(من تجربتي في العمل بالمصانع)


(من تجربتي في العمل بالمصانع)
هناك فكر أوروبي مسيطر يرى أن العرب لا يستحقون العيش في بلادهم لأنهم لا يحسنون استغلال مواردهم الطبيعية الممتازة، ويرى هذا الفكر ضرورة بث الصراعات الداخلية في بلادنا تمهيدا لضربنا بقنبلة نووية تميتنا جميعا ويرثون هم أرضنا ليستثمروا في مواردها، وللأسف فرغم فظاعة هذا الفكر إلا أني لا حظت صدقه من عملي القصير في المصنع، ولعل المصنع هو نموذج مصغر للوطن، لا حظت في بيئة المصنع ملاحظتين بينهما تأثير متبادل.
1- التدهور العقلي والنفسي الشديد للأغلبية الساحقة من  الموظفين بمن فيهم خريجي كليات القمة، ومعنى هذا التدهور هو عدم ملائمة ردود الأفعال وفهم الطرف (أ) لأفعال وكلام الطرف (ب) المتفاعلان سويا، هناك عدم ملائمة ولا تناسب، تختلف حدتها وأشكالها من شخص لآخر تبعًا لاختلاف نفسيات وعقليات الأشخاص، إلا أن عدم الملائمة شائعة بين المتفاعلين.
2-  التدهور المهني، ورغم أني لا أفهم في مختلف المهن، إلا أن انطباعي أن هناك تدهورًا يتمثل في رتابة العمل ورتينيته داخل المهن والفنون المختلفة، وافتقاره إلى التفكير المتألق الذي يتمكن من إعادة ترتيب وتنظيم تفاصيل العمل المهني بغرض تجويده في ضوء سقف التطوير المتاح فعلاً وواقعًا في المصنع.
وبين هذين النوعين 1 و2 من التدهور تأثيرا متبادلا حيث أن التدهور 1 و 2 يحدثان في خلال بعضهما، فالموظفون يتفاعلون مهنيًا وشخصيًا في آن واحد، وفي فترات متلاحمة ومتداخلة ومتشابكة للغاية، ونحن وإن كنا نعلم سبب التدهور (2) وهو سوء التعليم المهني فما سبب التدهور (1) الأعم؟ هذا الأعم الذي يؤثر لا في المستوى المهني فقط، بل يؤثر في كل مناحي الشخص (حياته الأسرية والاجتماعية والدينية)؟!
خالد المرسي

تعليقات

المشاركات الشائعة