة الدولة.) هل هذه المشكلة؟ أم هي عَرَض من أعراض المشكلة؟! فلايغيب عن من هو دون الأستاذ فهمي، فضلاً عن الأستاذ ذاته وهو من عمالقة المنشغلين بالساحة الفكرية العربية؛ أن المشكلة عند السلفيين ليست في إختفاء مواطنة مصرية! بل في إكراه مواطنة اختارت الإسلام دينا؛ على تركه -وكثيرات مستضعفات مثلها - كما قامت بذلك الأدلة الكثيرة من مستندات و شهود عيان من موظفي الأزهر وممن رافق وأعان كاميليا في طريقها الى الاسلام، إذا فالمشكلة مشكلة عقدية، والتقاعص في حلها يعني السماح بتكرار أمثالها كثيرًا في المستقبل بإعتبار الكنيسة دولة فوق الدولة مما يزيد المشاكل الطائفية ويهدد الأمن القومي لمصر، لا أنها مشكلة اختطاف مواطنة مصرية. ويقول الأستاذ فهمي (لم أفهم أيضا الإشكال الذي أثاروه بمطالبتهم باحتكار منبر المسجد بدعوى أن جمعية «الهداية» هي التي بنته وأن وزارة الأوقاف استولت عليه. وهي بالمناسبة معلومة غير دقيقة لأن الحكومة من خلال شركة المقاولين العرب هي التي أكملت بناءه وقامت بتشطيبه وحولته إلى تحفة معمارية مميزة. فضلا عن أنني لا أعرف أن أحدا يمكن أن يدعي أنه يملك مسجدا، حيث المساجد لله في نهاية المطاف. ثم إنني أستغرب المشاحنة واستخدام القوة في اعتلاء منبر أي مسجد، وتحدي وزارة الأوقاف في هذا الصدد.) وهذه أيضا عَرَض من أعراض المشكلة، ولا يغيب عن الأستاذ فهمي أن المشكلة الحقيقية في حال ثبوت بناء المسجد لجمعية الهداية ليست في إدعاء مجموعة ما امتلاك مسجد! وإنما المشكلة في أن السلفيين وسائر المسلمين يعتقدون بوجود علماء دين فاسدين مفسدين أهل بدع يفسدون الدين والدنيا وكما قال سلفنا الصالح ( من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود) وكل المسلمين يسمعون في بداية خطبة الجمعة حديث النبي –صلى الله عليه وسلم: -"كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" فالمشكلة إذًا في حال ثبت بناء المسجد لجمعية الهداية؛ هي في عدم السماح للفاسدين من العلماء بإطلاق يدهم فيه ،وحال المؤسسات الرسمية الدينية في مصر معروف للجميع!، ولا يصح إدعاء أن هذه المؤسسات ستتغير بعد الثورة لتوافق صحيح الدين!، لأن التغيير الذي رفعته الثورة يستهدف نظام الحكم فقط لا المؤسسات الدينية!.


طريقة أهل العلم والفكر من سلفنا الصالح في التفكير تتلخص في استقصاء كل تفاصيل الموضوع المطروح من أصوله إلى فروعه كما هو ظاهر جدًا في مؤلفاتهم المطولة، ولما تعلَّم الغربُ هذا المنهج من سلفنا الصالح – منهج الإستقراء – نهضوا نهضتهم الحديثة، فما عدت أدري هل أدعو المدعوين لاتباع طريقة سلفنا الصالح في التفكير أم في اتباع طريقة علماء الغرب في التفكير! إذ أصل طريقتهما واحدة.
وبعد أيام من كتابتي لهذا المقال نشرت صحيفة المصريون خبرا بعنوان(الشيخ حافظ سلامة متمسك بحكم القضاء.. مفاجأة: وزير الأوقاف يعترف بوجود ضغوط أمريكية لاستمرار مسجد النور تحت سيطرة الوزارة) وهذا رابطه


http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=58355
كتبه/خالد المرسي
نُشر هنا


http://www.khayma.com/almosleheenway...aj-%20(35).htm

تعليقات

المشاركات الشائعة